قبل أسابيع من الهجوم الإرهابي الذي قتل فيه مسلح 50 مسلماً في كرايستشيرش، هدد رجل بإحراق مصاحف خارج مساجد نيوزيلندا، فيما وصفته قيادات طوائف، بأنه أحدث تهديد في قائمة الأفعال التي تستهدف أقليات دينية وتنطوي على تهديد، حسب ما أوردت وكالة رويترز للأنباء، الأحد. قالت الشرطة، إنها حذرت رجلاً يبلغ من العمر 38 عاماً في ذلك الحادث الذي لم يكن له صلة بمذبحة كرايستشيرش لكنها لم تستطع معرفة ما إذا كان يمثل نمطاً سلوكياً. والسبب في ذلك يرجع إلى أن حكومة نيوزيلندا، على النقيض من دول غربية كثيرة منها بريطانياوالولاياتالمتحدة، لا تحتفظ بسجل شامل لجرائم الكراهية وتقاعست عن الاستجابة لطلبات في هذا الصدد من مؤسسات محلية ودولية على مدار أكثر من عشر سنوات. وقالت جانيت أندرسون بيدويس كبيرة المستشارين القانونيين بلجنة حقوق الانسان وهي هيئة حكومية مستقلة مكلفة بحماية حقوق الإنسان: “لسنوات عديدة كان رأينا أن من الضروري منح الأولوية لذلك وتنفيذه بشكل عاجل.. فمن الواجب أن تكون لدينا بيانات صحيحة”. وقد وجهت السلطات تهمة القتل للمسلح الذي يشتبه بأنه من أنصار فكرة تفوق الجنس الأبيض في هجوم كرايستشيرش ومن المقرر أن يمثل أمام المحكمة مرة أخرى في الخامس من أفريل. وفي أعقاب أسوأ هجوم من نوعه في نيوزيلندا طفت على السطح أسئلة عن المؤشرات التي لم تلتفت إليها المؤسسات والموارد التي كان يجب تخصيصها لحماية الطوائف المستهدفة. وأمرت رئيسة الوزراء جاسيندا أرديرن لجنة ملكية بالتحقيق في الهجوم. وقال أنور غني من اتحاد جمعيات نيوزيلندا الإسلامية، إن أدلة متفرقة تشير إلى زيادة في التصرفات المناهضة للمسلمين في السنوات القليلة الماضية. وأضاف “عندما يكون هناك حدث عالمي ساخن ويكون لمسلمين صلة به.. نشهد نبض جريمة الكراهية من أفراد بعينهم في المجتمع”. “ليس أولوية” قال جوريس دو بريس مفوض علاقات الأجناس في نيوزيلندا في الفترة من 2002 إلى 2013، إنه شعر بالانزعاج بسبب مؤشرات على زيادة التهديدات الموجهة للمسلمين وذلك عندما تولى منصبه في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001 في الولاياتالمتحدة. وأضاف أنه طلب مراراً من الحكومة والشرطة إنشاء نظام مركزي لتسجيل تفاصيل الجرائم المدفوعة بالكراهية والعنصرية. وأثار تلك القضية مع لجنة الأممالمتحدة المختصة بالقضاء على التمييز العنصري التي قالت في تقرير عن نيوزيلندا عام 2007، إن نقص السجلات يدعو للقلق وطلبت من الحكومة جمع بيانات عن الشكاوى من الجرائم ذات الدوافع العنصرية. وقال دو بري: “طالبت بذلك كل عام.. كتبت في مراحل مختلفة للحكومة عن هذا الأمر وكان يقال ببساطة إنه ليس ضرورياً وليس أولوية”. وفي أحدث تقاريرها عن نيوزيلندا كررت لجنة الأممالمتحدة مخاوفها في 2017 وطلبت من الحكومة تقديم بيانات لتقريرها التالي واعتبار ذلك من الأولويات. وعندما تولى وزير العدل وأجهزة المخابرات الحالي أندرو ليتل منصبه في أواخر 2017 قالت لجنة حقوق الإنسان في تقرير للوزير، إن البلاد بحاجة إلى نظام مركزي لرصد تفاصيل الجرائم المدفوعة بالكراهية والعنصرية وإن الخطوات التي تتخذها الشرطة في الوقت الحالي ليست كافية.وجاء في التقرير “إن تفهم حجم جرائم الكراهية ومداها وأماكن وقوعها أمر ضروري يمثل شرطاً ضرورياً لضمان توفر موارد كافية لمعالجة المشكلة”. ولم يرد ليتل على طلب من رويترز للتعليق، لكنه قال لوسائل إعلام محلية، السبت، إن القوانين الحالية المتعلقة بخطاب الكراهية غير كافيه وإنه سيعمل مع المسؤولين لمراجعة التشريعات بما في ذلك النظر في إضافة بند منفصل يخص جرائم الكراهية للقانون. وقالت الشرطة، إنها تتعامل بجدية مع جرائم الكراهية وإنها تتطلع باستمرار لتحسين أسلوبها في أداء مهامها. وقال متحدث باسم الشرطة عبر البريد الإلكتروني: “نحن نجري حوارات متواصلة مع قيادات الطوائف وممثليها فيما يتعلق بعدد من القضايا بما في ذلك كيفية تسجيل الشرطة للبلاغات عن جرائم الكراهية وجرائم التعصب”. وأعلن الحزب الوطني، الذي تولى السلطة من 2008 إلى 2017، أنه استحدث أثناء توليه الحكم تشريعاً لحماية الناس من الرسائل الضارة على الإنترنت. وقالت متحدثة باسم الحزب في رسالة بالبريد الالكتروني: “توجد بنود خاصة بخطاب الكراهية في قانون حقوق الإنسان لكن مسألة ضرورة جمع بيانات من عدمه عملية إدارية تخص الشرطة”. “لم ينصت أحد” لم يسبق أن نفذ متطرفون اعتداءات جماعية في نيوزيلندا على النقيض من أستراليا، غير أن أفراداً في المجتمع المدني يقولون، إن العنصرية موجودة تحت السطح على الدوام وربما كانت تتزايد. وقالت أنجم رحمن من المجلس النسائي الإسلامي في نيوزيلندا، إن المجلس لفت أنظار الحكومة مراراً على مدى السنوات الخمس الأخيرة إلى صعود اليمين المتطرف وإلى الخطر المتزايد الذي تشعر به المسلمات في نيوزيلندا. وأضافت “دون بيانات ودون قياس من الصعب فعلاً المطالبة بالتغيير.. أشعر وكأن الأمر لن يؤخذ بجدية”. ومضت تقول وكأن هناك “مقاومة لتوفير تلك البيانات”. وتشير دراسة أجرتها عام 2018 منظمة نتسيف المتخصصة في أمن الإنترنت إلى أن واحداً من كل عشرة بالغين في نيوزيلندا مر بتجربة تتعلق بخطاب الكراهية على الإنترنت وكان غالبية هؤلاء من ذوي الأصول الآسيوية. ومنذ 2002 ينص قانون على أن يأخذ القضاة في اعتبارهم عند إصدار الأحكام مشاعر العداء الموجهة لمجموعة من الناس تربطهم “خصائص عامة” مثل الجنس أو الدين. وأظهرت مراجعة أجرتها رويترز للسجلات وجود 22 قضية من هذا النوع منذ 2002 كان الدافع في أغلبها عنصرياً. من تلك القضايا مقتل طالب كوري وإلقاء قنبلة على معبد للسيخ وتهديدات لساسة من جانب شخص من غير المسلمين تظاهر بأنه إسلامي متطرف ووصف القاضي تلك الجريمة بأنها “محاولة متعمدة للاستفادة من الخوف العام من المتطرفين المسلمين”. ويقول خبراء في مجال حقوق الإنسان، إن العدد الحقيقي أعلى على الأرجح لأن السجلات المتاحة تشمل فقط القضايا التي تتعلق بأشد الاتهامات التي تنظرها أعلى محاكم نيوزيلندا ولا تتضمن عشرات الآلاف من القضايا التي تتعامل معها المحاكم الجزئية الأدنى كل عام. ومن تلك القضايا قضية كانت صحيفة نيوزيلاند هيرالد أول من تحدث عنها عام 2016 وسلم فيها رجل رأس خنزير لمسجد النور الذي تعرض للهجوم هذا الشهر. ووجهت السلطات لذلك الرجل اتهاماً بإتيان “سلوك مهين” وتظهر السجلات القضائية، أنه تم تغريمه 800 دولار نيوزيلندي (543 دولاراً أمريكياً). وتبين السجلات البرلمانية، أنه في 2017 سأل نواب الشرطة ما إذا كانت جرائم الكراهية تتزايد لكن قيل لهم إنه لا يمكن قياسها لعدم وجود سجلات لهذا التصنيف بعينه. وقالت لجنة حقوق الإنسان، إنها تلقت 417 شكوى تتعلق بالعرق في 2018 ارتفاعاً من 250 في 2014. ومن هذه الشكاوى 63 شكوى تتعلق “بالتنافر العنصري” وتتضمن خطاب الكراهية بزيادة نسبتها 26 في المائة عما كان عليه الحال قبل أربع سنوات. وقالت النائبة جولريز كهرمان محامية حقوق الإنسان السابقة التي ولدت في إيران وجاءت لاجئة وهي طفلة إلى نيوزيلندا، إنها تلقت عبر الإنترنت تهديدات بالقتل ورسائل كراهية للأجانب تضمنت وصفها بأنها “إرهابية” و”جهادية”. وأضافت أن أغلب الناس كانوا يشعرون بالأمان قبل هجوم كرايستشيرش، “أما الأقليات فلم تكن تشعر بذلك لكن لم ينصت أحد لها”. Before mosque attacks, New Zealand failed to record hate crimes for years https://t.co/k0oRXagoCJ pic.twitter.com/KeEqyI8wi4 — Reuters Top News (@Reuters) March 31, 2019