تشكّل المؤثرات العقلية تحديا كبيرا للمهنيين والمسؤولين وحتى السلطات الرسمية في البلاد بما فيها الأجهزة الامنية التي تتجند لإحباط عمليات ترويجها من قبل شبكات منظمة امتهنت تحويلها عن مسارها العلاجي وحوّلتها إلى مخدرات وسموم.. رغم أن عدد المؤثرات العقلية المتداولة في الجزائر لا يتعدى 7 أدوية إلا أن صيتها ذاع وانتشر لدى العام والخاص، ويؤكد الخبراء أنّ معظم الأدوية التي يتم المتاجرة بها وتحويلها عن مسارها العلاجي غير مصنفة كمؤثرات عقلية فعليا مثل "الترامادول" و"تريكسيفينيديل" و"البريغابالين". وعرفت الجزائر في المدة الأخيرة مستجدات وتحركات لتنظيم وصفها وصرفها وحيازتها من خلال مراسيم تنفيذية وقوانين وتعليمات وزارية يعول عليها في كبح الانتشار الرهيب والمخيف لها خاصة في ظل ما يتعرض له المهنيون سواء أطباء أو صيادلة من اعتداءات قد تكلفهم حياتهم. ومن المنتظر أن يتعزز هذا المجال قريبا بآليات وتدابير جديدة منصوص عليها في المرسوم التنفيذي التنظيمي للمؤثرات العقلية الذي سيدخل حيز التطبيق في الخامس أفريل المقبل. نقابة الصيادلة تستعجل القوانين وتحذر وكشف بلعمبري مسعود رئيس النقابة الجزائرية الوطنية للصيادلة الخواص، نهاية الأسبوع المنصرم، عن تنظيم ما يناهز 30 جمعية عامة لشرح وتوضيح كيفية العمل بالمرسوم لفائدة الصيادلة عبر مختلف ولايات الوطن ولا يزال العمل ساريا ومتواصلا لتفسير كيفية تطبيق هذه الاجراءات الجديدة وذلك بالتنسيق مع مجلس الأخلاقيات. ومن بين الإجراءات المستحدثة في المرسوم حسب بلعمبري تنظيم جميع سلسلة المؤثرات العقلية من استيراد المادة الأولية الى غاية استيراد الأدوية والتوزيع والصرف من قبل الصيادلة سواء العموميين أو الخواص وكذلك كيفية وصفها من طرف الأطباء بالإضافة إلى السجلات الوطنية التي يمضيها ويؤشر عليها مدير المؤسسة في القطاع العام، ومدير الصحة بالنسبة للقطاع الخاص سواء مستشفيات أو عيادات أو أطباء خواص أو صيادلة خواص، إلى جانب نوع جديد من الوصفات الإلكترونية من 3 نسخ وبألوان مختلفة وردية وصفراء وبيضاء، فالوردية يحتفظ بها الطبيب كنسخة والصفراء يحتفظ بها الصيدلي والبيضاء تبقى لدى المريض وتكون لها أرقام تسلسلية لتتبع وتأمين مسار المؤثرات العقلية ووجود أثر لصرف الأدوية. وقال بلعمبري إنه "قبل اليوم كنا في فراغ قانوني تام لا يوجد نص تنظيمي ينظم كيفية العمل بالمؤثرات العقلية سواء من الناحية التقنية أو المهنية أو الأدارية وأثّر ذلك على الصيادلة في الميدان وجعلهم يعانون، حيث أن النص القانوني الوحيد الذي كان موجودا هو 04-18 الصادر في ديسمبر 2004 الذي يكافح الاستعمال غير الشرعي للمؤثرات العقلية والمخدرات، لكن القانون وحده لا يستطيع علاج المشاكل الميدانية، لذا كان على الحكومة تحضير المرسوم التنفيذي لإعادة تنظيم هذا المجال وتم فعلا الشروع في تحضير المرسوم منذ أكتوبر 2016 والانتهاء من إعداد مشروع المرسوم التنفيذي في جوان 2019 ليصادق عليه من طرف الحكومة في 17 جويلية 2019 وتم نشره في أول عدد في الجريدة الرسمية في 5 جانفي 2020 وهو أول مرسوم يوقع عليه الوزير الأول الحالي عبد العزيز جراد، ينظم جميع سلسلة المؤثرات العقلية من استيراد المادة الأولية إلى غاية استيراد الأدوية والتوزيع وصرفها من قبل الصيادلة سواء العموميين أو الخواص وكذلك كيفية وصفها من طرف الأطباء". عقوبات تصل سنتين حبسا لكل من يهدّد أو يعتدي على صيدلي ويأمل الصيادلة والمهنيون بالتوازي مع هذا المرسوم الإفراج عن مشروع قانون يعدل القانون 04-18 يتضمن إجراءات جديدة مثل بوابة إلكترونية مؤمنة لتدوين جميع الوصفات تستحدث بصفة تلقائية الوصفة الالكترونية وكذلك إجراءات لحماية الأطباء والصيادلة ضد التهديدات والاعتداءات بقوة القانون وإقرار عقوبات بين 6 أشهر إلى سنتين على كل من يعتدي على صيدلي أو طبيب لوصف أو صرف وصفة طبية تتضمن مؤثرات عقلية. وكشف بلعمبري أن القانون تمت صياغته النهائية من قبل لجنة مكونة من أربعة أطراف هي وزارة العدل ونقابة الصيادلة الخواص ومجلس أخلاقيات المهنة والديوان الوطني لمكافحة المخدرات وينتظر عرضه على الحكومة والبرلمان قبل توقيعه من قبل رئيس الجمهورية. وتنظم النقابة الوطنية للصيادلة الخواص لقاء وطنيا بنزل الأوراسي يوم 9 مارس بمشاركة جميع الوزارات والهيئات الرسمية المعنية بالملف الصحة والعدل وأجهزة الأمن والديوان الوطني لمكافحة المخدرات ومجالس الأخلاقيات للأطباء والصيادلة للحديث عن النظام القانوني والنصوص التنظيمية لتسيير المؤثرات العقلية. تصنيف جديد للمؤثرات العقلية لمواجهة شبكات المخدرات وتحدث بلعمبري عن تحريف مسار عديد الأدوية العلاجية لأغراض الإدمان والمخدرات من قبل منحرفين وشبكات تروج لتلك المهلوسات رغم أن هذه المواد غير مصنفة كمؤثرات عقلية. وقال بهذا الخصوص إنّ وزارة الصحة ستنشر في الأيام القليلة القادمة قرارا وزاريا جديدا يصنّف المؤثرات العقلية وفق ما أعلنه الوزير المنتدب للصناعات الصيدلانية لطفي بن با احمد ويخضعها لنفس إجراءات المؤثرات العقلية مثل البريغابالين والترامادول والتي رغم عدم تصنيغها سيتم اخضاعها للاجراءات الجديدة مثل تدوينها في الدفاتر والسجلات ووصفها في الوصفات الخاصة. وأردف بلعمبري "لتأمين مسار هذه المواد المحرفة وغير المصنفة تعلن وزارة الصحة أنها ستخضع هذه المواد لنفس إجراءات المؤثرات العقلية من حيث الحيازة والوصف والصرف لكن من الناحية القانونية تبقى غير مصنفة على هذا الأساس ولا تخضع للإجراءات الجزائية للقانون 04-18 ".