من بين المتنافسين والراغبين في الترشح لكرسي الرئيس، وهذا بديهي في كل التجارب، أرانب وثعالب وسلاحف، طبعا في انتظار استكمال القائمة النهائية للمترشحين الفعليين لاستحقاق 12 ديسمبر، ودون شكّ، فإن الأغلبية الساحقة والمسحوقة، تنتظر “رجل توافق” بعيدا عن التفسيرات السياسوية والحزبية لهذا المصطلح، ولكن ضمن المنظور الشعبي لشروطه وأبعاده وأهدافه! من بين الشروط والمقاييس التي يتمناها الخيّرون، في “الرئيس المنتخب”، أو في المنافس “الأكثر حظا”، أن يكون صاحب لسان “حلو يرضع اللبة”، فالمرحلة القادمة، بعد ما سقطت العصابة والحاشية وبطانة السوء، مثلما هي بحاجة إلى جرأة وصرامة في اختراع القرارات الصائبة وحتى “الشعبوية الصائبة”، هي بحاجة أيضا إلى لسان وعقل يخاطب عواطف الناس ويدغدغ مشاعرهم وقلوبهم وضمائرهم، من أجل تفكيك الألغام وتجاوز المآزق! قد تكون المرحلة القادمة، برأي عقلاء وحكماء، بحاجة أيضا إلى منطق “تفتيت الصدمات”، وإن اقتضى الأمر كذلك اللجوء إلى “الكيّ كآخر العلاج”، من أجل مداواة الأمراض وتضميد الجراح التي تسبب فيها 20 سنة من الحكم الذي انتهى إلى حقائق صادمة وفضائح فساد تتجاوز الخيال، وطريقة تسيير لا يصدّقها العقل، وهذا التشخيص يستدعي لسانا “يجرح ويداوي”! الأغلبية من الجزائريين ستستمع بكل اهتمام وتأثر وأمل وتفاؤل، لمترشح يعرف من أين تؤكل الكتف، يكفر ب”الهفّ”، يتقن متى يلجأ مضطرا لاستخدام “كذبة بيضاء” عندما يتعلق الأمر بمواجهة النفس الأمّارة بالسوء، أو إقرار الصلح، وتهدئة النفوس، وإنجاح مسعى وضع اليد في اليد من أجل بناء “الجزائر الجديدة” التي كانت عنوان الحراك السلمي! بعد الاتفاق على مبدأ الانتخابات، من الطبيعي أن يتنافس الآن المتنافسون ويتعارك المترشحون ويتهافت الراغبون على استمارات التوقيعات، ويتسرّب بعض النواكر والمغمورين والحالمين، لكن الأكيد أن الناخبين سيعرفون بدورهم “الحصان” أو الرهان الذي سيراهنون عليه منذ البداية، ويحمّلونه مسؤولية تحقيق مطالبهم المشروعة، ولو تدريجيا، وقد لا تتضحّ الصورة حاليا بشكل أوضح، إلى غاية اقتراب نهاية آجال إعلان الترشيحات! الأبواب طبعا برأي سياسيين ومخضرمين، مفتوحة على مختلف الاحتمالات والسيناريوهات والفرضيات، لكن اكتمال قائمة الراغبين في الترشح للرئاسيات، وإمكانية حدوث مفاجآت متوقعة، لكن غير منتظرة من حيث تقدّم وجوه وازنة و”محبوبة” جماهيريا، بوسعه أن يقوّي المسار الانتخابي أكثر، ويكون ضربة موجعة للثلة الرافضة للانتخابات والمعرقلة لها! لم يعد النقاش مركّزا حول الانتخابات وآليات مراقبتها ونظافتها ونزاهتها وحماية الإرادة الشعبية من شبهة التزوير وهاجس التلاعب، بقدر ما تحوّل إلى الاختلاف والاتفاق والتنبّؤ والتمني بشأن المرشحين “الحقيقيين” والرجل المرشح للفوز بمنصب رئيس الجمهورية وتوفره على حدّ أدنى من القدرة على تفكيك بقايا الألغام ووضع القاطرة على السكة!