حالة من الفرجة والمتعة شهدها مسرح محي الدين بشطارزي نهاية الأسبوع، حيث استطاع فريق "غبرة الفهامة" أن يبعث الروح في جنبات الركح العتيق الذي عاش أسبوعا من الملل بعد العروض المتواضعة، "أخيرا جاء عرض يستحق التصفيق". هكذا قال الفنان الكبير أسعد فضة الذي وقف ووقفت معه لجنة التحكيم بالتصفيق الطويل للمسرحية التي استحق أعضاء فريقها العلامة الكاملة بشهادة كل من حضر أمسية الخميس. "غبرة الفهامة" مسرحية مقتبسة عن نص بنفس العنوان لعملاق المسرح والأدب الجزائري كاتب ياسين، نقلها إلى الخشبة سنوغرافي مبدع عبد الرحمان زعبوبي وأدّاها المسرح الجهوي لبلعباس الذي ما فتئ يثبت في كل مناسبة أنه الأحسن مسرحيا: "غبرة الفهامة" نص يغوص في ثنايا المجتمع الجزائري، يبحث في أزمات البلد المتلاحقة من زمن الوهم الاشتراكي إلى فضيحة الخليفة الني عرّت الدولة والمسؤولين: "غبرة الفهامة" هي مأساة البلد الذي خدّر شعبه عن بكرة أبيه وعاث فيه صناع القرار فسادا. الجميل في المسرحية أنها مفتوحة على الكثير من التأويلات مع الاستعمال الذكي للمؤثرات الخاصة واحترافية السنوغرافيا التي أعطت للنص تلك الأبعاد التي جعلت القاعة تصفق طويلا للعرض. استطاعت إذن "غبرة الفهامة" أن تعيد الروح للمهرجان وتسجل بذلك ثاني عرض يستحق الإعجاب بعد "في انتظار غودو" لمسرح تيندوف الذي جعل من مسرحية بكيت عملا جزائريا بامتياز غني وثري، وفيه الكثير من الاشتغال على أبعاد الزمن والاستعانة بالفن التشكيلي والموسيقي وغيرها من عناصر المسرح التي أعادت بعث عمل إنساني عمره قرون وسنوات. أما في الجانب العربي فكانت مسرحية روجي عساف "بوابة فاطمة" الأكثر تألقا والعرض المسرحي الوحيد في المهرجان الذي يستحق لقب مسرح بامتياز، بحيث عمل روجي عساف بدون ديكور وبحكايا بسيطة متفرقة والاستعانة بشاشة عرض نقلت صورا للدمار اللبناني. بهذه الأشياء البسيطة نقل روجي مسرح الواقع اللبناني المر والذي يشبه في تفاصيله أي واقع عربي آخر. زهية منصر:[email protected]