كشفت دعوة سوناطراك، قبل أيام، للسلطات العمومية التعجيل في اعتماد قانون جديد للمحروقات، مدى الحاجة الملحة لنص تشريعي جديد لأهم قطاع اقتصادي في البلاد، في ظل محدودية النص القديم الذي اعتمده نظام الرئيس المخلوع وأثبت محدوديته، بدليل أنه طبق في 2006 لكن إنتاج البلاد من المحروقات بدأ مرحلة تراجع لم تتوقف بعد اعتبارا من العام 2007. وحملت وثيقة لسوناطراك نشرت قبل أيام دعوة مستعجلة للسلطات للإسراع في اعتماد قانون جديد للمحروقات لجلب وتحفيز الشراكة الأجنبية وتفادي تراجع الإنتاج، والتخلي عن القانون الحالي الذي لا يحفز على النهوض بالقطاع. وبالنظر إلى كمية الإنتاج الوطني من المحروقات من حيث الكمية (طن مكافئ نفط) فقد عرفت تراجعا منذ 2007، واستمر التقلص إلى غاية 2019، والمفارقة أن تراجع الإنتاج بدأ بعد عام فقط من بداية تطبيق قانون المحروقات الساري المفعول (قانون حقبة بوتفليقة). ووفق مشروع القانون الجديد للمحروقات الذي تحوز “الشروق” نسخة منه، فإن المسودة ركزت على محاور أساسية تتعلق خصوصا بالإعفاءات الضريبية والجمركية لعديد الأنشطة وتدابير نقل حصص الشركات الأجنبية في حال تم الاستحواذ عليها من طرف شركات أخرى، إضافة لما تعلق بنشاط المناولة والتوظيف وتقاسم الإنتاج والمخاطر. وقدمت الوثيقة تحفيزات في المجال الضريبي والجبائي، حيث أعفي نشاط المنبع (البحث والاستكشاف والتنقيب) من الرسم على القيم المضافة ((TVA، على علاقة باستيراد السلع والخدمات المرتبطة مباشرة بهذا النشاط. كما أعفي هذا النشاط من الرسم على النشاط المهني (TAP)، إضافة لإعفاءات من الرسوم والضرائب والحقوق الجمركية على واردات السلع والتجهيزات، والمواد والمنتجات المستخدمة في أنشطة استكشاف و/أو استغلال حقول المحروقات، كما ألغت الوثيقة الرسوم على التوطين البنكي المتعلقة باستيراد خدمات موجهة لأنشطة المنبع (الاستكشاف التنقيب والإنتاج). وتضمن المشروع الجديد إلغاء الضرائب أو الرسوم أو رسوم أخرى غير مشار إليها في هذا العنوان (نشاط المنبع)، تم إنشاؤها لصالح الدولة والجماعات المحلية وأي شخص معنوي في القانون العام. كما أعفي نشاط نقل المحروقات بالأنابيب (نفط وغاز) من الرسم على القيمة المضافة على علاقة بسلع وخدمات مرتبطة بهذه الأنشطة، وكذلك تم إعفاؤها من الحقوق والرسوم والإتاوات الجمركية في حال استيراد مواد ومنتجات موجهة لتلك الأنشطة. وتطرق النص الجديد لما يعرف بحق الشفعة الذي تمارسه الشركة الوطنية للمحروقات سوناطراك، لمنع تحويل حصص شركات أجنبية في حقول نفطية وغازية إلى شركات أخرى، حيث إنه يمنح حق الشفعة لسوناطراك التي يمكن لها ممارستها خلال فترة لا تتجاوز 60 يوما من تاريخ إخطارها من طرف وكالة تثمين موارد المحروقات “ALNAFT” بطلب تحويل الأصول. وتضمن المشروع الإبقاء على قاعدة 51/49 الخاصة بالشراكة مع الأجانب في المشاريع النقطية والغازية، وهو نفس النهج الذي سار عليه قانون المالية 2019، الذي رفع هذه القاعدة لكنه أبقاها في القطاعات الاستراتيجية والمحروقات أحدها، مع إمكانية منح صفقات بالتراضي البسيط (gré à gré). ومددت آجال تراخيص البحث والاستكشاف من 2 إلى 7 سنوات يمكن تمديدها لسنتين إضافيتين، وستكون المدة القصوى لاستغلال حقول نفطية وغازية 32 سنة. ومدد قانون المحروقات الجديد آجال تراخيص الاستكشاف الغازي والنفطي من سنتيم (02) في القانون الحالي إلى 7 سنوات قابلة للتمديد لسنتين إضافيتين، بسبب عمليات محتملة لتطوير حقول الغاز الصخري، في حين أن المدة الأقصى لاستغلال الحقول بما فيها مرحلة الاستكشاف ستكون ب 35 سنة. وحث القانون على حل الخلافات مع الشركاء الأجانب في إطار الخيارات الودية قبل اللجوء على التحكيم الدولي. وبخصوص الوقود فقد ورد في مشروع القانون الذي بحوزتنا تتوجا صريحا للدولة نحو تقليص دعم الوقود بأنواعه إضافة للكهرباء والغاز، وأخذ عدة تكاليف تدخل في نشاط تكرير وإنتاج الوقود والكهرباء والغاز بعين الاعتبار، بما فيها سعر البترول الخام لدى دخوله المصفاة النفطية لتكريره، بما يضمن سعرا تعويضيا عادلا لتسويق هذه المواد، إيذانا بزيادات مرتقبة في أسعار تسويق هذه المنتجات الطاقوية. ومنح المشروع الأفضلية للشركات الوطنية (المحلية) يما يخص أنشطة المناولة المرتبطة بمشاريع النفط والغاز التي يجري تنفيذها بشراكة بين سوناطراك وأجانب، إضافة لمنح الأولوية للتوظيف للكفاءات الجزائرية فيما يتعلق بحاجياتها لليد العالمة لنشاطات المنبع (التنقيب والبحث والاستكشاف والإنتاج).