أطفأ مدرب المنتخب الوطني لكرة القدم جمال بلماضي “شمعته” الأولى في منصبه، الجمعة، حيث كان الاتحاد الجزائري لكرة القدم قد أعلن عن تنصيبه مدربا ل”الخضر” خلفا لرابح ماجر يوم الثاني من شهر أوت من العام الماضي، وكانت “السنة الأولى” لبلماضي ناجحة بكل المقاييس وعلى جميع المستويات، وانتهت بقيادته المنتخب الوطني للتتويج بكأس أمم إفريقيا الثانية في تاريخ الجزائر يوم 19 جويلية الماضي في مصر، فضلا عن تحقيقه عدة أرقام وإنجازات وجوائز فردية وجماعية، فشل سابقوه في تحقيق ولو جزء منها، بالرغم من أن سنه لم تتجاوز ال43 سنة. دوّن بلماضي اسمه بحروف من ذهب في تاريخ المنتخب الوطني والكرة الجزائرية بعد أن حقق طفرة كبيرة وثورة في صفوف “الخضر”، في أقل من عام واحد فقط من قدومه، حيث مسح تلك الصورة السوداء التي التصقت بالمنتخب في السنوات الأخيرة، خاصة خلال مشاركاته في نهائيات كأس أمم إفريقيا، إذ حقق ما عجز عنه كثيرون منذ أكثر من 29 سنة، بدوره البارز في الحصول على التاج الإفريقي ومن خارج الجزائر. وقبلها كان بلماضي أمام مهمة انتحارية عندما أمسك بقيادة العارضة الفنية ل”الخضر”، إذ كان المنتخب حطاما متناثرا بسبب تراجع نتائجه وعدم استقراره على مدرب واحد بعدما تعاقب عليه 6 مدربين في 3 سنوات فقط، فضللا عن المشاكل التي حدثت وسط الفريق، ما أدى إلى تسجيله نتائج سيئة للغاية على غرار المستوى المخيب في كأس إفريقيا 2017 في الغابون قبل السقوط المريع في التصفيات المؤهلة لمونديال 2018 في روسيا، إذ لم يحقق المنتخب سوى انتصار وحيد وعلى البساط أمام نيجيريا، وتعادلا أمام الكاميرون في أول جولة، بقيادة الإسباني لوكاس ألكاراز، ثم عانى المنتخب أيضا من عدم الاستقرار وهبوط حاد في مستواه خلال حقبة رابح ماجر ما بين أكتوبر 2017 وجوان 2018، وبعد أن استهلك رئيس الاتحاد الجزائري لكرة القدم خير الدين زطشي كل خيارات المدربين “العالميين والموندياليين”، لجأ مضطرا إلى بلماضي، الذي نجح أيّما نجاح لم يكن يتوقعه أشد المتفائلين، سوى بلماضي نفسه الذي أعلن عن نواياه في أول لقاء له مع وسائل الإعلام الجزائرية بعد أن أكد قائلا:”سأقول للاعبين بأننا سنذهب إلى كأس إفريقيا قصد التتويج باللقب وقولوا ما شئتم، قولوا بأنني مجنون”، وتجسّد “جنون” المدرب الأسبق لمنتخب قطر على أرض الواقع في سهرة يوم 19 جويلية الماضي بملعب القاهرة الدولي عندما رفع الكأس الإفريقية. 15 مباراة: 10 انتصارات و4 تعادلات وهزيمة واحدة وفيما يخص مشوار بلماضي مع “الخضر” بالأرقام فقد خاض لحد الآن 15 مباراة منها 4 مباريات ودية، إذ حقق خلالها 10 انتصارات و4 تعادلات وهزيمة واحدة فقط، كما لم ينهزم “الخضر” تحت قيادة في 13 مباراة متتالية. وتعادل المنتخب في أول مباراة لبلماضي أمام غامبيا في بانجول يف سبتمبر من العام الماضي في ثاني جولات تصفيات “كان2019″، ثم فاز على البنيني بالجزائر في الجولة الثالثة بثنائية نظيفة في شهر أكتوبر، قبل أن ينهزم أمام ذات المنتخب في كوتونو بهدف لصفر في ذات الشهر، ثم يبدأ سلسلة “عدم هزيمته” ونتائجه المبهرة بداية من المباراة التالية أمام الطوغو في نوفمبر، حيث فاز على الطوغو (1-4) بالعاصمة لومي، ثم على قطر في مباراة ودية (1-0)، وتعادل أمام غامبيا (1-1) في تصفيات كأس إفريقيا، ثم الفوز على تونس (1-0) في لقاء ودي، وبعدها التعادل أمام بورندي (1-1) في الدوحة وتلاها الفوز وديا على مالي (3-2) في الدوحة أيضا. قبل تسجيل 4 انتصارات متتالية في كأس إفريقيا بمصر على كينيا (2/0) والسنغال (1-0)، ثم تنزانيا (3/0) في الدور الأول، ثم غينيا (3/0) في الدور ثمن النهائي، قبل أن يتعادل المنتخب الوطني أمام كوت ديفوار في ربع النهائي (1/1)، لكنه حسم المباراة بركلات الترجيح (4/3)، وحقق الخضر فوزا قاتلا على نيجيريا في نصف النهائي (2/1)، قبل تجديد الانتصار على السنغال بهدف لصفر في النهائي والتتويج باللقب بعد مشوار حافل بالأداء الرائع، الذي خطف أنظار جميع المتتبعين، خاصة وأن “فلسفة” بلماضي قدّمت فريقين مختلفين خلال “الكان”، حيث أحدث 9 تغييرات كاملة على الفريق الذي واجه تنزانيا لكنه حسمها بثلاثية نظيفة، دون أن يتأثر الأداء العام للتشكيلة أو تفقد توزانها.كما توج بلماضي بجائزتين فرديتين خلال “الكان” وهي أفضل مدرب في الدور الأول قبل أن ينال جائزة أحسن مدرب في الدورة، ليدخل العالمية من الباب الواسع بعد أن اختاره الاتحاد الدولي لكرة القدم ضمن قائمة تضم 10 مدربين مرشحين لجائزة أفضل مدرب في العالم. “السنة الثانية”: تصفيات “كان 2021” ومونديال قطر تحد جديد لبلماضي وبعد نهاية السنة الأولى لبلماضي على رأس الخضر” بنجاح باهر، سيشرع في مواجهة تحديات جديدة خلال “السنة الثانية”، بداية من شهر نوفمبر القادم موعد انطلاق التصفيات الخاصة بنهائيات كأس أمم إفريقيا 2021 المرتقبة بالكاميرون، حيث وقع الخضر في مجموعة متوازنة تضم كلا من زامبيا وزيمبابوي وبوتسوانا، ويستهدف بلماضي السير على نفس المشوار الذي قطعه في السنة الأولى، وحسم التأهل في وقت مبكر قصد التفرغ لتصفيات مونديال 2022 التي ستنطلق في شهر مارس من العام المقبل، حيث يعد “المونديال العربي” أحد أبرز أهداف النجم الأسبق لنادي أولمبيك مارسيليا الفرنسي، إذ يطمح لبلوغه والعودة إلى قطر مهد بداياته التدريبية في “ثوب البطل”.المهمة ستكون عسيرة جدا بالنظر لصعوبة تسيير مرحلة ما بعد “التتويج القاري”، إلا أن الإرادة والطموح اللامتناهيين لبلماضي سيساهمان في تجاوز هذا العائق خاصة بالنسبة لمدرب لا يعترف “قاموسه الكروي” بالمستحيل.