تبنى نواب المجلس الشعبي الوطني من خلال مشروع قانون المالية لسنة 2009 الذي تمت المصادقة عليه بالأغلبية، زيادة في قيمة النقطة الاستدلالية المنصوص عليها في المادة 2 من القانون رقم 85-03 من 10 إلى 40 نقطة استدلالية عن كل سنة مشاركة في حرب التحرير الوطني، وهو المقترح الذي رفعه نواب من حزب جبهة التحرير الوطني، وفي المقابل رفض المجلس التصويت لصالح إلغاء الضريبة الخاصة باقتناء سيارات جديدة التي أقرتها الحكومة في قانون المالية التكميلي. لم تخل جلسة التصويت على مشروع قانون المالية لسنة 2009 نهاية الأسبوع المنقضي من الجدل السياسي بين مختلف التيارات السياسية، وهو الجدل الذي أثارته مقترحات بعض النواب بإلغاء الضريبة التي فرضتها الحكومة قبل شهرين عند اقتناء السيارات الجديدة خاصة وأن نائب كتلة الأفلان سحب التعديل الذي اقترحه بعد اجتماعه بلجنة المالية والميزانية واقتناعه بالمبررات التي قدمتها اللجنة والتي تؤكد أن الإجراء "يسمح بالاستفادة من تخفيض الأسعار وتحويل المداخيل المحولة لمنتجي السيارات لفائدة الاقتصاد الوطني، كما أشارت في ذات الأساس إلى انه يحفز صانعي السيارات على التوجه نحو نشاط التصنيع والتركيب داخل الوطن إضافة إلى أن حاصل الرسم و المقدر ب 13 مليار دينار سيخصص لدعم أسعار النقل العمومي"، وفي المقابل تمسك نواب حمس وحزب العمال والإصلاح بالتعديلات التي اقترحوها وهي المادة 20 مكرر، وصوت أغلبية النواب ضد المادة المقترحة، وقد برر نواب من الأفلان والأرندي تصويتهم ضد المادة بأنه من الناحية الأخلاقية لا يجوز تعديل مادة سبق التصويت عليها قبل أقل من شهرين، وارتأوا إعادة النظر فيها على الأقل بعد سنة. أما ثاني قضية أثارت جدلا خلال جلسة التصويت فهي المادة 60 مكرر التي اقترحها حزب العمال والتي تنص على منع استيراد الأدوية المنتجة محليا، حيث دعت مندوبة أصحاب التعديل وزير المالية إلى التدخل وإدراج تعديل شفوي على مشروع القانون باعتبار أن مجلس الحكومة صادق الثلاثاء الماضي على إجراء يحظر على المستوردين استيراد الأدوية المصنعة محليا، وقد أكد رئيس لجنة المالية الطيب النواري التمسك برأي اللجنة الرافض للمادة المقترحة على اعتبار أن المقترح لا علاقة له بمشروع قانون المالية، وهو الرأي نفسه الذي ذهب إليه كريم جودي وزير المالية عقب التصويت، مؤكدا أن مشروع قانون المالية لا يعد الإطار التنظيمي الأنسب لإقرار هكذا إجراء. وفي المقابل تبني نواب المجلس الشعبي الوطني مقترح التعديل الذي قدمته نائبة حزب جبهة التحرير الوطني صليحة جفال والذي ينص على رفع الزيادة المنصوص عليها في المادة 2 من القانون رقم 85-03 المؤرخ في 2 فيفري 1985 من 10 إلى 40 نقطة استدلالية عن كل سنة مشاركة في حرب التحرير الوطني على أن يستفيد من هذه الزيادة المجاهدون الأجراء الذين لا يتجاوز دخلهم الشهري ثلاث (3) مرات الأجر الوطني الأدنى المضمون أي 36 ألف دينار، وقد رفض وزير المالية التعليق على تبني المجلس للمادة، وتجدر الإشارة إلى أن هذا التعديل الذي أدخله النواب على المشروع تترتب عليه زيادة في الميزانية تقدر ب7 مليار دينار. كما تم تبني اقتراح احد النواب بمراجعة توزيع حاصل الرسم على تأسيس عقد من أجل ممارسة نشاط استغلال المقالع والمحاجر بتخصيص 70 % بدل 50 % لفائدة الجماعات المحلية و 30 % بدل 50 % لفائدة صندوق الأملاك العامة المنجمية . وقد ناقش المجلس حوالي 87 اقتراح تعديل مقدمة من طرف النواب اقر منها 5 اقتراحات فيما أبقى على الباقي دون تغيير، إضافة إلى قبوله ل 5 اقتراحات لمواد جديدة أدخلتها اللجنة معظمها من حيث الشكل. وأوضحت اللجنة في تقريرها التكميلي إلى أن إصدار هذا التقرير تم على أساس ضرورة الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى بالنظر إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية الراهنة وانعكاساتها الاقتصادية إلى جانب ظروف تراجع أسعار النفط في السوق الدولية وتأثيراته على موارد الميزانية، كما أوصت باتخاذ التدابير الكفيلة بتأجيل تسديد الديون المستحقة على مؤسسات الأجراء وذلك وفق رزنامة طويلة المدى إضافة إلى "الحرص على ضرورة إجراء تقييم مالي شامل للمؤسسات العمومية قبل الشروع في أية عملية تطهير لها"، وطالبت بضرورة تدعيم مفتشي النوعية التابعين لوزارة التجارة بالوسائل المادية و المالية اللازمة لأداء مهامهم علاوة على إحداث غرفة للمستشارين الجبائيين تتولى تسيير العلاقة بين وزارة المالية من خلال المديرية العامة للضرائب والمكلفين بالضريبة. و قد أوضح جودي للصحافة عقب التصويت على القانون أن التغييرات التي أحدثت على النص القانوني «لم تكن كبيرة لدرجة إحداث تغيير هام فيه"، مشيرا في ذات الصدد أن النص القانوني " قد تضمن تدابير و أحكام تشريعية تهدف إلى تخفيف الضغط الجبائي وتبسيط الإجراءات الجبائية وتشجيع طرق تمويل جديدة ومكافحة التهريب والتزوير وتشجيع النشاط الاقتصادي والاستثمار وتسهيل الحصول على السكنات بالنسبة للعائلات وتدابير أخرى لفائدة الموردين والبنوك وكذا تعزيز مكافحة الغش الضريبي".