تطرق إلى مفاصل الاقتصاد الوطني.. خبراء ل “الحوار“.. مخطط الحكومة الاقتصادي مستوفي الأركان * ناصر: الإشكالية في مصادر التمويل * سواهلية: مخطط الحكومة في اتجاه سليم * بريش: ينطوي على أمور جد هامة * جمعة: لم يتضمن الإصلاح النقدي * بوجلال: نبارك مخطط الحكومة
ثمن بعض الخبراء في الاقتصاد في تصريحهم ل “الحوار” مخطط عمل الحكومة وأشادوا بمضامينه، في حين قدم البعض الآخر في السياق ذاته جملة من النقاط التي يجب على الحكومة خلال مواعدها القادمة أخذها بعين الاعتبار. نصيرة سيد علي للإشارة، توج أشغال اجتماع استثنائي لمجلس الوزراء ترأسه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، المنعقد نهاية الأسبوع أن مخطط عمل الحكومة، الذي “يستمد مرجعيته من التزامات رئيس الجمهورية، يبرز ضرورة الاستعجال باعتماد مراجعة عميقة لأنماط الحكامة واستنباط قواعد جديدة لإنجاح سياسات التنمية وخلق ديناميكية تفاعلية”. ويتم ذلك -حسب البيان- من خلال “عدة آليات، أبرزها إصلاح نظام الانتخابات وتفعيل آليات مبتكرة للإصلاح المالي والضريبي، وطمأنة المتعاملين الاقتصاديين الأكثر تضررا من الاختيارات غير الملائمة في مجال تسيير شؤون الاقتصاد”. كما يركز هذا المخطط على “ثالوث التجديد الاقتصادي القائم على الأمن الغذائي والانتقال الطاقوي والاقتصاد الرقمي”. عجز الموازنة يتجاوز 1500 مليار دينار وفي السياق، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور سليمان ناصر في حديثه ل “الحوار”، أتمنى من رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون تبني استراتيجية بعيدة ومتوسطة المدى، والابتعاد عن مبدأ تغيير السياسات الاقتصادية مع كل حكومة تصل إلى قصر الحكومة، وأن يقدم استراتيجية للفترة الرئاسية المحددة دستوريا بخمس سنوات زائد عهدة، أي الحد الأقصى هو عشر سنوات، ومطالبة الحكومات المتعاقبة في فترة حكمه عدم الرجوع إلى نقطة الصفر ومواصلة عمل الحكومة التي تليها بدل إزاحة الملفات التي تم معالجتها من قبل نظيرتها التي سبقتها، بل على الطاقم الجديد أن يغير الجزئيات، وعليه لا نناقش عمل الحكومة لأنها سيتم تغييرها عاجلا أم آجلا، إنما لا بد من مناقشة برنامج الرئيس في حد ذاته. كما تساءل الدكتور سليمان ناصر عن إشكالية مصادر التمويل، لأن برنامج الحكومة هذا بحاجة إلى أغلفة مالية كبيرة لتمويلها، علما أن وزير المالية السباق محمد لوكال قال بالتخلي عن التمويل غير التقليدي، في حين نجد المشرع الجزائري قد أقر اللجوء إلى الاستدانة الخارجية في قانون المالية 2020، وأن عجز الميزانية بلغ 1500 مليار دينار، في حين يتوقع ذات الخبير الاقتصادي تجاوز مقدار عجز الميزانية المبلغ المذكور سلفا، نظرا للركود الذي يعاني منه الاقتصاد الوطني، منذ انتفاضة الشارع الجزائري المستمرة التي انطلقت في 22 فيفري 2019، بالإضافة إلى الوضع الدولي الراهن وانعكاسات فيروس كورونا على اقتصاديات العالم والأسواق الدولية، وفي مقدمتها تذبذب أسعار البرميل من النفط علما أن اقتصادنا يضيف ناصر مبني على اقتصاد ريعي. مخطط الحكومة يتضمن رؤى صارمة على صعيد مماثل، قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبد القادر بريش في تصريحه ل “الحوار” نجد ان ملامح مخطط الحكومة ينطوي على امور جد هامة، ونلمس فيه رؤية وارادة صارمة للتكفل بانشغالات المواطنين، خاصة أن مخطط عمل الحكومة في جانبه الاقتصادي يركز على التجدد الاقتصادي في ثلاثة محاور رئيسية وهي: الامن الغذائي، والانتقال الطاقوي، واقتصاد المعرفة، بالاضافة الى حرصه على وضع مخطط لتشجيع الاستثمار وإرجاء الثقة للمتعاملين الاقتصاديين، وتصحيح الاختلالات التي عرفتها السياسات العمومية في مجال القطاع الصناعي وقطاع صناعة السيارات، كما تضمن مخطط عمل الحكومة -يضيف بريش- حرص الرئيس على ضرورة ان تكون التنمية الاقتصادية متوازنة، والاهتمام بالتنمية المحلية وإرساء نظام حكامة جديدة. تهرب ضريبي فاق نسبة 40% من جهته، ثمن الخبير الاقتصادي أحمد سواهلية في حديثه ل “الحوار” محتوى برنامج الحكومة الذي ناقشه مجلس الوزراء الذي ارتكز منطقيا -حسبه- على تعهدات عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية في مجمله، على الجانب المالي والصناعي والتجاري من أجل هدف كبير، وذلك كما قال بداعي الرفع من القدرة الشرائية، وتحسين المعيشة، وتنويع الاقتصاد، والرفع من وتيرة التنمية المحلية، ويعتبر اهتمام مخطط الحكومة في جانبه المالي أن إصلاح المنظومة الضريبية إجراء مهم، لما تعرفه هذه المنظومة من فساد كبير خلال الحقبة الماضية من تهرب ضريبي الذي فاق -يضيف سواهلية- نسبة 40% من المبلغ المراد، وذلك بالاعتماد على فرض ضريبة الثروة، ورفع الضريبة عن اصحاب الدخل الضعيف، ومتابعة الضرائب غير المحصلة. يجب الاعتماد على الصناعة الغذائية للتقليل من فاتورة الاستراد وبخصوص الجانب التجاري والصناعي من هذا المخطط، يرى الخبير الاقتصادي أحمد سواهلية في حديثه ل “الحوار” أن هذا الإجراء يعتمد على الأسواق المحلية في كثير من السلع المحلية بدعم مرافقة وإنشاء مؤسسات ناشئة وصغيرة ومتوسطة، والتقليل من فاتورة الاستيراد، وذلك لا يتأتى إلا بالاعتماد على صناعات غذائية وتحويلية ونسيج وخدمات كالصحة والنقل والطرقات، والتي لا تتطلب رؤوس أموال كبيرة، في حين يمكن الاستعانة وجلب الاستثمارات الأجنبية للصناعات المتوسطة والكبيرة، وذلك كله من أجل الحد من فاتورة الاستيراد التي تعد عاملا مهما في الحفاظ على احتياط الصرف الذي بلغ اليوم 62 مليار دولار، هذه الإجراءات وأخرى يشير المتحدث ذاته تعد خطوة في الاتجاه الصحيح من أجل تنمية اقتصادية عادلة وشاملة تمس كل القطاعات والجهات من الوطن والتي يلمسها المواطن في حياته الاجتماعية. الحكومة الجديدة تحاول ضمان الاستقرار وفي الإطار نفسه، أكد الخبير المالي وعضو المجلس الإسلامي الأعلى أن بمقاربة موضوع مخطط الحكومة بالمعطيات الحالية نجد أن الحكومة ورثت تركة جد ثقيلة، لا تستطيع إيجاد الحلول لكل المسائل العالقة على كثرتها بعصا موسى، لأن الحكومة الجديدة -يضيف بوجلال- تحاول قدر المستطاع ضمان الحد الأدنى لتحقيق الاستقرار المجتمعي المتسم بالغليان، وعليه يبارك عضو المجلس الإسلامي الأعلى محمد بوجلال مخطط عمل الحكومة، الذي قال بشأنه إنه استطاع الخوض في تفاصيل الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها البلاد. الجزائر بحاجة إلى هندسة مالية جديدة قال الخبير الاقتصادي الدكتور نبيل جمعة في حديثه ل “الحوار” إن مخطط الحكومة تطرق إلى الجوانب التي سهى عنها سابقا، والمتمثلة في شق الاصلاح المالي والضريبي، وأن في مخطط الحكومة الجديد تم إدخال تعديلات عليه، وهو الشيء الذي نثمنه، وتبقى المشكلة في كيفية تطبيقه على أرض الواقع، والآليات المعتمدة لإصلاح البنى التحتية، وكذا عمليات الدفع التقليدية التي عطلت عجلة الاقتصاد الوطني، حيث نجد ما يعادل 300 شركة أنهت إنجاز المشاريع التي أوكلت إليها ولم يتم تسديد مستحقاتها، وأعلنت إفلاسها، جراد ذلك تماطل في عملية الحصول على أموالها، كما لم يدرج مخطط الحكومة ميكانزمات وأدوات المرافقة في التجارة الدولية، داعيا إلى فتح باب الاستثمار وإعادة النظر في مناخ الأعمال، كما لم يتناول مخطط عمل الحكومة الإصلاح النقدي الذي ظلت الجزائر تعمل بقانون النقد والقرض المستورد من ألمانيا منذ 90 القرن الماضي علما أن الجزائر بحاجة إلى هندسة مالية جديدة.