جمعة أخرى تضاف إلى سجل الحراك الشعبي، حيث رفع متظاهرون للمرة ال32 أصواتهم، وحملوا شعاراتهم ضد رموز النظام السابق وأصروا على تحقيق جميع مطالبهم كاملة غير منقوصة، وعبروا عن تمسكهم ببناء جزائر جديدة قوامها السيادة الشعبية، مع تشبثهم بإخضاع كل المتورطين في الفساد إلى المحاسبة، مؤكدين بصوت واحد أن غليلهم لن يشفى إلا بعد معاقبة جميع “أذناب العصابة” مثلما فعلت العدالة بالسعيد وحلفاءه. كسائر الجمع السابقة، شهدت مداخل الجزائر العاصمة، عبر جميع الطرق المؤدية إليها، خاصة الطريق السيار من الناحية الشرقية أو الغربية أو حتى الفرعية والثانوية ازدحاما كبيرا، بسبب الحواجز الأمنية الكثيرة. كما تم تسجيل إجراءات أمنية مشددة، يترجمها الوجود المكثف لقوات الأمن، حيث تم غلق كل المنافذ المؤدية للبريد المركزي، وغلق العديد من الشوارع والساحات، على غرار محمد الخامس، موريس أودان، مرورا بالجامعة المركزية، وصولا إلى ساحة البريد المركزي، عن طريق عربات نقل ومدرعات الشرطة، التي تم رصها في شكل جدار ضخم، وأمامها أيضا حاجز بشري مكثف من أفراد مكافحة الشغب. نريد رحيل الحكومة إلى ذلك، توافد المتظاهرون منذ الساعات الأولى من صبيحة الجمعة على الشوارع الرئيسية للعاصمة، رافعين الراية الوطنية ولافتات عكست مدى تمسكهم بمطالبهم التي يتصدرها التمسك برحيل كافة رموز النظام السابق، فبساحة الشهداء، شوارع زيغود يوسف، العقيد عميروش، كما في ساحة البريد المركزي وشارع ديدوش مراد أو حسيبة بن بوعلي رفع متظاهرون شعارات إرساء دولة أساسها العدل والقانون واستقالة الحكومة ورفض تنظيم الانتخابات بالشروط الحالية. وصدحت حناجر المتظاهرين تحت أشعة الشمس الحارقة بشعارات تطالب بالتغيير الجذري للنظام وتكريس سيادة الشعب والعمل على ضمان الوحدة الوطنية ورحيل ما تبقى من رموز العصابة، مرددين بصوت واحد “فخامة الشعب هو الرئيس”، كما حمل المتظاهرون شعارات “لا لحكم العصابات” مطالبين ب”حكومة كفاءات”، ناعتين الحكومة الحالية بحكومة التزوير”لا تحكي لي على التغيير.. بدوي آلة التزوير” و”العصابات ما يحشموش وحنايا منحبسوش”، مرددين شعار “كليتو لبلاد يا العصابات”. حراكنا موحد واستمراريتنا لا تقهر وسار المتظاهرون في مسيرات مباشرة بعد الانتهاء من صلاة الجمعة، ورفعوا شعارات عديدة أضحت تثرى أكثر من جمعة إلى جمعة حسب تطورات الأحداث وتماشيا مع ردود السلطة على المطالب على شاكلة “عندما يغيب المنطق يرتفع الصراخ…” و”أين الضمير.. الشعب لا يريد التدوير”، و”ديقاج ديقاج حكومة بدوي والمونتاج”، كما كانت الشعارات المألوفة حاضرة أيضا في الجمعة ال32 مثل “لا تنازل عن مطالب الشعب” و”نريد تطبيق المادتين 7 و8 من الدستور”، و”حراكنا موحد واستمراريتنا لا تقهر”. مباركة شعبية لمحاسبة العصابة ما لاحظناه خلال مسيرة الجمعة، هو تلك المناقشات الحادة بين جموع المتظاهرين، الذين شكلوا مجموعات هنا وهناك، بساحة البريد المركزي والجامعة المركزية، وكذا موريس أودان، حيث تحولوا جميعا إلى رجال قانون، وأصبح الكل “يحلل ويناقش” الأحكام التي وقعتها المحكمة العسكرية بالبليدة ضد كل من الرباعي السعيد، توفيق، طرطاق، لويزة، إلى جانب خالد نزار ومن معه، حيث عبر بعضهم عن غضبهم لعدم تسليط عقوبة الإعدام على المتهمين، نظرا لما ارتكبوه في حق الشعب الجزائري منذ أزيد من 20 سنة، خاصة ما أسموه “سارق خاتم الرئاسة”، فيما ذهب البعض إلى القول “يستهلوا ما حدث لأفراد العصابة” وباركوا الخطوة التي قامت بها المحكمة العسكرية، مؤكدين بصوت واحد “العقوبة لأذناب العصابة الذين نهبوا أموال الشعب وعاثوا في البلاد كما يحلوا لهم”، إلا أن الكل اتفقوا في نقطة واحدة وهي المرور إلى “جزائر جديدة”. متظاهرون ببجاية: لا تنازل عن رحيل بقايا نظام بوتفليقة أصرّ متظاهرون جابوا شوارع مدينة بجاية، على التغيير الجذري للنظام البوتفليقي بشعار واحد “مانفوطي ما نسمح في حقي”، حيث طالبوا مرة أخرى برحيل ما يسمونهم ببقايا النظام السابق، رافضين كل أشكال المراوغة والرسكلة و”بوجوه قديمة كانت دائما مع النظام الفاسد”، كما طالبوا بتفعيل المادتين 7 و8 من الدستور وإعادة السلطة للشعب بشعار “لا فلان ولا فلتان.. الشعب هو الرئيس”، فيما عبر العديد من المواطنين عن حزنهم لما تعيشه بلادهم قائلين: “عجيب أمرك يا وطني.. العجوز يترشح والشاب يغرق والرضيع يحترق”. شعارات رافضة لترشح “رموز النظام” بتيبازة شهدت مدينة تيبازة مسيرة عقب صلاة الجمعة، جاب المشاركون فيها شوارع المدينة، مرددين شعارات رافضة لترشح شخصيات ورموز النظام، وشعارات أخرى اعتادوا تردديها في المسيرات السابقة كرفض الانتخابات تحت ظل رموز النظام الفاسد، وتفعيل المادتين 7 و8. الجمعة 32 بمدينة تيبازة انطلقت كالعادة من الساحة العمومية وجابت الشوارع الرئيسة، رفع المشاركون فيها الأعلام الوطنية ويافطات تحمل شعارات رافضة للانتخابات تحت ظل بن صالح وبدوي، ومن بينها شعار لا لإعادة تأهيل النظام الفاسد، حيث عبر المتظاهرون، عن رفضهم ترشح بعض الشخصيات التي تقلدت مختلف المسؤوليات في عهد بوتفليقة. تلمسان تحتفي بالحرية في جمعتها ال32 تواصل الحراك بولاية تلمسان، وللجمعة ال32 على التوالي خرج الآلاف من المواطنين من مختلف فئات المجتمع بمدينتي تلمسان ومغنية ثاني أكبر تجمع سكني بالولاية. وكان جديد هذه الجمعة، هو تزامنها مع حكم محكمة تلمسان ببراءة الأستاذين بجامعة تلمسان بن حبيب وسايح اللذان كانت حريتهما من أبرز مطالب الحراك في جمعاته السابقة، حيث تدافع العشرات والمئات من أجل مباركة براءتهما. كما افتقد الحراك في جمعته 32 وجهين بارزين ظلاّ حاضرين طيلة الجمعات السابقة وهما الشاب الجامعي سفيان بن حساين ومحمد خواني، بعد ما قرّرا السير راجلين من تلمسان إلى غاية العاصمة ووصلت رحلتهما إلى غاية ولاية الشلف، بعد تكرر توقيفهما من طرف عناصر الشرطة والدرك بولايتي مستغانم وغليزان. وعاود سكان مغنية نداءاتهم لوزير العدل من أجل مراجعة المادة 17 وأحكامها المشددة التي دفع ثمنها الآلاف من أبناء الشريط الحدودي، مطالبين العدالة بمراجعة القوانين المجحفة لهذه المادة، والأحكام الجائرة. وجدد سكان تلمسان رفضهم للوجوه القديمة، وتلك التي عملت مع النظام السابق، رافضين بقاء حكومة بدوي ووجّهوا انتقادات لاذعة لبعض المرشحين الذين اعتبروهم من أوجه النظام السابق، كما تجدّد رفض الأحزاب التي تسببت في الأزمة التي تعيشها الجزائر. غضب بولايات الشرق من الإهمال والتسيب محرقة الوادي في قلب المظاهرات طرق الشارع الجزائري في شرق البلاد في مختلف الولايات جمعته الثانية والثلاثين التي شابهت شكلا التي سبقتها، حيث تنوعت في تشكيلاتها ولكنها اختلفت مضمونا مع المستجدات التي حدثت في البلاد، ومنها أسماء المرشحين للموعد الانتخابي وأيضا كارثة وادي سوف التي وجدت لها مكانا في لافتات المتظاهرين. واستغرب الغاضبون بقاء حكومة بدوي بعد المحرقة التي ألهبت رضّع لم يدخلوا عالم الحياة بعد، فلام المتظاهرون وزارة الصحة التي هي جزء من حكومة بدوي، الذي مازال الكثيرون يطالبون برحيله وذكروا عددا من الأسباب منها ما ربطته بالنظام السابق ومنها ما تحدثت عن مآسي حفلة سولكينغ وقاعة الولادة في وادي سوف. وجدد المشاركون في المسيرة ال32، مطلب التعجيل برحيل الباءات المتبقية وفسح المجال لإرساء دولة أساسها الحق والقانون، مطالبين باستقالة الحكومة لضمان انتخابات رئاسية نزيهة وشفافة، لإخراج البلاد إلى بر الأمان دون بقايا النظام السابق. ويبقى أبرز ما ردّده المتظاهرون، المطالبة بحوار وطني شامل بين السلطة والحراك، فيما رحب البعض بإجراء انتخابات واعتبروها أمرا حتميا للخروج من الأزمة، ورفع متظاهرون آخرون شعارات ضد تنظيم الانتخابات في الوقت الراهن، خصوصا بمشاركة أشخاص محسوبين على النظام البوتفليقي، مع ضرورة محاكمة المفسدين واستكمال فتح ملفات الفساد وملاحقة المسؤولين ورجال الأعمال والمنتخبين المتورطين في نهب المال العام واستغلال النفوذ.