للأزمات كذلك، تجار إشاعات ودعايات مغرضة، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يقولون، وهو ما يستلزم التريث والتيقّن قبل تداول أيّ شيء "طازح"، فإذا جاءكم "فاسق" بنبأ فتبيّنوا.. والحال، أن وباء كورونا، مثل ما أراده "الفجّار" من عديمي الذمّة، فرصة للربح السريع، عن طريق المضاربة والغشّ وتسويق السلع الفاسدة، يُريده نوع آخر من "الخلاطين" لصناعة التهويل والترويع ونشر الأخبار والصور الكاذبة! الملاحظ أن الكثير من الإشاعات يتمّ إطلاقها هنا وهناك، من طرف محترفين وهواة، بعضهم من باب اللعب والتسلّي بآلام الآخرين، والأغلبية منهم يحاولون تأليب الرأي العام وترهيبه وتحريضه، في ظرف طارئ، من المفروض أنه حالة استعجالية للتلاحم والتعاون والتضامن، ووضع اليد في اليد، لابتكار الحلول، من أجل تجاوز محنة بمشيئة الله طبعا والتضرّع إليه أناء الليل وأطراف النهار بدون تردّد ولا استهتار! صنّاع الإشاعة، لا يختلفون في الشكل والمضمون، عن منتجي السلع المنتهية الصلاحية، ومفتعلي الطوابير والندرة بهدف إشعال النار في الأسعار، و"تقنين" السرقة وليّ ذراع الشعب والدولة، بأزمة مفبركة، ولا يختلفون كثيرا عن المتاجرين في غذاء ودواء المروّعين، فهم في الاستغلال سواء، ولسان حال المتضرّرين والضحايا يردّد "ربي وكيلكم"! لا فرق بين من يقطع الأرزاق ويقطع الأعناق، ويزرع الهلع بالإشاعة والأخبار الكاذبة، وبالتضليل والتغليط، والمصيبة أن الدعاية تتحوّل إلى "خطر على النظام العام"، عندما تكون البلاد والعباد في أزمة عصيبة، وفي منعرج خطير، وهذا النوع من "الفيروسات" يجب محاربتها مثل ما يتمّ مواجهة كورونا، بدون رحمة ولا شفقة، لأنها أخطر من الوباء نفسه! الإشاعة في "الحروب" هي سلاح فتاك، وبطبيعة الحال فإن الجزائر كغيرها من بلدان العالم، في حرب مفتوحة ضدّ وباء "كوفيد 19″، ولذلك، فإن من يستخدم الإشاعة عن قصد وبغرض إلحاق الضرر، يتحوّل بلغة القانون والدين والأخلاق، إلى "مجرم" يتقاطع مع من يزهق الأرواح ويسرق وينهب ويتآمر ويدمّر وينقل العدوى للناس مع سبق الإصرار والترصّد! الجزائريون بحاجة في هذا الظرف الحسّاس والاستثنائي، إلى من يزرع في نفوسهم الأمل والتفاؤل والطمأنينة وراحة البال، وليس إلى من يروّعهم ويشوّش حياتهم وينغّصها ويختلق كلّ ما هو مكروه، وهنا يلعب الوعي الفردي والجماعي، والتبليغ عن "المشبوهين"، و"المتورطين"، و"المندسّين"، حتى تتوقف المتتالية الهندسية، ونضع حدّا لكلّ ما هو سلبي ومثبط للعزائم، وكاسر للهمم، ودافع إلى اليأس والقنوط.. فلا تقنطوا من رحمة الله.