في ظل دعوات متجددة للحد من الهجرة غير الشرعية، وقمع عصابات الاتجار بالبشر، أقام العشرات من سكان مدينة تيارت جنازة شعبية ضخمة للحراق، زكريا ويلام، الحراق الذي كان في عداد المفقودين منذ 40 يوما. وقد ووري الفقيد الثرى، مغرب الخميس، في أجواء حزينة طبعها البكاء على الميت والقلق على المفقودين، الذين لا يزال أهلهم في حيرة كبيرة عليهم، إذ لا يعرفون ما إذا كانوا موتى أم أحياء، في وقت لا يستطيعون التحري بأي طريقة. وكان ظهور جثة زكريا ويلام في شاطئ سيدي فرج بالجزائر العاصمة أول مؤشر عن مصير ضحايا رحلة الحرقة المشؤومة، التي سمع كثير من الناس بخبر انطلاقها وعدم وصول ركابها إلى مبتغاهم، في ظل أنباء عن غرق الجميع تنقلها منشورات على الفايسبوك زادت في تعذيب أهل المفقودين. وقالت مصادر عائلية إن التعرف على جثة زكريا كان عبر شريحة هاتف كانت في أحد جيوبه حيث إن قراءتها حددت بعض الأرقام التي اتصل بها الفقيد، ليتم تحرك الدرك الوطني نحو العائلة وإبلاغها مع الشروع في إجراءات تحديد الهوية لاحقا باقتطاع عينات من الحمض النووي للتأكد، وهو ما أثبت هوية زكريا، الذي يكون قد لقي حتفه بسبب البرد قبل أيام فقط، مما يطرح مزيدا من الأسئلة عن مصير المجموعة وغيابها منذ 16 ديسمبر الماضي. وقد شاعت أخبار عن وجود لقطات فيديو على الشريحة تصور آخر لحظات غرق المركب المطاطي لكن لم يتم تأكيد المعلومة من أي جهة. تصريحات المعزين وأهل الراحل وأولياء المفقودين أمام بيت العزاء في مدخل حي السوناتيبا بمدينة تيارت وفي مقبرة عين قاسمة توزعت بين تبرير الهجرة غير الشرعية بالبطالة، وضيق الأفق لدى الشباب الجزائري وبالتالي ضرورة قيام السلطات بواجبها عبر توفير حياة أفضل الجزائريين، وبين المطالبة بالضرب بيد من حديد على أيدي منظمي رحلات الحرقة، والحكم عليهم حتى بالإعدام، على حد تعبير أحد المعزين الذي قال إن ابن أخيه كان ضمن الرحلة مع زكريا ويلام. للإشارة، كشف بعض المعزين أن الرحلة التي دفع فيها كل راكب مبلغ 50 مليون سنتيم كانت مبرمجة لأن تكون عبر ما يسمى بالقارب السريع لكن في آخر لحظة تغيرت الخطة بسبب تردد قائد الرحلة ليتم استعمال قارب مطاطي عادي قيل إن ربانه لم يكن ذا تجربة. للتذكير، لا تزال أخبار غرق ضحايا الحرقة متواصلة على شبكات التواصل الاجتماعي مع نشر صور بعض المفقودين، حيث يجري حديث عن وفاة سيدة وابنها مع مجموعة أخرى من الشباب كانوا في نفس الرحلة في وقت كذبت عائلة لاعب كرة القدم أمين خيثر خبر وفاته المتداول على الفايسبوك، لتؤكد أنه خرج في رحلة حرقة لكن لا أخبار مؤكدة بخصوص مصيره فيما دعا والده رواد الفايسبوك إلى الكف عن نشر المعلومات التي لا تزيد إلا جرحا لقلوب عائلات المفقودين. للتذكير، يبدي كثير من المتابعين لأخبار الحرقة قلقا متزايدا بسبب أخبار تفيد بقيام بعض منظمي هذا النوع من الرحلات بالتصفية الجسدية للركاب حتى قبل الإقلاع أو برميهم في عرض البحر للحصول على ما يحملون من متاع وأموال ثم يتركونهم أمام أقدارهم لينجو البعض من الغرق فيموت بالبرد إن لم يجد من ينقذه.