بعد الضجة الكبيرة التي أحدثها الثنائي ندير مقناش و بيونة إلى جانب لبنى أزبال في فيلم "فيفا لالجيري" الذي خرج لجمهور الشاشة الكبيرة في الجزائر سنة 2004، بمشاهد إباحية منذ الدقائق الأولى، هاهو يعود مجددا للخروج بدراما كوميديا أكثر جرأة من السابق، " دليس بالوما" الذي انطلق عرضه الشرفي الأول، مساء أول أمس بمعهد العالم العربي، فيما ينتظر أن تشهد قاعات السينما الفرنسية عروضا شرفية أخرى للفيلم قبل تاريخ خروجه في الحادي عشر من الشهر الجاري. يكتشف المشاهد من جديد الممثلة الكوميدية بيونة في دور كوميدي ساخر لبطلة الفيلم " مادام لالجيريا" زعيمة عصابة - شبه جمعية خيرية- تعالج مشاكل الناس باسم الوطنية ، مقابل مبلغ مالي، و أي كانت طبيعة تلك المشاكل فهي تكلفها في معظم الحالات مقالب قذرة،( حتى منح شيء من المتعة العاطفية للترويح عن الناس)، المهم بالنسبة لهذه الشخصية هو الكفاح من اجل العيش في بلد حيث كل الخدع مسموح بها. "بالوما" هو اسم يطلق على نوع من المثلجات أطلقته "مادام لالجيريا" بدورها على شابة ( أيلين براندي)،تلتحق بالفريق مؤخرا، وتغير قدر العصابة و حياة زعيمتها التي تقترب بفضلها من حلم شراءها لحمامات كركلا القديمة. يعتبر فريق عمل الفيلم الذي مدته ساعتين و أربعة عشر دقيقة، العمل في مجمله كمرآة عاكسة لجزائر اليوم و لظروف حياة الناس و أحلامهم،و ذلك من خلال أدوار شارك في تأويلها جملة من الفنانين الكوميديين من بينهم الممثلة نادية قاسي في دور" شهرزاد" شابة تحلم بالحب و لقاء النصف الآخر، دانيال لوند في دور رياض ابن الزعيمة، الذي يأمل لقاء والد لم يعرفه يوما، ناهيك عن شخصيات أخرى كلها تتطلع لتحقيق مشروع ما ، وصول هدف و بلوغ سعادة معينة أو التخلص من مشاكل ربما تستدعي بعض التنازلات و الهفوات، حتى و إن تنافت مع الضمير. هو الوجه الذي يكشفه ندير مقناش بعد أن سبق له لن أنجز فيلمي " فيفا لالجيري" و"حرم السيدة عصمان (سنة 1999). يصر في" دليس بالوما" على رسم ملامح مجتمع ألهمه في خلق شخصية " مادام لالجيريا" التي تعبر حسب وجهة نظره عن حالات اجتماعية و مظاهر متفشية ، طالما ندركها من حولنا بالعين المجردة، أبطالها مثلهم مثل" الجيريا"، أفراد يسعون للصعود و الارتقاء اجتماعيا على خلفية تعج بالتجاوزات اللاشرعية، قانون البقاء للأقوى، تفشي الرشاوى و المعاملات بالأفضلية بحكم المنصب أو المركز أو الوضع المالي. و يبدو أن المخرج لم يجد لحد اليوم أفضل من الفنانة الأكثر شعبية في الساحة العاصمية، لانتحال الشخصيات الجريئة و المعقدة التي يقترحها لبطولة أفلامه في كل مرة. سيما و أن الصور الأولى والومضات الترويجية للفيلم تكشف عن لقطات ساخنة تخترق جدار الجرأة و الطابوهات، تظهر فيها بيونة امرأة جريئة إلى حد الوقاحة بيونة بدأت تفتح أبواب شهرتها شيئا فشيئا، في باريس أين أصدرت نهاية السنة الماضية ألبوما غنائيا عنوانه " شقراء في القصبة" لدى دار" ناييف" قبل أن تشرع في دورة عبر أوروبا لمشاركتها في مسرحية "الكترا" لصوفوقليس إلى جانب المسرحية جين بركين انتهت منها شهر مارس الماضي لتستأنف دورتها الفنية الخاصة. و يبدو أن النكهة الباريسية لشهرتها لم تغير شيئا من طرافتها و سخريتها الواقعية و السوداء، في عودتها إلى الشاشة الكبيرة و الكوميديا الجزائرية. في حين لا يعاب على المخرج ندير مقناش إصراره على انتشال الو جه الأخر للجزائر ، بقدر ما ينتقد فيه إصراره على ربط الجزائر بكل ماهو عري وفساد ولا أخلاقي، لذا فان "دليس بالوما "هو في الواقع الجزء الثاني ل" فيفا لالجيري" فالاثنان يسيران على نفس الخط الدرامي. فاطمة بارودي