أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، وتشكيل لجنة لتنفيذ هذا القرار غير المسبوق، الذي يأتي على وقع التصعيد الإسرائيلي والأمريكي ضد الفلسطينيين. وجاء القرار عقب اجتماع هام للقيادة الفلسطينية عقد مساء الخميس في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، عملا بقرار المجلس المركزي لمنظمة التحرير، وذلك ردا على الاعتداءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وآخرها هدم 100 شقة سكنية في حي صور باهر في القدس الشرقية. وقال الرئيس عباس “لن نرضخ للإملاءات وفرض الأمر الواقع على الأرض بالقوة الغاشمة وتحديدا في القدس، وكل ما تقوم به دولة الاحتلال غير شرعي وباطل”. وأضاف “أيدينا كانت وما زالت ممدودة للسلام العادل والشامل والدائم، لكن هذا لا يعني أننا نقبل بالوضع القائم أو الاستسلام لإجراءات الاحتلال”. وأكد “لن نستسلم ولن نتعايش مع الاحتلال، كما لن نتساوق مع صفقة القرن، ففلسطين والقدس ليست للبيع والمقايضة، وليست صفقة عقارية في شركة عقارات”. وشدد على أنه “لا سلام ولا أمن ولا استقرار في منطقتنا والعالم دون أن ينعم شعبنا بحقوقه كاملة، ومهما طال الزمان أو قصر سيندحر الاحتلال البغيض وستستقل دولتنا العتيدة”. وطالب الرئيس الفلسطيني الأممالمتحدة بتطبيق القرارات الخاصة بالقضية الفلسطينية بشكل عملي على الأرض “ولو لمرة واحدة”. وكان نبيل أبو ردينة الناطق باسم الرئاسة قال قبل عقد اجتماع القيادة الفلسطينية، إن القرار سيكون «مفترق طرق» على كافة المستويات، فيما قال محمود العالول نائب رئيس حركة فتح إن كل الخيارات مفتوحة لمواجهة الاحتلال «حتى لو وصلت الأمور إلى حافة الهاوية»، مؤكدا أنه لا يمكن الاستمرار بالوضع الراهن والتمسك باتفاقيات يتهرب منها الاحتلال. يشار إلى أن المجلس المركزي لمنظمة التحرير سبق وأن اتخذ في عام 2015 قرارا بوقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل، سواء الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية، وكذلك تعليق الاعتراف بإسرائيل لعدم عملها بتلك الاتفاقيات، وقيامها بنكثها والتهرب من تطبيقها. وكانت القيادة الفلسطينية شكلت لجنة في وقت سابق، لوضع الخطط الكفيلة بوقف التعامل بالاتفاقيات الموقعة. وزار خلال الأسابيع الماضية وفد وزاري رفيع برئاسة الدكتور محمد اشتية كلا من الأردن والعراق، بحث خلالها آفاق التعاون التجاري، ضمن المساعي الرامية ل«الانفكاك» الاقتصادي عن إسرائيل، الذي تحدده «اتفاقية باريس» التي نكثتها إسرائيل، بالحجز على أموال الضرائب الفلسطينية. إلى ذلك، دعا الرئيس عباس إلى تطبيق اتفاق المصالحة الموقع مع حركة حماس عام 2017، وقال “لا نريد العودة إلى مأساة اجتماع موسكو عندما رفضت حماس الاعتراف بمنظمة التحرير الفلسطينية وتساوقت في ذلك مع إسرائيل وأمريكا”. وأضاف “يدي ممدودة للمصالحة وآن الأوان لأن نكون أكثر جدية”. حماس والجهاد تثمّنان: “قرار عباس خطوة في الاتجاه الصحيح” اعتبرت حركة حماس، الجمعة، قرار الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، وقف العمل بالاتفاقيات الموقعة مع إسرائيل “خطوة في الاتجاه الصحيح”، حسب وكالة “سما”. وقالت الحركة في بيان إن “القرار يتوازى مع متطلبات المرحلة الصعبة التي تمر بها القضية الفلسطينية، وتصحيح لمسارات خاطئة لطالما حرفت المسار السياسي الفلسطيني، وأوصلت القضية الفلسطينية إلى هذه المرحلة الصعبة”. وأضافت: “ما يتطلع إليه شعبُنا هو إجراءات عملية حقيقية عاجلة تترجم هذه القرارات إلى أفعال، وفي إطار برنامج عملي”. وطالبت الحركة بالبدء “بإعلان فوري عن تشكيل حكومة وحدة وطنية، ووقف التنسيق الأمني مع الاحتلال، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين كافة”. كما طالبت أيضا ب”دعوة الإطار القيادي المؤقَّت لتدارس سبل تنسيق العمل المشترك، وتبني إستراتيجية ترتكز إلى خيار المقاومة لمواجهة صفقة القرن، وما يتعرَّض له الشعب الفلسطيني من ويلات، وحمايته من الإجرام الصهيوني المتواصل”. من جهتها، ثمّنت حركة الجهاد الإسلامي قرار الرئيس محمود عباس، وقال عضو المكتب السياسي للحركة خالد البطش، إن إعلان رئيس السلطة الفلسطينية، وقف التعامل مع الاتفاقات مع الاحتلال الإسرائيلي “خطوة في الاتجاه الصحيح، ولكنها تحتاج إلى تطبيق على أرض الواقع”. وأضاف البطش في تصريح متلفز لفضائية “الميادين” أمس: “نحن كشعب فلسطيني وقادة في حركة الجهاد، طالبنا أبو مازن وقيادة منظمة التحرير الفلسطينية بإلغاء كافة الاتفاقات التي وُقعت مع العدو، وسبق وأن اتخذ المجلس المركزي قراراً بسحب الاعتراف بإسرائيل وإلغاء الاتفاقات، وما حصل بالأمس من قبل أبو مازن خطوة في الاتجاه الصحيح، رغم أنها متأخرة”؛ مستدركاً أنها “خطوة بحاجة إلى استكمال لسحب الاعتراف بإسرائيل”. وأعرب عن أمله أن “يُترجم هذا القرار إلى خطوات عملية، سواء على صعيد إجراءات تمسّ حياة الناس في الضِّفة الغربية وقطاع غزة، أو إجراءات ضد الاحتلال”، مؤكداً أن حركة الجهاد مع الانفكاك عن الاحتلال. وزاد البطش قائلاً: “نريد أن يكون قرار أبو مازن أكبر قيمة وجدية من خلال إعادة ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني. وزيرٌ إسرائيلي: الفلسطينيون سيدفعون ثمن تهديدات عباس قال وزير الاقتصاد والصناعة الإسرائيلي، إيلي كوهين، إن الرئيس محمود عباس، لم يكن ملتزما أصلا بالاتفاقيات مع إسرائيل التي أعلن وقف العمل بها، مهددا الشعب الفلسطيني بأنه هو “من سيدفع الثمن”.، حسبما أوردت وكالة “سما” الفلسطينية. جاء ذلك في تصريحات لكوهين نقلتها صحيفة “يسرائيل هيوم” العبرية المقربة من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. وتساءل الوزير الإسرائيلي، وهو عضو أيضا في المجلس الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية (الكابنيت)، عما يمكن أن يقوم به الفلسطينيون بعد وقف العمل بالاتفاقيات مع إسرائيل؟ وقال كوهين: “ما الذي سيفعله أبو مازن الآن؟ هل سيعود إلى التحريض في المدارس ضد إسرائيل؟ أم سيدفع رواتب لعائلات منفذي العمليات؟ عفوا فهو دائما يقوم بذلك”. وأضاف: “أبو مازن لم ينفذ ما ورد في الاتفاقيات مع إسرائيل، بل كان محرِّضا على (الإرهاب؟)، بإمكانه التهديد، لكن الثمن سيدفعه الفلسطينيون”. المصدر: وكالات