من المشاكل المستعصية، الواجب حلّها اليوم قبل الغد، هي أن النخبة، منذ 22 فيفري الماضي، لم تعد تنتج المقترحات والأفكار والبدائل، بقدر ما غرقت في التحليل وإبداء الرأي وتشخيص الأمور، وهو ما أجّل الحلّ الممكن تنفيذه، والذي قد تتوافق حوله الأغلبية، بعيدا عن منطق الإجماع، وقد يكون التوافق حلا من الحلول، في غياب إجماع يسقط من السماء! الآن، وقد وصل الحراك الشعبي، إلى الجمعة ال11، المطلوب والمرغوب، حسب عقلاء، أن يسعى هؤلاء وأولئك، في المعارضة وبقايا الموالاة، و”بقايا” السلطة السياسية، إلى جانب الحراك طبعا، يسعون جميعا إلى اختراع الحلّ الذي بإمكانه أن يرضي “جميع الأطراف”، ولا يظلم أيّ طرف، ولا يهمّش أيّ جهة ترى نفسها كانت مقصاة أو مظلومة! الأكيد، حسب ما يراه متبصّرون، أن الحوار والمفاوضات، هي أقصر طريق نحو الحلّ، وأن “تقديم تنازلات”، هنا وهناك، سيكون أيضا البلسم الذي يسهّل تقريب المسافات وتنقية الأجواء ولمّ الشمل، من أجل الخروج ببديل ينهي حالة الاحتقان و”ركوب الرأس”، ويضع حدّا للجدال والسّجال، بما يحقق مطالب الشعب، ويحافظ على الجزائر، بوحدتها وأمنها واستقرارها وسيادتها! لا يُمكن للتطرّف في المواقف والذاتية والأنانية والنرجسية و”العدمية”، أن توصل إلى الحلّ أو الحلم المنشود، فالتوافق على مخرج النجدة، يجب أن يسبقه توافق على جدوى تقريب وجهات النظر، والتخلّي عن الأحكام المسبقة، وعدم رفض كلّ شيء من أجل لا شيء، أو قبول أيّ شيء من أجل أيّ شيء! لقد أثبتت الأيام والأسابيع، طوال السبعين يوما الماضية، أن الطبقة السياسية، وقفت فاشلة عاجزة مكبلة، وأحيانا متفرّجة، غير قادرة، وأحيانا غير مؤهّلة، لتقديم المقترحات، وإقناع الرأي العام، وحاولت في أغلب الوقت “سرقة” لسان الحراك والسطو على شعاراته، وبدل أن ترفع هذه الأحزاب “مطالبها”، فإنها كلما سُئلت قالت إن “الحراك قال” و”الحراك يقول”، لكنها قالت بالفمّ المليان إنها ليست ناطقا باسم هذا الحراك، وإنها لا تمثل إلاّ نفسها! لعلّ، أروع مكسب حققه الحراك الشعبي، هو أنه عرّى السياسيين تعرية كاملة، وكشف عوراتهم، وفضح الكثير من قيادات الأحزاب والتنظيمات، بنفس الطريقة التي عزل بها الحكومة والوزراء ومختلف الهيئات التنفيذية التابعة لها على المستوى المحلي، بالولايات والدوائر والبلديات! هناك سياسيون يريدون ركوب الموجة، ومنهم من لا يريد الذهاب إلى انتخابات حرّة ونزيهة، حتى ولو تم تنظيمها بعد 5 سنوات من الآن، لأنهم يعرفون حجمهم ونسبة انتشارهم، وهناك آخرون لا يريدون أيّ اقتراع لا يفوزون به، وآخرون يُريدون استمرار الأزمة حتى يستمرّوا في الظهور والتسلّل إلى واجهة الأحداث، لكن عندما يتعلق الأمر بالحلّ والبديل، فإن السكوت يخيّم على الأجواء!