اختفت في اليومين الأولين من الحملة الانتخابية، وعود من شاكلة “انتخبوني وستدخلون الجنة”(..)، وهي التخاريف التي كانت تصول وتجول طولا وعرضا خلال انتخابات السنوات الماضية، من باب ممارسة البيع والشراء في إغراء واستدراج ومقايضة “بقايا” الأصوات الانتخابية، التي كان المتسابقون يقولونها ولا يفعلون، المهم بالنسبة لهم المشاركة وكفاهم شرّ القتال! حراك 22 فيفري، لم يترك لكلّ راغب في الترشح، سواء للرئاسيات، ولا حقا التشريعيات والمحليات، فرصة ممارسة الكذب والنصب على “المتفرّجين” على المواعيد الانتخابية، ولعلّ مراجعة الخطط والاستراتيجيات، وفنون مخاطبة الجزائريين من طرف السياسيين والمترشحين لمختلف الاستحقاقات، هو واحد من أهم الانتصارات التي جنى ثمارها الحراك السلمي! لا يُمكن اليوم لأيّ مترشح، لمنصب رئيس الجمهورية، أو عضوية البرلمان، أو كرسي رئيس البلدية أو عضوية المجالس المحلية، البلدية والولائية، أن يسلك نفس الطرقات السابقة، أو يكرّر نفس الأخطاء، لأن ذلك يعني في ما يعنيه “الانتحار” سياسيا وانتخابيا، ويستحيل لصاحبه أن يكون بعدها من الفائزين، وسيكون من المتعثرين النادمين! “الخمسة” استوعبوا الدرس جيّدا، ولهذا فإنهم يحاولون تفادي الفخاخ والكمائن، وعدم وضع أرجلهم فوق الألغام، خلال الحملة الانتخابية، وها هم المترشحون لا يخطون خطوة إلاّ إذا أشعلوا الأضواء الكاشفة، ولا يقولون كلمة إلاّ بعد أن يزنوها في ميزان الاستشراف، ولا يدلون إلاّ بما يرضي الأغلبية ويستجيب لانشغالاتها وتطلعاتها ولو من باب الوعد المؤجل! كان واضحا أنه لا يمكن للكذب والاحتيال و”الهفّ” والخرف وضرب الشعب ب”الكفّ” وإسماعه “الدفّ” إلى ما لا نهاية، فقد سقطت “فخامة العصابة” وسقط معها “فيتو” الحاشية وبطانة السوء، وتأكد المتنافسون “الجُدد” والقدماء أنه “ما ينفع غير الصحّ”، إذا أرادوا أن يجدوا أصواتا -ولو قليلة- تستمع إليهم، بعد ما ظلّ الأولون من المغضوب عليهم والضالين يستمتعون بتسمين الفساد و”مجتمع الشكارة” وقوانين “الأفسدة” و”الأجرمة”! “الجزائر الجديدة” التي صدحت بها ملايين الحناجر عند ميلاد الحراك السلمي، لا يُمكن الشروع في تشييدها بالعودة إلى عبادة الأصنام والتسامح مع المفسدين و”ربط” العدالة وأجهزة الضبطية القضائية وتشجيع السرقة وتقنين العبث و”الحقرة” والتمييز والمفاضلة، ولذلك، فإن المترشحين لا يُمكنهم إلاّ أن يركبوا نفس السفينة التي ركبها “فخامة الشعب” والمساهمة في إيصالها إلى برّ الأمان، في ظل المرافقة الجريئة والمميزة لمؤسسة الجيش. مازال أمام “الخمسة” 19 يوما للشروع في “التغيير” خلال الحملة، حتى تسهل على واحد منهم المهمة بعد “الفوز”، لينصرف الأربعة “الخاسرين” لمواصلة التغيير، لكن خارج مكتب الرئيس!