يجمع خبراء الاقتصاد على أن تطبيق الالتزامات الاقتصادية التي تعهد بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في لقائه مع الصحافة الوطنية ستستغرق سنة على الأقل لتبدأ نتائجها في البروز للسطح، رغم وصفها ب”الإجراءات الاستعجالية”، في حين يطالب الخبراء بسبق الإصلاحات الاقتصادية بالقضاء على السوق الموازية للعملة الصعبة واعتماد مبدأ الانتقائية في توجيه أموال الدعم وكذا المسارعة لمراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، مؤكدين “لا نجاح للإصلاحات باستمرار بورصة السكوار التي تتحكم في الاقتصاد واقتسام الأغنياء أموال الدعم مع الفقراء”. وقال الخبير المالي والاقتصادي كمال سي محمد في تصريح ل”الشروق” أن تصريحات الرئيس تركز على تعزيز الإنتاج وتحسين مناخ الاستثمار من خلال تغيير قانون الاستثمار، حيث نوه بضرورة تقليص فاتورة الاستيراد ورفع الإنتاج المحلي ولم ينف عودة مشروع استيراد السيارات الذي سيقنن إما في القانون التكميلي أو قوانين المالية للسنوات المقبلة. واستحسن الخبير وصف الرئيس الضرائب الجديدة في قانون المالية الحالي بغير العادلة في إشارة منه إلى الضرائب على المهن الحرة وأيضا ركز على تحسين القدرة الشرائية من خلال ضبط الأسعار ورفع الضريبة على الدخل، بحيث أن حذف الضريبة على الدخل سيحدث زيادة ما بين 800 إلى 2800 دينار، وعلق كمال سي محمد قائلا “لا يمكن تطبيق كل ذلك قبل إزاحة سوق السكوار وتوجيه الدعم ومراجعة الشراكة الأورو جزائرية وكبح الواردات”. وبخصوص استرجاع الأموال المنهوبة، يعتبر الخبير نفسه، أن ذلك سيعتمد على العدالة التي ستتكفل بتحضير ملفات لاسترجاع الأموال ولكن وفق المتحدث الأمر سيستغرق وقتا أطول مما نتوقع، مشيرا إلى أن الرئيس ركز اليوم على المشاريع التي تعتمد على الأجل القصير والحلول المستعجلة ولكن هيكلة الاقتصاد تحتاج حزمة إصلاحات وليس إجراءات مستعجلة وفقط، مضيفا “يجب الانتظار لسنة على الأقل للنظر في تصاعد النمو”، مضيفا “أعتقد أن اللجوء إلى الاستدانة الخارجية سيكون إجباريا في 2022 إذا لم يرتفع سعر النفط”. ومن جهته، يؤكد البروفيسور في مجال الحوكمة الاقتصادية عبد القادر بريش، أن الرئيس تبون أعطى صورة واضحة حول مسار الإصلاحات السياسية، خاصة فيما يتعلق بمسار تعديل الدستور وما يترتب بعدها من تعديل القوانين الخاصة بتنظيم الحياة السياسية، ويتعلق الأمر بقانون الأحزاب وقانون الانتخابات، كما حسم في مسألة الانتخابات التشريعية المسبقة التي ستكون قبل نهاية سنة 2020، بالإضافة إلى مسألة استمرار الحوار والانفتاح على مختلف الشخصيات والطبقة السياسية. وفي الجانب الاقتصادي، أبان رئيس الجمهورية على إلمام عميق بالملفات الاقتصادية، وأقر بصعوبة إحداث التغيير السريع في الجانب الاقتصادي نظرا لتعقد الملفات الاقتصادية، ولكنه أبدى عزمه على إصلاح الأمور وخاصة في المسائل ذات الطابع الاستعجالي التي تمس بشكل مباشر الحياة اليومية للمواطنين وضمان استقرار القدرة الشرائية، عبر الصرامة في مراقبة الأسواق ومنع المضاربات، كما شدد على ضرورة عقلنة الاستيراد، ودعا في هذه النقطة بريش إلى “استيراد فقط ما نحتاجه كمواد أولية أو كسلع استهلاك نهائية”.