تتعرض الحكومة في الوقت الراهن إلى ضغوطات من المنظمة العالمية للتجارة لتدفعها إلى التراجع عن منع استيراد السيارات الأقل من ثلاث سنوات، و هو الأمر الذي تنظر إليه الحكومة بمحمل الجد. و من المرتقب أن يتم رفع الحضر عن استيراد السيارات ذاتها باعتماد إجراء سيدرج إما في مشروع قانون المالية الأولي للسنة المقبلة أو لسنة 2009 كشرط جديد من الشروط التي تفرضها المنظمة العالمية المذكورة لانضمام الجزائر إليها حسبما أكده للشروق اليومي مصدر حكومي مطلع على الملف. الذي أفاد أيضا أن مآخذ المنظمة تمتد أيضا إلى إجراء رفع السقف الإجباري لرأسمال شركات الاستيراد و التصدير إلى 2 مليار سنتيم و تدعو إلى إلغائه أيضا. و أوضح المصدر ذاته أن إطارات وزارة المالية يعملون على التحضير لإبطال المادة 10 من الأمرية رقم 05-05 المؤرخة في 25 جويلية 2005 و المتعلقة بقانون المالية التكميلي لسنة 2005، وهي المادة التي تمنع استيراد السيارات ذات العمر الأقل من 3 سنوات لتضاف إلى كل السيارات القديمة الممنوعة من الاستيراد. فالمسألة حسب ما تقوله مصادر الشروق اليومي مرتبطة بكون المنظمة العالمية للتجارة تطالب برفع كل القيود الجمركية و القانونية لحركة السلع و لا تحبذ أن تتبنى أية دولة، عضوة فيها أو تلك التي تريد الانضمام المستقبلي إليها، أي إجراء يسير في اتجاه معاكس لمنطق وجود المنظمة ذاتها و هو حرية التجارة الخارجية للدول. و قد أصدر رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قانون المالية التكميلي لسنة 2005 بأمرية رئاسية في منتصف سنة 2005، قانون حمل في طياته مادتين رفض أعضاء المجلس الشعبي الوطني المصادقة عليهما في قانون المالية الأولي لسنة 2005 و يتعلق الأمر بمادة حضر استيراد السيارات الأقل من 3 سنوات و مادة مرتبطة بإبطال منع استيراد الخمور المعتمد في قانون مالية 2004 بمبادرة من حركة الإصلاح الوطني، و هما إجراءان كانا يثيران جدلا سياسيا و اقتصاديا و إعلاميا كلما تم التطرق إليهما. و قد تكررت محاولات الحكومة من أجل منع استيراد السيارات المذكورة في إطار مشاريع قوانين المالية الأولية للسنوات السابقة بعرض الإجراء على أعضاء البرلمان لمناقشته و المصادقة عليه لكن هؤلاء الأخيرين كانوا دائمي الرفض له تبعا للجدل الذي أثاره الرافضون و المناصرون للمنع. و قد كللت مطالب و ضغوطات الموزعين الحصريين لعلامات السيارات العالمية في الجزائر بالنجاح بتبني منع استيراد السيارات تلك عن طريق إدراجه في قانون مالية التكميلي أصدره رئيس الجمهورية بأمرية بعيدا عن مناقشة النواب له لتجنب أي عامل مفاجأة أصبح تقليدا تبناه أعضاء المجلس الشعبي الوطني في عهدته التي انتهت، و هي ضغوطات كانت مبنية على خلفية الاستحواذ على نصيب أكبر من السوق الوطنية للسيارات بإجبار الجزائريين على التعامل معهم من أجل شراء السيارات أو التسول في الأسواق المحلية لاقتناء سيارات مستعملة. و ما فشل فيه النواب السابقون للبرلمان أصبح قاب قوسين أو أدنى أن تنجح فيه المنظمة العالمية للتجارة، منظمة تطالب أيضا بأن تلغي الحكومة الجزائرية الإجراء الذي ألزم المستوردين برفع سقف رأسمال شركاتهم إلى 2 مليار سنتيم على الأقل و هو إجراء تم تبنيه أيضا في قانون المالية التكميلي لسنة 2005 و دخل حيز التنفيذ في 26 ديسمبر 2005 و ترى المنظمة للقرار ذاته على أنه من معيقات حرية حركة السلع بين الدول العضوة في المنظمة. و قد تراجع عدد المستوردين الجزائريين بشكل محسوس تبعا لفرض إلزامية رفع رأسمال شركاتهم، فبعد ستة أشهر فقط من دخوله حيز التنفيذ أغلقت أكثر من 11 ألف شركة تصدير و استيراد أبوابها حسب معطيات قدمها المركز الوطني للسجل التجاري في منتصف سنة 2006. انخفاض عدد المستوردين بسبب إجراء قانوني هو معيق غير اقتصادي في نظر المنظمة العالمية وتعتبره سدا إضافيا يحول دون تدفق السلع العالمية إلى السوق الجزائرية، و من الواجب حسبها أن تكسر الحكومة الجزائرية تلك العراقيل إن أرادت الانضمام إلى المنظمة العالمية للتجارة، و هو الهدف الذي ما زالت الدولة الجزائرية تهرول من أجل بلوغه. سليم بن عبد الرحمان