خوف وهلع.. سخرية ونظريات مؤامرة على مواقع التواصل الاجتماعي.. فمن نشر أخبار مفبركة، إلى نشر أكاذيب، إلى سعي بث الذعر في نفوس الجزائريين الذين وضعهم فيروس "كورونا" في حالة قلق يدفعهم للتشبث بأية معلومة حتى لو كانت غير صحيحة من مروجي الشائعات الذين ينفثون سمومهم، تحت إطار ما يعرف ب"فايك نيوز"، ليجد هؤلاء أنفسهم متابعون بجريمة خطيرة هي "المساس بالوحدة الوطنية"، كوننا نعيش ظرفا استثنائيا. هي الحقائق التي سجلتها "الشروق" وهي تلتقي المقدم عبد القادر زيغيد، ضابط سامي مختص في علم الإجرام بقيادة الدرك، الذي أكد أن مصالح الدرك شرعت في تكثيف العمل الاستعلاماتي من طرف فرق مكافحة الجريمة الإلكترونية لتحديد هوية ناشري الصور والفيديوهات الكاذبة والشائعات مما يعرف ب"الفايك نيوز" لتضليل الرأي العام وزرع البلبلة وإحباط معنويات المواطنين والتشكيك في مجهودات الدولة. وأوضح المقدّم أنه مع انتشار فيروس كورونا يشعر البعض أنهم يواجهون "قاتلا مجهولا" يهدد بفناء البشر، وبالتالي فإن التأثير النفسي لذلك يتزايد، وبالتالي يستغل مروجو الأخبار الكاذبة وناشرو الفيديوهات المفبركة الفرصة لترويع المواطنين، مشددا أن الهدف من وراء ذلك هو الإضرار بالأشخاص والهيئات والتأثير على الرأي العام، واصفا مروج الشائعة بشخص مسموم، يتلون كالحرباء، وينفث سمومه في المجتمع. الإشاعة أخطر من كورونا وتتنوع أشكال وطرق نشر المحتويات الزائفة والأخبار الكاذبة إلى جانب تركيب الفيديوهات حول وباء "كورونا" المستجد، حسب المقدم زيغيد، الذي كشف في لقاء مع "الشروق" بقيادة الدرك، أن هناك من يروج صورا لحالات مرضية عادية ويربطها بالإصابة بالوباء، في تهويل خطير لعدد الإصابات وخرق فاضح لحقوق المصابين، وهناك من انتحلوا صفة أطباء وممرضين، وهناك من نشر صورا وأسماء محلات عمومية وشركات اقتصادية حيوية ومؤسسات سياحية بدعوى أنها سجلت حالات استنفار بسبب العدوى، مما أثر على نشاط تلك المرافق والمؤسسات الحيوية، وهناك من يقوم بنشر فيديوهات مركبة لحالات سجلت في إيطاليا أو إسبانيا ويدعي أنها حدثت في عدد من أحياء الجزائر العاصمة أو ولايات أخرى، خاصة البليدة، وهناك أيضا من ينشر أخبارا كاذبة تؤثر على المزاج العام وتدفعه للقلق والتوتر والتفكير في اقتناء السلع والمواد، ويشجع التجار على الاحتكار والمضاربة. وكما يقال رب صدفة خير من ألف ميعاد، فخلال تواجدنا بقيادة الدرك، فإن المختص في علم الإجرام المقدم زيغيد وصلته قضيتان في إطار محاربة أشكال التهويل وتغليط الرأي العام، من خلال زرع البلبلة والتشكيك في الجهود المبذولة. الإضرار بالمصلحة الوطنية لامرأة نشرت معلومات كاذبة القضية الأولى التي عالجتها فصيلة الأبحاث للدرك الوطني بوهران، تتعلق بمقطع فيديو عبر صفحة على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك"، حاملة لاسم "الجزائر لايف- l'Algérie en direct"، يتضمن ادعاءات امرأة بأن أشخاصا تحت الحجر الصحي بالمركب السياحي الأندلسيات بالعنصر، المتواجد بدائرة عين الترك ولاية وهران، غادروا المركب قبل استكمال فترة الحجر الصحي المحددة بخمسة عشر يوما، لتتراجع بعدها وتصرح في فيديو آخر بأن المعلومة التي قدمتها خاطئة وتؤكد عدم حدوث ذلك. وتم فتح تحقيق في القضية، وأسفر عن تحديد هوية المعنية، وهي المسماة "إ.م" البالغة من العمر 30 سنة، كما مكنت التحريات من توقيفها وتقديمها أمام الجهات القضائية المختصة، بتهم عرض لغرض الدعاية منشورات من شأنها الإضرار بالمصلحة الوطنية، وإهانة موظفين قصد المساس بشرفهم واعتبارهم والاحترام الواجب لسلطتهم. أما القضية الثانية فتتعلق بشخص نشر معلومات كاذبة عبر الفايسبوك بخصوص وفاة شخص بفيروس كوفيد 19، حيث تم توقيفه وتقديمه أمام الجهات القضائية التي أمرت بإيداعه الحبس المؤقت بتهمة المساس بسلامة الوحدة الوطنية بعد ما تأكد توفر النية الإجرامية لإحداث البلبلة وترويع المواطنين لدى هذا الأخير. رعب جماعي و"بسيكوز" عام بسبب فيديوهات وأكد محدثنا أن التحقيقات جارية والقضايا كثيرة من هذا النوع تعالجها حاليا المجموعات الإقليمية للدرك، بما فيها هؤلاء الذين ينشرون أكاذيب حول ندرة السلع والحجر الكلي، مما يدفع المواطنين إلى التهافت لاقتناء المواد الغذائية، مع استغلال التجار لاحتكار وتكديس هذه السلع للمضاربة فيها. ودعا الضابط إلى "التوقف عن بث الإشاعات التي لا تزيد إلا من نشر الرعب والهستيريا في نفوس المواطنين"، مشيرا إلى أن الظرف يتطلب تعاملا حذرا مع المعلومات والأخبار وعدم التلاعب بها.