أضحت كلية الطب تعيش على وقع صفيح ساخن جدّا، بعد أن وصلت القبضة الحديدية بين الطلبة، وخاصة طلبة السنوات الرابعة والخامسة والسادسة، وإدارة الكلية إلى نقطة اللارجوع، بسبب تراكمات كثيرة، وصلت إلى نقطة الإنفجار، بعد القرار المتخذ من طرف الكلية، بتغيير صيغة أسئلة الإمتحانات الإستدراكية، من الصيغة القديمة التي كانت تعتمد على الإحتمالات المتعددة الخيارات، التي كانت تزيد من فرص الطلبة في النجاح، إلى صيغة الأسئلة المباشرة. أكد الطلبة المحتجون أن الإمتحانات الإستدراكية تعتبر الفرصة الأخيرة للطالب من أجل إنقاذ موسمه الدراسي، كما أن بقاء فترة لا تتجاوز الشهر عن موعد الإمتحان يجعل من المستحيل على الطالب مهما بلغ مستواه أن يحضر كل المواد في هكذا ظرف قياسي. المحتجون أضافوا أن منهجية الإمتحانات في كلية الطب لا تتوافق مع المعايير الدولية، سواء من حيث الطرح البعيد عن المنهاج، أو من حيث التصحيح المفخخ، الذي يمنح من خلاله الأستاذ المصحح المزايا لمن يريد على حساب من يريد. قضية الامتحانات هي غيض من فيض حسب شكاوي أطباء المستقبل الذين أكدّوا أن معاناتهم تنطلق مع بداية مشوارهم الدراسي، وهم الذين يلجون كلية الطب مبتهجين بحصولهم على شهادة البكالوريا بمعدلات جيدة، وبأحلام كبيرة في أن يكونوا من خدّام وخادمات الوطن، بل أن كثيرا منهم يدخلون المغامرة وحلمهم كبير في التغيير من واقع قطاع الصحة العليل، لتبدا معاناتهم في مدرجات يتزاحم فيها أزيد من 500 طالب بدون وجود لمكبر صوت، يمكنهم من تلقي المعلومات، وحتى جهاز العرض غير واضح، ليجدوا أنفسهم مطالبين طبع الدروس من الأموال القليلة التي تمنحها لهم أسرهم. وتتواصل رحلة الكفاح لسنوات، إلى أن تصل فترة التربصات التي يسعى من خلالها الطلبة إلى تعويض ما فاتهم، غير أنهم سرعان ما يصطدمون بواقع أمر وأشد، فالمستشفى الجامعي عاجز عن إستيعاب الأعداد الكبيرة من المتربصين، والأطباء لا يتعاونون معهم، أمر جعل بعض الطلبة يصفون يومياتهم في المصحات بملأ الممرات والاستناد إلى الجدران ، بل أن بعضهم تحدث عن تعرضهم لإهانات . وضعية جعلت الطلبة المحتجين الذين اقتربوا من الشروق اليومي لنقل انشغالاتهم يؤكدون بأن البرنامج التعليمي الفاشل كما وصفوه . ويذهب الطلبة المشتكون في حديثهم إلى ربط ما يعيشونه من ضغوطات ويسقطونها على الحراك الشعبي، معتبرين بأن ردة الفعل التي يجابهون بها، تأتي كثمن يدفعونه على أسابيع الإضراب والشلل الذي عاشته الجامعات خلال الفترة التي أعقبت الحراك الوطني، خاصة وأن كلية الطب بتلمسان، سرقت كل الأضواء من خلال مشاركات طلبتها القوية في مسيرات الثلاثاء، ناهيك عن مبادراتهم الفنية التي ساندت حراك الشعب ورافقته، كما شارك طلاّبها وطالباتها في ندوات وفعاليات متعددة تخص الحراك. ليطالبوا اليوم بأن يطال المنجل والتغيير الممارسات القديمة قبل الأشخاص. وفتح قنوات حوار من أجل تحسين ظروفهم الأكاديمية والتطبيقية، والعمل يدا بيد من أجل مستقبل أفضل للمنظومة الصحية بالجزائر.