الفنانة مها الصالح التي خصت مهرجان المسرح المحترف بآخر عرض مسرحي "بعة المجنون" خصت أيضا الشروق بهذا اللقاء الذي شكرت فيه زوجها الفنان أسعد فضة وفتحت النار على المسرح التجريبي والفنانين المنساقين وراء هوس التلفزيون على حساب المسرح، كما ثمنت رأي أنزور فيهم ولم تغفر لباسم ياخور المغالطات التاريخية في مسلسل خالد بن الوليد. بين المسرح والتلفزيون..أين هي مها الصالح مؤخرا؟ منذ خمس سنوات تقريبا تفرغت كليا للمسرح، وآخر فيلم في السينما هو إنتاج مشترك سوريفرنسي للمخرج أسامة محمد الذي شارك في مهرجان كان، أين حضرت منذ ثلاث سنوات عرضه الأول. بالنسبة لآخر عمل في المسرح هو ما شاركت به أمس في فعاليات مهرجان المسرح المحترف "قبعة المجنون" للكاتب الإيطالي بيرانديلو، إعداد النص كان على يد المخرج العراقي قاسم محمد. كما أخرجت العديد من الأعمال، خاصة المونودرامية أو التي تجمع شخصين "الحوارية"، أما هذا العمل "قبعة المجنون" فقد جمع خمس نساء وثلاثة رجال، ففضلت ألا أمثل فيه لكي أتحكم جيدا في المشهد المسرحي، خاصة وأن بيرانديلو صعب ويحتاج إلى احترافية كبيرة. إذن مها اليوم تمشي عكس التيار الذي يقوده اغلب الفنانين، أي التوجه إلى التلفزيون والسينما على حساب المسرح؟ - أنا أحسست أن المسرح أعطاني وأنا أعطيته. فقد أتيحت لي فرصة المشاركة مؤخرا بمهرجانات دولية مهمة على غرار مهرجان بريطانيا، ألمانيا، ايطاليا، فرنسا، هذه الأخيرة عرضت بها مسرحية "شجرة الدر" للكاتب التونسي عز الدين مدني. بالنسبة لي هذا واجب وحب متبادل. ولكن للإشارة هذا لايعني أنني لا أحب التلفزيون والسينما، ولكن كما تفضلت بالسؤال هناك موجة قوية مؤخرا ونزوح من المسرح. مثلا حدث معي بالجزائر هذا الأسبوع شيء يدعم تنامي الظاهرة، حيث اعتذر صاحبي دورين أساسيين في مسرحية "قبعة المجنون" بعد ما استخرج لهما قرار الإفادة وتأكدت بطاقات السفر، وخلف هذا الموقف ضررا، خاصة وأنني ممثلة لوزارة الثقافة السورية والمسرح القومي نتيجة أنهما تلقيا عروضا تلفزيونية، أنا استغرب من فنان يتنازل عن دور بطولة في مسرحية مقابل عشرة مشاهد تلفزيونية. الحمد لله لايزال الإبداع بخير مادام أمثال المخرج عبد السلام بدوي موجودين، هذا الشاب نجح مؤخرا كثيرا في أعمال الأطفال وهو مساعد لي. كان مخلصا وفي المستوى المرجو من الجيل الصاعد. وعليه أقول أن أزمة المسرح التي نعلقها عادة على أمور ثانية هي في الحقيقة ملتصقة بالفنان نفسه، لأنه هو من يخلق الأزمات. ألم يحدث معك نفس الشيء يوما ما؟ بلى،أتذكر أنني وضعت في نفس الموقف، حيث كنت بمسرح الحمراء بدمشق وكنت بصدد التحضير لعمل مسرحي، جاءني مخرج ليعرض علي عملا مهما، بل وأحدث ضجة جماهيرية كبيرة بعدها بنجاحه، لكنني يومها اعتذرت ورفضت الالتحاق بفريق العمل التلفزيوني في الأردن وهو "دليلة والزيبة" تصمت ثم تواصل التلفزيون أخذ عقول الفنانين. على ذكرك لأزمة المسرح في الوطن العربي التي تعلق على النص أحيانا وعلى الإخراج أحيانا أخرى، ما هي خلفية تعليقك لها على الممثل؟ - الإشكالية الأولى المطروحة بقوة هي لماذا قدم العرض بهذه اللغة ولم يقدم بأخرى؟ انا أقول أن العمل يتحدث عن نفسه وهو أيضا من يقول بأي لغة أو بأي لهجة محكية يقدم، ونفس الشيء بالنسبة للإخراج، "قبعة المجنون" مثلا قدمت باللهجة السورية. هذا على صعيد اللغة، أما البعض لم يفهموا أن للمسرح أشكالا، صحيح وجميل تبنيها، ولكن دون المبالغة فيها. تقصدين وصفك للمسرح التجريبي "بالتخريبي" لكثرة المبالغة في التعاطي معه؟ - البعض لم يفهم ما معنى المسرح التجريبي فبالغوا وحولوه إلى تخريب، وأقول البعض، لأن المسرح التجريبي أنجب أعمالا عربية راقية لاتزال في التاريخ. فبعض المواضيع تحتاج إلى نفس جديد، إلى بصمة كلاسيكية. ألا ترين انه نفس الواقع فيما يخص مبالغة دول المغرب العربي، خاصة في تبني المسرح الإحتفالي؟ - طبعا، أنا لست ضد المسرح الاحتفالي، لأنه محاكاة للموروث الشعبي ولكن بشرط ألا يغرق في الإحتفالية ويتجاهل الأشكال الأخرى. نعرج من المسرح الى التلفزيون والسينما، ما سر تقمص مها الصالح للأدوار الارستقراطية بكثرة؟ - أحيانا المخرج يفكر اعتمادا على الأداء ويأخذ بعين الاعتبار المظهر، ربما لازمني كثيرا دور الثرية أو الارستقراطية ولكن لونت في نفس الوقت في الأدوار ولا يمكن أن أضع نقطة على مشواري، فأحلامي كثيرة وسترونني في أدوار أخرى. هاجم أنزور موجة توجه الفنانين السوريين إلى الدراما التلفزيونية المصرية واعتبر ذلك بداية النهاية. ماذا لو عرض عليك دور بطولة في مسلسل مصري؟ وهل ستتقنين اللهجة كجمال سليمان مثلا؟ - أنا احترم كثيرا المخرج السوري العظيم نجدت أنزور ولا يمكن أن أنكر دوره في بناء الدراما التلفزيونية السورية، واحترم أيضا وجهة نظره، لأنه لا يجامل أحدا ويعبر بصدق عن الواقع. أنا لو يعرض علي دور مميز أحس انه يستحق وأجده مهما بمصر أقبل طبعا العمل مباشرة. وليس فقط بمصر، بل بأي مكان في هذا العالم الفسيح. إذن أنت لست ممن يدافعون على هوية الإنتاج السوري من منطلق المخرج مصطفى العقاد القائل بأنه في منافسة شرسة مع الإنتاج المصري ردا على توجه يوسف شاهين المنافي حسبه للمقومات العربية؟ - لا، أنا أفضل عدم الدخول في هذه المتاهات، لأنني أؤمن ان هناك مقاييس تحكم الإبداع في أي مجال وان هناك دائما عمل جيد وآخر سيء. ما هي فكرتك عن الدراما التلفزيونية في الجزائر؟ - والله سأدعي إن قلت أنني على اطلاع واسع، ولكن حسب ما يصلني من زملاء الفن أو ما اقرأ أحيانا سمعت عن أعمال مشتركة بين الجزائر وسوريا. ما تقييمك لخطوة الإنتاج المشترك بين الجزائر وسوريا؟ - أنا مع المشروع الإنتاجي الذي يدرس أكثر دون تسرع، لأن التاريخ يسجل ولا يرحم، وكلما كانت البداية صحيحة كانت المواصلة ممكنة. هل عرض عليك دور معين في مشروع "ذاكرة الجسد" للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي الذي سينتج بالأردن؟ - سمعت عنه ولكن لحد هذه الساعة لم يعرض علي أي دور ولم أتلق أي اتصال وإن حصل فبكل سرور فأنا احترم كثيرا أحلام مستغانمي وأقرا لها كثيرا. ماذا تقولين عن الانتقادات التي طالت مؤخرا الأعمال التلفزيونية التاريخية السورية؟ - تقصدين مسلسل خالد بن الوليد؟ فعلا، تعرض إلى نقد كبير وترك انطباعا سيئا، فمثلا هاجم أحد أهم المهتمين بالتاريخ في سوريا سهيل زكار ما حدث من مغالطات تاريخية لا تغتفر. دافع باسل ياخور عن المسلسل واعتبر ذلك خيالا مطلوبا يغذي العمل؟ - تلك مبررات واهية لا أساس لها من الصحة، وهو دفاع ضعيف جدا، فإذا أردنا الإضافة فيجب أن تكون على الأقل من النسيج الأصلي لا غريبة عنه كما حدث. أحسن مخرج في سوريا؟ - هيثم حقي، علاء الدين كوكش، نجدت أنزور، باسل الخطيب، حاتم علي. و في الجزائر؟ - لخضر حمينة أحسن مسرحي في سوريا؟ أسعد فضة، ولكن ليس لأنه زوجي، بل لأنه المخرج الذي تعاملت معه أكثر. إلى أي حد ساعدك في مشوارك الإبداعي؟ - كثيرا جدا بدعمه وتشجيعه حتى يومنا هذا أحسن مسرحي في الجزائر؟ - أمحمد بن قطاف، لأنه ناضل ولايزال من اجل الفن الرابع في الجزائر. حاورتها: آسيا شلابي / تصوير علاء بويموت