لعلّ من بين أهم المؤشرات والمحفزات والضمانات على “نزاهة” الانتخابات القادمة، الرئاسية والتشريعية والمحلية، برأي متفائلين، سقوط عامل “الشكارة” ورجال المال والأعمال من معادلة الانتخابات واختيار المترشحين و”صناعة” الفائزين مسبقا، فالقانون لم يعد يتسامح مع “التمويل الخفي للحملة الانتخابية والأحزاب” مثلما تكرس بشكل فاضح خلال العشرين سنة الماضية، كما أن أغلب الممولين متواجدون رهن الحبس المؤقت! لا يمكن في ظل المتغيرات ونتائج الحراك السلمي والتغييرات التي أنشأت “السلطة المستقلة” وشملت التشريعات الخاصة بالعمليات الانتخابية، أن تشجّع -إلى أن يثبت العكس- على ظهور أصحاب “شكارة” جُدد، يتقمصون فرصة الانتخابات لاصطياد مترشحين وإبرام صفقة معهم أو حتى “عقد قران” انتخابي، يستفيد وفق فتواه، الطرف المموّل، والفائز بالانتخاب! تجربة الرئيس المستقيل وسيناريو “العصابة” والحاشية وبطانة السوء، لن يتكرّر مستقبلا، فقد انتهى “الزواج المصلحي” بأطرافه إلى الرحيل وإلى السجن وإلى المطاردة الشعبية في الشوارع، وهو ما سيوفرّ حماية قانونية وأخلاقية للاستحقاقات القادمة، بما سيضطر أولئك المترشحين لكرسي الرئيس وكرسي النائب والسيناتور وكرسي المير، على التراجع إلى الصفوف الخلفية أو المشاركة بدون شراء الذمم ورؤوس القوائم وبالتالي شراء الفوز! لقد أصبحت عمليات البيع والشراء خلال السنوات الماضية، قبل وأثناء وحتى بعد الانتخابات، مفضوحة، وتحوّلت من العدوى إلى الوباء، حتى زحفت إلى أغلب الأحزاب، بل كلها، واتفقت الموالاة والمعارضة في هذه “التجارة”، وفي الأخير “ألّي ما شرى يتنزه”، ولذلك قلّما فاز في المرحلة السابقة “المزلوطين” والمترشحين الذين لا يملكون سوى حسابهم الجاري ccp ! يكون عهد “الشكارة” وحكم “البقارة” قد انتهى، لكن الأكيد أن محاولات التمويل الخفي والسرّي ستبقى قائمة، في مسعى يائس بائس، لإنتاج مرشح من العدم وتسمينه بالمال الوسخ، قصد ركوبه في حالة الفوز طبعا للإفلات من الحساب والعقاب، أو بغرض العودة من النافذة بعد الخروج من الباب تحت ضربات مكنسة الحراك الذي قال كفى للفاشلين والمفسدين والمتلاعبين! فعلا، “الباب يفوّت جمل”، فالجمل أو الناقة أو حتى الفيل، الذي خرج من باب الحراك، لا يُمكنه بأيّ حال من الأحوال أن يدخل من نافذة “الهفّ”، ولا حتى من ثقب البوابة الخلفية، طالما أن الهدف مكشوف، وما حدث خلال عشريتين كاملتين، لا يُمكن لأجيال متعاقبة أن تنساه أو تتناساه بسرعة البرق أو في رمشة عين، ولذلك، فإن السلاح الوحيد والأوحد لإحراز النصر في غزوة الانتخابات، هو الصندوق الذي سيأوي الإرادة الشعبية!