تصوير بشير زمري - الشروق لا يمكن لذكرى المولد النبوي الشريف أن تمر في الجزائر دون سماع دوي ال«تي.آن.تي»، كما لا يكمن لأي عائلة جزائرية أن تحيي الذكرى دون فرقعة 5 دنانير قيمة أرخص مفرقعة في السوق... قصة الجزائريين مع المفرقعات لا تنتهي بنهاية كل ذكرى... ليبقى السؤال دائما يطرح... كم يحرق الجزائريون من مليار في حرب «المفرقعات»؟ استناداً إلى أرقام الهيئة الوطنية لتطوير الصحة وترقية البحث بوجود 4 ملايين أسرة جزائرية، واستنادا إلى مؤشرات الواقع الجزائري بوجود أسر جزائرية تستهلك ما قيمته 20 ألف دينار، مع العلم أن عائلات جزائرية لا تترد في شراء «تيتانيك» وهو عبارة عن سفينة تطلق أكثر من 500 نوع من المفرقعات وهي الأغلى في السوق الجزائرية بثمن يقدر ب30 ألف دينار، فيما تستهلك أسر معوزة كأقل ثمن ما قيمته 500 دينار جزائري وبأخذ متوسط يقدر ب4000 دينار لمجموع 4 ملايين أسرة نجد أن العائلات الجزائرية تنفق حوالي 16 مليار دينار كمبالغ مالية باهظة تفرقع في ليلة المولد والليالي التي تسبقها.من جهة أخرى، تكشف مصادر من الجمارك الوطنية عن حجز ما قيمته 14 مليار دينار ل70 حاوية منها 20 حاوية مفرقعات تم حجزها منذ بداية السنة، فيما توجد 50 حاوية بمختلف موانئ الجزائر تم حجزها السنة الماضية، قيمة كل حاوية 2.5 مليار دينار. هذا وأكدت مصادرنا أن قيمة المفرقعات المتداولة في السوق تفوق 10 ملايير سنتيم عبر مختلف ولايات الوطن، مبلغ مثل هذا يؤكد مقاولون في البناء أنه بإمكانه بناء مشروع سكني يتكون من 200 شقة بكامل متطلبات الحياة من مرافق صحية، مدرسية وبكامل تجهيزاتها..، 16 مليار دينار أيضا بإمكانها أن تستورد ما قيمته ربع الكمية المستوردة من القمح سنويا، 16 مليار دينار أيضا بإمكانها أن تقدم كقروض للشباب لفتح مناصب عمل، مشاريع استثمارية،... 16 مليار دينار تفتح في كل بلدية من بلديات العاصمة على الأقل 04 محلات تجارية... بالإضافة إلى أرقام استهلاك الجزائريين للمفرقعات تتصاعد منحنيات ضحاياها، حيث أحصت المديرية العامة للحماية المدنية 1500 تدخل العام 2006، وأغلبها حرائق تسببت فيها الشموع التي تبقى مشتعلة في البيوت الجزائرية أمام وقوفهم مطولا في شرفات المنازل من أجل مشاهدة أضواء المفرقعات. حبّ الجزائريين وتعلقهم بالمفرقعات من سنة إلى أخرى على عكس كل الشعوب العربية أسطورة مستوحاة أصلا من تقليد أعياد الغرب في الاحتفال بمولد المسيح عن طريق إشعال المفرقعات، غير أن الفرق بين أوربا والجزائر أن الكمية المستهلكة هناك يتم استيرادها وفق كميات محددة وبقيمة محددة ولا يحق استعمالها لا في الطرقات ولا في المنازل وإنما يتم إشعالها عشية ذكرى مولد المسيح من السلطات المسؤولة ويكتفي المواطنون بمشاهدتها وأخذ صور تذكارية ليلتها. أما هنا في الجزائر فترمى عمدا حيث يتم التبادل والرشق بالمفرقعات بين الجيران، الأطفال وحتى الكبار، فمن الظلم أن نلصق جرم انتشارها بشريحة الصغار، كون الكبار هم من يشترونها لأطفالهم، ليتم عشية كل ذكرى من مولد المصطفى حرق حوالي 16 مليار في ليلة أشبه ما تكون «بحرب المفرقعات». المدير العام للجمارك يكشف ل"الشروق" : حجز 40 حاوية من المفرقعات وتوقيف 400 أخرى بميناء العاصمة كشف المدير العام للجمارك، للشروق اليومي، على هامش اختتام زيارته الى ولاية إيليزي، بأنه تم حجز 40 حاوية من المفرقعات وتوقيف 400 أخرى على مستوى ميناء الجزائر العاصمة. كما كشف محمد عبدو بودربالة، بأن القانون الخاص بسلك موظفي الجمارك سيدخل قريبا حيز التنفيذ، في انتظار المراسيم التنفيذية الخاصة به. ومن جهته تحدث عن مراجعة النطاق الجمركي للولايات الحدودية ومنها ولاية إيليزي التي بها 400 كلم من النطاق الجمركي، كما كشف عن انطلاق عملية تكوين الفرق الجمركية المتواجدة بالمناطق البترولية بغرض الرفع من مستوى أعوان الجمارك المكلفين بمراقبة الشركات البترولية الوطنية والاجنبية بخصوص إنتاج وتصدير البترول والغاز. ومن هنا جاء حسب مدير الجمارك، التفكير بإنشاء فرق مختصة في المراقبة الجمركية في قطاع المحروقات عبر 23 نقطة تفتيش ومراقبة بولاية إيليزي، مبرزا امتيازات خاصة سيحملها القانون الجديد للجمارك بخصوص العاملين بالمناطق الحدودية وخاصة بولايات أقصى الجنوب مع تدعيمهم بمختلف الوسائل المادية والبشرية وأجهزة اتصالات متطورة بغرض السيطرة على مراقبة الحدود خاصة ما يتعلق بتهريب السلع وبالدرجة الاولى المخدرات التي أصبحت ولاية إيليزي ضمن المناطق التي يسلكها المهربون. ووقف بودربالة عند حجم عمليات تهريب الاثار على مستوى فرقة محاربة تهريب وحماية التراث بمفتشية أقسام الجمارك بجانت، والتي قامت في الآونة الأخيرة فقط من حجز 242 قطعة أثرية على مستوى مطار تيسكا بجانت، كانت مهربة نحو اوروبا، بالاضافة الى حجز أكثر من 20 عربة نقل استعملها المهربون في التهريب خاصة مادة الوقود باتجاه دولتي النيجر والمالي. 34 حريقا و 11 مصابا نتيجة الاستهتار أحصت المديرية العامة للحماية المدنية إصابة 11 شخصا بحروق جرّاء الألعاب النارية والمفرقعات من 2005 إلى السنة الماضية، بينما لم تسجل بعد أية حالة لهذه السنة.وسجلت ذات المصالح العام الفارط 17 تدخلا في نشوب 16 حريقا على مستوى العاصمة، وحريق بمدينة عنابة. أما سنة 2006 فقد سجل 18 حريقا أصيب فيه 5 أشخاص، 12 منها كان بالعاصمة أيضا.وأكّد الملازم بالمديرية العامة للحماية المدنية نسيم برناوي ل»الشروق اليومي« أن عدد الحرائق في تناقص مستمر، إذ كان مرتفعا سنة 2005 التي سجل فيها 61 حريقا تضرر فيها 6 أشخاص، مشيرا إلى أن كل هذه الحوادث لم تخلف أيّ قتيل بخلاف الحروق متفاوتة الدرجة والتي عولجت عبر المستشفيات داخل الوطن، لكن هذا لا يمنع من أهمية التحسيس والتوعية.وذكر نفس المصدر أن أغلب المصابين كانوا من الشباب والأطفال المولعين باستخدام هذه الألعاب بعيدا عن أنظار الكبار.وعن الأماكن التي اندلعت فيها الحرائق فهي شرفات العمارات وبداخلها، أسطح العمارات مع حرائق المزابل والأشجار، لتداول الصغار والمراهقين عليها.كما نبهت المديرية إلى ضرورة الحذر في أوقات الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وفي الأماكن التي توقد فيها الشموع وإلزامية إبعادها عن الأطفال، بالإضافة إلى تحري الدعامات البعيدة عن الأشياء القابلة للالتهاب وتوعية الصغار بخطورة الألعاب النارية والحيطة في استخدامها، كما نوّهت لتفادي أن تزاول هذه الألعاب بعيدا عن ناظري الأولياء لضمان التدخل السريع حال حدوث أية خطورة. احتفالات الجزائريين بالمولد النبي... طقوس بوذية لا يفقه الجزائريون الهدف وراء استعمال المفرقعات في الاحتفالات الدينية، حيث تجدهم يقلدون غيرهم دون العلم بالخلفية العقائدية الحقيقية من وراء هذه المواد المتفجرة التي يصدّرها الصينيون لمختلف بلدان العام الإسلامي، خاصة الجزائر المغرب وليبيا عن طريق دول الخليج، وهم بذلك يروجون لطقوسهم الدينية بالدرجة الأولى لأنهم أول من استعمل المفرقعات في الطقوس الدينية البوذية في القرن الثامن حيث كانوا يبدأونها بتفجير أوراق محشوة بملح البارود وتركيبه الكيميائي »نترات البوتاسيوم«، وهو مايعرف ب«البارود الأسود الخام«، وسُمّي بذلك لأنه قابل للاشتعال عند التسخين حيث يتسبب في صدور أضواء وأصوات مرتفعة لاستقطاب الأطفال الذين كانوا يستحسنون هذه الطقوس فتجدهم ينتظرون هذه المناسبات بفارغ الصبر للاستمتاع بطقوسها المثيرة التي عادة ما تقام لجذب الانتباه.وقد دخل هذا التقليد إلى دول جنوب شرق آسيا وامتزج بعادات الناس هناك خاصة منها الدينية، واغتنم الصينيون مناسبة احتفال المسلمين بالمولد النبوي الشريف للترويج لمعتقداتهم وتقاليدهم وصناعتهم التي تزداد خطورة سنة بعد أخرى. فالمفرقعات التي كانت تستعمل قبل خمس سنوات مختلفة تماما عن التي تصنع اليوم بعد أن تحولت إلى قنابل يتقاذفها الأطفال دون مراعاة الأخطار الناجمة عنها. ومما يزيد من أخطار هذه المتفجرات هو تعتيم الشركات الصانعة لها عن المواد الداخلة في تركيبها فقد تحتوي على مواد خطرة وشديدة التفاعل كمركبات النيتروتات التي تستخدم مثلاً في البارود، إذ نجد أن هذه التفاعلات تنتج مواد ضارة بالإنسان وبالبيئة المحيطة سواء على المدى القريب أو البعيد. كما أن بعض الألعاب النارية لا تكتفي بإنتاج اللهب والغازات بل أيضا ضوءا ناتجا عن مواد فسفورية لها مخاطر سريعة وقوية على النظر خصوصا على الأطفال. المفرقعات تسبب الصمم والعمى حذر رئيس الهيئة الوطنية لترقية الصحة وتطوير البحث، البروفسور مصطفى خياطي، في تصريح ل "الشروق اليومي" من المضاعفات الصحية غير المباشرة للمفرقعات الكبيرة الحجم التي تنبعث منها أصوات مدوية قد تتسبب في تمزيق طبلة الأذن أو التأثير النسبي عليها والذي يتحول مع مرور الوقت إلى مرض يتسبب في الفقدان التدريجي لحاسة السمع وخلل في عمل المخ على غرار ما حدث لكثير من الأطفال.وأضاف أن المفرقعات تحتوي على مواد كيميائية خطيرة ومجهولة يتسبب انبعاثها في أضواء تأثر على وظيفة العين التي تعتبر العضو الأكثر حساسية في الجسم، حيث تتعرض لحروق على مستوى الملتحمة وتمزق في الجفن، أو دخول أجسام غريبة في العين، أو انفصال في الشبكية، وقد يؤدي الأمر في إلى الفقدان الكلي للبصر، ناهيك عن التشوهات الخلقية والحرائق وبعض حالات الإعاقة الناتجة عن هذه المواد.