دعا مجلس الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين إلى اجتماع مستعجل خلال الأسبوع المقبل لضبط الاقتراحات الخاصة بتعديل قانون الإجراءات الجزائية وفقا للإعلان الذي تقدم به وزير العدل بلقاسم زغماتي منذ توليه مهامه على رأس الوزارة، وهو ما يبرز عدم صلاحية وجدية الإصلاحات التي جرت في عهد الوزير السابق الطيب لوح المحال على العدالة بتهم تتعلق بالفساد في قطاعه. وعلى إثر ذلك، راسل رئيس الاتحاد الوطني أحمد ساعي نقباء منظمات المحامين الجهوية عبر الوطن للإدلاء باقتراحاتهم حول تعديل بنود قانون الإجراءات الجزائية في ما يخص كلا من المثول الفوري ومحكمة الجنايات وإجراءات الاستئناف والطعن بالنقض والأقطاب الجزائية، الذي سيعرض قريبا وبصفة مستعجلة على وزير العدل بلقاسم زغماتي لأخذ ما يراه مناسبا لإجراء التعديلات التي ستدعم الترسانة القانونية الجزائرية وتسمح باستدراك الهفوات والأخطاء السابقة المسجلة في التعديلات التي دخلت حيز التنفيذ خلال السنوات القليلة الماضية لكنها أثبتت عجزها ومحدوديتها باعتبارها إصلاحات لم تراع فيها المقترحات ولم تشرك فيها وزارة العدل كافة الفاعلين في القطاع وخاصة أسرة الدفاع، ما جعلهم يرفضونها قبل المصادقة عليها لكن منطق الأغلبية في قبة البرلمان سرع بظهور هذه القوانين والتعديلات التي وصفها قانونيون ب”العرجاء” وغير المكتملة. وتبرز من خلال دعوة وزير العدل تركيزه على إجراء تعديلات في بنود عدد من القوانين التي سبق أن تم إدراجها خلال عهد الوزير السابق لوح، خاصة تلك المتعلقة بإجراء المثول الفوري الذي أبان منذ دخوله حيز التنفيذ بداية جانفي 2016 عن ثغرات ومساوئ عدة لطالما اشتكى منها المحامون وحتى المتقاضون، حيث لم يخفف الإجراء من المشاكل التي خلقتها إجراءات التلبس، كما أن الهدف الذي جاء لأجله المتمثل في التقليل من اللجوء إلى الحبس المؤقت في القضايا البسيطة التي لا تحتاج إلى التحقيق، لم ير النور بسبب التطبيق العشوائي لهذا الإجراء من قبل القضاة وعدم احترامهم لحقوق الدفاع في كثير من الأحيان. وفي سياق ذي صلة، ستشمل التعديلات المرتقبة محكمة الجنايات، وهي التي مستها تعديلات كبيرة بإدخال إجراء التقاضي على درجتين لأول مرة من خلال التعديل الذي أتى به قانون الإجراءات الجزائية لسنة 2017، الذي سمح باستئناف الأحكام الصادرة عن محكمة الجنايات أمام المجلس مع زيادة عدد المحلفين، غير أن إعادة فتح ملف محكمة الجنايات من قبل وزير العدل الحالي رغم مرور سنتين على الإجراءات الجديدة يطرح الكثير من التساؤلات حول الإصلاحات في قطاع العدالة التي لطالما كان يتباهى بها الوزير السابق الطيب لوح. وسيقدم المحامون أيضا اقتراحاتهم بخصوص تعديل البنود المتعلقة بإجراءات الاستئناف والطعن بالنقض، فضلا عن محاكم الأقطاب الجزائية التي دخلت حيز التنفيذ منذ ما يقارب عشر سنوات في إطار برنامج مكافحة الفساد، حيث أوكلت إليها مهمة التحقيق في الملفات المتعلقة بجرائم الإرهاب وتبييض الأموال والجرائم العابرة للحدود، ونظرا إلى الثغرات القانونية التي أبان عنها فتح ملفات الفساد الكبرى في الجزائر خلال الأشهر السبعة الأخيرة فبات من الضروري إعادة النظر في الترسانة القانونية الخاصة بمكافحة الفساد وخاصة إجراءات التقاضي أمام الأقطاب الجزائية المتخصصة.