في لقطة حضارية تحوّلت مباراة قطبي عاصمتي الشرق والغرب شباب قسنطينة ومولودية وهران إلى لقاء أخلاقي راق، ولأول مرة في تاريخ الكرة العالمية يتم كتابة اسم محمد صلى الله عليه وسلم في "تيفو" الملاعب عبر لوحة أذهلت كل الحاضرين ومنهم المدرب العالمي للنادي القسنطيني الفرنسي روجي لومير الذي بقي مبهورا بل وراح يلتقط صورا أمام هذا التيفو الساحر. كما علّق الأنصار لافتات مختلفة، بعضها عرّف بالرسول الكريم، وأخرى تطلب نصرته مثل اللافتة التي كُتب فيها ولد يتيما وعاش عظيما ومات كريما، وبلغ طولها قرابة ثلاثين مترا، وذرف المئات من المناصرين الذين تناسوا المباراة الهامة ضمن اليوم الثاني من البطولة الاحترافية الأولى الدموع تأثرا للمشهد الفريد، خاصة أن أنصار شباب قسنطينة كانوا دائما متهمين بإثارة الشغب في ملاعب الجزائر، وقام المئات من الأنصار بتقديم شبه محاضرات على مدار المباراة، يطالبون بتحويل النادي إلى مدرسة أخلاقية كبرى تليق بالمدينة التي ولد فيها وعاش العلامة الشيخ بن باديس، والمفكر الكبير مالك بن نبي، وطالبوا بنزع الحواجز بين أرضية الملعب والمدرجات. كما تزين الملعب بالعشرات من اللافتات بعضها كُتب عليه إلا رسول الله والبعض الآخر لبيك يا رسول الله، وكانت نظرات الاشمئزاز ولسان التأنيب تطول بعض الأنصار الذين تعوّدوا على عزف الكلام الفاحش في المباريات، مما أوحى للحضور بأن مباريات الكرة قد تنظف مستقبلا، وهو ما عبّر عنه الكثير من المناصرين الذين اتصلوا أمس بالشروق اليومي، وقالوا إن مبادرة الشروق اليومي لأجل تحويل الملاعب إلى لقاءات أخلاقية وعائلية قد لقيت استحسان الأنصار، خاصة خلال اللقاء الدولي القادم بين الجزائر وليبيا منتصف الشهر القادم، حيث أعرب المناصرون عن أملهم في نقل فكرة "التيفو" الخاص بنصرة رسول الإسلام إلى مدينة البليدة لأنه فريد من نوعه والهدف منه هو إبلاغ العالم بتعلق الجزائريين برسول الله ليس بكتابة اسمه كما حدث في أغلب ملاعب الجزائر في مباريات القسمين الأول والثاني المحترفين أول أمس الثلاثاء، وإنما أيضا بمحاولة التأسي بأخلاق المصطفى بترك الكلام الفاحش. وما زاد في جمال المواجهة أن المدرب الفرنسي أخرج اللاعب بلحاج لأنه تعمد الخشونة وهّدد بطرده من الفريق نهائيا، وكانت مختلف المنابر السياسية والدينية والإعلامية في الجزائر التي دعت لنبذ العنف من الملاعب قد فشلت، وتوجد بوادر هذه المرة لنجاحها مع موجة الفايس بوك بالخصوص والنظرة الدونية تجاه أصحاب العنف الذين صار يُنظر إليهم من المناصرين.