وزير الخارجية التركي: الجزائر إحدى ضمانات الاستقرار في المنطقة    صناعة الألواح الشمسية: مجمع "لونجي" الصيني يبدي اهتمامه بالاستثمار في الجزائر    المغرب: تنديد حقوقي بالتضييق على مسيرتين بالدار البيضاء و طنجة رفضا لاستقبال سفن محملة بأسلحة إبادة الفلسطينيين    اليمن يُهاجم هدفين إسرائيليين في الأراضي المحتلة..استهداف حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" والقطع التابعة لها    الصين : بكين تعارض إبرام دول أخرى صفقات مع واشنطن على حسابها    جيش الاحتلال يواصل جرائم الإبادة الجماعية بحق المدنيين.. استشهاد 10 فلسطينيين جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة    كرة القدم/الرابطة الأولى موبيليس: الكشف عن التشكيلة المثالية للجولة    "براغ تلتقي بالجزائر .. رحلة سينمائية وإبداعية" : لقاء سينمائي دولي لتعزيز التبادل الثقافي وتطوير الكفاءات    الشلف.. مشاركة أزيد من 100 متربصا في التصفيات الولائية لأولمبياد المهن    ابتسام حملاوي:مخابر دولية تسعى لاستهداف الشباب الجزائري بالمخدرات    ورقلة..برنامج هام لتدعيم شبكات توزيع الكهرباء في الصيف المقبل    أبواب مفتوحة بتيزي وزو:"الخدمة الوطنية مدرسة لصناعة الرجال وتعزّز الشعور بالإنتماء للوطن"    بوغالي يعزي في وفاة عضو مجلس الأمة البروفيسور وليد العقون    كرة القدم / الرابطة الأولى موبيليس - الجولة ال24 : تأجيل لقاء شبيبة الساورة - اتحاد الجزائر إلى يوم السبت 26 أبريل    وزارة التربية تعكف على وضع استراتيجية لتحسين ظروف الدراسة في المؤسسات التعليمية    الشباك الوحيد وهيئتا التصدير والاستيراد: اضفاء شفافية أكبر على الاستثمارات وتعزيز مكانة الجزائر الاقتصادية دوليا    وفاة الفنانة بادي لالة عميدة فن التيندي    مكافحة المعلومات المضللة : الاتحاد الإفريقي يجدد اشادته بدور الجزائر الريادي في مكافحة الإرهاب    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    اليوم العالمي للابتكار والإبداع: الوكالة الوطنية لتثمين نتائج البحث تبرز جهودها لدعم التنمية المستدامة    تحديد مواعيد جديدة لفتح أبواب جامع الجزائر ابتداء من اليوم الاثنين    العنف يُخيّم على الكرة الجزائرية مجدّداً    سِباق مثير بين المولودية وبلوزداد    تعليمات الرئيس انتفاضة ضد النقائص    نعمل على تحويل الجنوب إلى وجهة عالمية    ثلوج مُرتقبة    تسخير تسعة موانئ لاستقبال سفن الأضاحي المستوردة    مؤتمراتحاد عمال الساقية الحمراء ووادي الذهب: التأكيد على مواصلة النضال لتحقيق الأهداف المشروعة للشعب الصحراوي    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51240 شهيدا و116931 جريحا    عرض استراتيجية قطاع الشباب    الطبخ الجزائري يأسر عشاق التذوّق    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    توثيق جديد للفهد "أماياس" بشمال الحظيرة الثقافية للأهقار    شباب يرفضون العمل بأعذار واهية    استشهاد 4 فلسطينيين بالنصيرات وخان يونس بغزة    تقطير الزهور.. عبق الأصالة في زحمة النسيان    حذار من التجارة عبر الأنترنت    15 موقعا لاحتضان مهرجان العاصمة للرياضات    إدارة مولودية الجزائر تندد    شايب يلتقي مع أفراد الجالية الجزائرية المقيمة ببلجيكا ولوكسمبورغ    توعية النواب حول مخاطر اختراق الهواتف النقّالة    توقعات بجني 2.5 مليون قنطار من الطماطم الصناعية بقالمة    توبة يوجه رسالة قوية للاعبين مزدوجي الجنسية    انطلاق تظاهرة شهر التراث    بالله يا حمامي" و"باتا باتا" تجمعان شعوباً عبر الموسيقى    على الخشبة نلتقي" بقسنطينة    مانشستر سيتي يريد مازة بديلا لكيفين دي بروين    هذه مقاصد سورة النازعات ..    صادي يجتمع بالحكام    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    تقييم أداء مصالح الاستعجالات الطبية: سايحي يعقد اجتماعا مع إطارات الإدارة المركزية    حج 2025: اجتماع اللجنة الدائمة المشتركة متعددة القطاعات    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أخلقة الحياة السياسية في برنامج الرئيس الجديد
بقلمموسى بودهان
نشر في الشروق اليومي يوم 25 - 12 - 2019

في الخطاب الموجَّه إلى الشعب يوم 20 ديسمبر الجاري بحضور جميع الهيئات العليا في البلاد، عقب إعلان المجلس الدستوري فوزه في الاستحقاق الرئاسي ل 12/12 وأدائه اليمين، جدد السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، وعده بالتأسيس لجمهورية جديدة “جمهورية المواطنة” جمهورية تتكرس فيها دولة القانون وتتجسد فيها الحكامة والشفافية وحسن التدبير، جمهورية تضمن فيها العدالة المستقلة الحامية فعلا للحقوق والحريات الفردية والجماعية، كما جدَّد التزامه بفصل المال عن السياسة، وتجفيف كافة بؤر الغش واستغلال أطراف للاستيراد قصد تضخيم الفواتير والرشوة وتضارب المصالح واستغلال النفوذ ومنح امتيازات غير مشروعة أو غير مبررة للغير وإبرام صفقات مشبوهة أو مخالفة للقانون وإساءة استخدام السلطة والفساد بوجه عام، متوعدا كل من يحاول التلاعب والتحايل على الدولة بمتابعته قضائيا. وللعلم فإن كل ذلك وغيره لن يتم ذلك إلا من خلال مراجعة المنظومة القانونية للانتخابات…
الانتخابات تشكل إحدى الآليات المثلى لتحقيق الديمقراطية في أسمى معانيها وأوضح صورها خاصة من حيث إسناد المهام وتولي المسؤوليات الانتخابية، شريطة أن تمارس في فضاء قوامه النزاهة والشفافية… ويعدُّ النظام القانوني للانتخابات من الآليات القانونية والمؤسساتية في تجسيد هذه الديمقراطية، لكونه يتيح الفرص أمام الشعب، صاحب السيادة ومصدر كل السلطات، للمشاركة في الانتخابات والاستفتاءات والتعبير الحر عن إرادته في النظام السياسي الذي يختاره وعن انتقائه لحكامه ومراقبتهم ومحاسبتهم وعزلهم عند الاقتضاء.
في هذا السياق حاولت الجزائر، مرارا وتكرارا، تجسيد قواعد هذه الديمقراطية المنشودة في كل الاستحقاقات الانتخابية وعبر ترسانة ضخمة من الآليات القانونية والمؤسساتية، بيد أنها باءت كلها بفشل ذريع في ذلك نتيجة عوامل كثيرة وأسباب عديدة منها: الغش، التحايل، التزوير والفساد بوجه عام…” والذي يعزى بدوره إلى نقائص واختلالات وثغرات وتشوهات في تلك الآليات القانونية والمؤسساتية.
لقد عانت الجزائر طويلا من تجارب انتخابية مريرة بشأن تزوير هذه الأخيرة مع ما ترتب عنها من مؤسسات منتخبة ذات هشاشة عميقة وسمعة سيئة (معطوبة في بنيتها ومطعون في مصداقيتها…) داخل الوطن وخارجه. ولإصلاح هذا العطب الفادح وإعادة المصداقية لهذه الانتخابات وترميم الثقة المهزوزة في مؤسساتنا المنتخبة على أسس صحيحة، وتفاديا للانتقادات اللاذعة الموجهة للآليات السالفة الذكر.
وللتكفل بذلك ونحوه لابد من إعادة النظر لاسيما في المنظومة القانونية للانتخابات، معتقدين أن حل أزمة شرعية الانتخابات وهشاشة المؤسسات المنتخبة في الجزائر يكمن أيضا في نمط الاقتراع والعد الإلكتروني والورقة الموحدة أو القائمة المفتوحة وتقسيم الدوائر الانتخابية… فقانون الانتخابات باعتباره آلية أساسية من هذه الآليات، يحتاج فعلا إلى تعديلات:
تتعلق احتياطيا ب: 1. تحديد معايير ومقاييس وشروط أخرى تكون أكثر موضوعية ووضوحا ودقة وعدلا وإنصافا للترشح للانتخابات.
2. الأخذ بالدائرة الإدارية “الدائرة” بدلا من “الولاية” كدائرة انتخابية، لكون الناخب ينتقي أو يختار “ينتخب” فيها المرشح الذي يرتضيه “المفضل لديه” عن قرب مؤكد ودراية كاملة مما يجعله متابعا دائما لنشاطاته وأعماله طيلة عهدته الانتخابية وبالتالي تقييمه إن سلبا أو إيجابا “بمنحه الثقة لتجديد عهدته أو نزعها منه وحرمانه منها.
وتتعلق أساسا ب: 1- تغيير نمط الاقتراع النسبي الحالي المبني على القائمة المغلقة المتسبب الرئيسي في:
أ. التمكين المطلق للأحزاب ترتيب المترشحين للانتخابات التشريعية والمحلية مقابل الحرمان التام للناخبين من هذا الترتيب الذي يُفترض أن يكون من حقهم لا من حق الأحزاب، وهو ما يشجع كثيرا على شراء الذمم والرشوة في ترؤس قوائم الترشح والبيع والشراء في أصوات الناخبين والفساد الانتخابي والسياسي بوجه عام.
ب. التمويل الخفي للحملات الانتخابية وفي اختلاط المال الفاسد بالسياسة “ترتيب المترشحين الأوائل في قوائم الترشيح بالرشوة…”، واستبداله بنمط آخر يكون متسما بشفافية أكثر وديمقراطية أفضل، نمط يجنبنا مساوئ بل كوارث النمط الأول، نمط يعيد الثقة المفقودة بيننا ويدفع بنا إلى أخلقة الحياة العامة، وليس السياسية فقط، في بلادنا إنه نمط الاقتراع النسبي المبني على القائمة المفتوحة.
2 – ضبط موضوعي وعقلاني لمسألة تمويل الحملات الانتخابية مع تشديد جرم تدخل المال الفاسد في العمل السياسي وشراء الأصوات والذمم وعدم التصريح بالممتلكات، وهنا لابد من الإشارة إلى أن تمويل الحملات الانتخابية صار من المداخل الرئيسية في اختلاط المال الفاسد بالعمل السياسي وبالفساد في العمليات الانتخابية وفي الحياة السياسية بوجه عام. لذلك، وجب الانتباه إلى مثل هذه القضايا المتسبِّبة في هشاشة مؤسساتنا المنتخَبة بالطعن في شرعيتها وتشويه سمعتها، ونعتقد جازمين أن مبادرة السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، الرامية إلى تكفل الدولة بتمويل الحملات الانتخابية للمترشحين، لاسيما الشباب الجامعيين، للانتخابات، حماية لهم من الوقوع فريسة في يد المال الفاسد، أي تفاديا لما سبق ذكرُه “اختلاط المال الفاسد بالسياسة وإفساد الحياة العامة” وكذا رد الاعتبار للهيئات المنتخَبة، فقط لو يُعمَّم هذا التدبير أو الإجراء على كل المترشحين لجميع الانتخابات وليس الشباب الجامعيين وحدهم.
للإشارة، فإن كل ما قدمناه آنفا لا يعدو أن يكون مجرد محاولة تمهيدية “أولية”، قد نتبعها بمحاولات أخرى، ذلك أن مواضيع أخلقة الحياة العامة، وليس السياسية فقط، من خلال الممارسة النظيفة والصادقة لكافة المسؤوليات التي يجب أن تخضع، حتما وباستمرار، للرقابة ولتقديم الحساب وللجزاء، مع فصل المال عن السياسة، ومحاربة التمويل الخفي “غير المشروع أو غير القانوني” للحملات الانتخابية وللأحزاب السياسية ولمنظمات المجتمع المدني، ورد الاعتبار للهيئات المنتخبة وملاحقة كافة أصناف الفساد… وغيرها من المواضيع ذات الصلة تستوجب مقالات بل بحوثا ودراسات قائمة ومستقلة لذاتها وهو ما يمكن أن نتكفل به في القريب العاجل إن شاء الله.
ختاما، تلكم هي بعض الملامح والتصورات، المتواضعة، التي يمكن، بعد تحويرها وبلورتها، أن تصاغ في شكل مشاريع تمهيدية لقوانين تعدل وتتمم أخرى، آملين أن تجد هذه الملامح والتصورات، على تواضعها، القبول والإثراء مساهمة في حل جزء، ولو يسير، من أزمة شرعية الانتخابات وهشاشة المؤسسات الناتجة عنها. وبالتالي نؤخلق الحياة العامة ونجسد المبادئ السامية للدستور المتعلقة بشفافية ومصداقية الانتخابات والاستفتاءات ونكرس دولة القانون ونعزز التجربة الديمقراطية وندعم الحقوق والحريات الفردية والجماعية في بلادنا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.