اسمه عمي صالح فروم، القاطن بمنطقة الكاف بلدية الشرايع بدائرة القل في ولاية سكيكدة، مجاهد حمل السلاح ضد المستعمر الفرنسي إبان الثورة التحريرية، وشارك في العديد من المعارك، وتم وقتها تكليفه من طرف القيادة بالتوجه إلى تونس لجلب السلاح لتدعيم صفوف مجاهدي المنطقة التاريخية الثانية، إلى درجة أنه أصبح يلقب ببورصاص كنية عرف بها أكثر من لقبه. تاريخ الرجل الثوري المشرف، يهمنا، لكن وضعه الاجتماعي والعائلي الحالي، أصبح مصدر إثارة واستغراب لسكان المنطقة وحتى إعجابهم، بعدما أقدم عمي صالح الذي تجاوز من العمر عشرة عقود كاملة، على عقد قرانه والزواج من جديد قبل شهر فقط من إطفاء شمعته ال 104، لكونه من مواليد 14 جانفي 1916 بأولاد عطية، بمعنى أنه عاصر العديد من الأحداث العالمية منها الحربان العالميتان الأولى والثانية، اللتان يتذكر تفاصيلهما بكل امتياز، كأنه يحمل ذاكرة شاب يتمتع بصحة جيدة تتميز بحاستي السمع والبصر اللتين لم يفقدهما رغم مرور كل تلك السنوات من عمره. وعن سر حيوية عمي صالح فروم، فقد أكد أنه لا يأكل إلا ما هو طبيعي كزيت الزيتون والشعير والقمح والعسل والتمر، وأنه لم يزر الطبيب في يوم من الأيام. الشيخ المسنّ كان في قمة السعادة بزواجه في الأيام القليلة الماضية، ولم يتردد في أن يقدم لنا شريكة ما تبقى من عمره، ويتعلق الأمر بالسيدة دليلة بن جدو البالغة من العمر 57 سنة، مطلقة لم تتردد في قبول الزواج من عمي صالح لتقاسمه العيش والحياة. عمي صالح فروم فتح ل”الشروق اليومي” بيته وقلبه وتحدث بإسهاب معنا حول خلفيات قرار زواجه وهو في هذا العمر، مؤكدا بكل افتخار أن الإنسان لا يقاس بسنوات عمره، قائلا إن “الشباب شباب القلب وما دمنا أحياء فعلينا أن نتمتع بما أحله لنا الله”، مضيفا أنه بعد أن فقد زوجته قبل 6 أشهر بعدما كانت أنيسه الوحيد، فقد قرر الزواج خاصة أنه في حاجة إلى من يرعاه، صحيح أن الأسرة تتكفل به لكن لا بديل عن الزوجة التي تكون الأقرب لرعاية شؤونه الخاصة، مضيفا أن ابنه البكر هو من بحث له عن عروس ووجد ضالته وطلبت صاحبة النصيب رؤية الخطيب وتم التلاقي وقبلت بمهر قيمته 60 ألف دج، وتم عقد القران والزواج وهي تعيش معه حاليا بمنزل مستقل عن أبنائه السبعة. عمي صالح يحب الحديث عن رفقاء السلاح ويتذكر أسماء أغلبهم، وتفاصيل أماكن المعارك التي خاضها ضد العدو الفرنسي، ويبقى فخورا بجهاده في سبيل الوطن، كما يفتخر بكونه جدا لأكثر من 50 حفيدا يقطنون عبر مختلف ولايات الوطن، ومنهم من لا يزال في مرحلة الدراسة، ومنهم من دخل الحياة العملية، فبعضهم يقطن في عنابةوسكيكدة وعزابة والقل والزيتونة ومازالت سلالته ممتدة إلى ما شاء الله، خاصة أن أحفاد أحفاده أغلبهم متزوجون، ليبقى زواج عمي صالح في هذه السن يؤكد مقولة أن السعادة من صنع أيدينا.