تعرف أجور اللاعبين الجزائريين الناشطين في البطولة المحلية تزايدا مستمرا من موسم إلى أخر، في نفس الوقت الذي يتراجع فيه مستوى الكرة، في وقت يشتكي فيه أيضا رؤساء الأندية من عدم قدرتهم على مواكبة المنحى التصاعدي التي تتبعه رواتب اللاعبين. فعبد الرحمان حشود، لاعب مولودية الجزائر، هو الأعلى أجرا في الرابطة الأولى المحترفة، وهذا من مفارقات الكرة في الجزائر، لأن ابن العطاف مدافع احتياطي في مولودية الجزائر والمنتخب الوطني، يتقاضى مبلغ 350 مليون سنتيم شهريا، بالرغم من أن الأمر الطبيعي في كرة القدم بأن اللاعبين الأكثر دخلا هم لاعبو الوسط والمهاجمون. وأما فيما يخص اللاعب الأضعف أجرا في الجزائر هو من فئة أقل من 21 سنة تمت ترقيته لصنف الأكابر لفريق وداد تلمسان هذا الموسم، بحيث يتقاضي 5 ملايين سنتيم شهريا، و أمثاله كثيرون في مختلف الأندية الجزائرية، مع العلم بأن أعلى راتب تقدمه إدارة الوداد هو 65 مليون سنتيم. ويأتي لعموري جديات، متوسط ميدان اتحاد الجزائر، في المرتبة الثالثة في سلم ترتيب اللاعبين الأعلى أجرا ب250 مليون سنتيم شهريا. وأما المهاجم المتألق مع المنتخب الوطني في تصفيات كأسي افريقيا 2013 والعالم 2014، إسلام سليماني، فيتقاضى شهريا 175 مليون سنتيم، من إدارة شباب بلوزداد، ولم تكن إدارة الشباب لتقبل بمنحه هذه القيمة لولا تهديد لاعب الشراڤة السابق بالتنقل إلى شبيبة القبائل الصيف الماضي، لا سيما وأنه كان حرا من أي التزام عقب نهاية الموسم الماضي، وكانت لديه عدة عروض محلية وأجنبية. ويقارب راتب حارس اتحاد الحراش والمنتخب الوطني عز الدين دوخة، 130 مليون سنتيم، وهو أقل بكثير مما يتقاضاه فوزي شاوشي في مولودية الجزائر حيث يقارب راتبه 300 مليون سنتيم، مع العلم أن أغلب الاحتياطيين في اتحاد الحراش يتقاضون 20 مليونا. وفي فريق مولودية وهران، فإن بومشرة وعواد، هما الأعلى أجرا إذ يتقاضى كل واحد منهما قرابة 130 مليون سنتيم، ويأتي بعدهما عواج ب90 مليونا، بينما أضعف راتب لا يفوق 10 ملايين سنتيم وهو من نصيب محمد فدال لاعب من فئة 21 سنة، وأما إدارة وفاق سطيف فقد حددت 180 مليون سنتيم كأعلى راتب يمكن منحه لأفضل لاعب في الفريق، و هو المهاجم الدولي محمد أمين عودية، في حين ينال جرودي أضعف راتب وهو 25 مليون سنتيم. ويشار إلى أن رؤساء الأندية المحترفة، لا زالوا يطالبون بتسقيف أجور اللاعبين، و قد اقترح البعض منهم في اجتماعاتهم الأخيرة عدم منح أكثر من 70 مليون سنتيم لأحسن اللاعبين المحليين. . زياني وبلحاج وبوڤرة ومغني يقبضون أكثر من 8 ملايير شهريا تحتل البطولة القطرية المركز الأول بين البطولات التي تدر المال الوفير على اللاعبين الجزائريين، لذا شد الكثير منهم الرحال نحو هذه الإمارة بحثا عن المستقبل الذي لا يضمنه سوى عقد جيد بسبب التنكر للكثير من اللاعبين الذين خرجوا من الباب الضيق بعد ما أفنوا حياتهم في خدمة المنتخب الوطني. ويتربع كريم زياني، لاعب نادي الجيش القطري على قائمة اللاعبين الأكثر دخلا في البطولة القطرية، إذ يقبض شهريا مبلغ 250 ألف أورو، ما قيمته في السوق السوداء 3 ملايير و700 مليون سنتيم، أي أن بإمكان اللاعب السابق لنوادي تروا، لوريون، سوشو، مرسيليا، فولزبورغ، قيصري سبور مثلا شراء فيلا بالعاصمة كل شهر، خاصة وأن اللاعبين في قطر لا يدفعون الضرائب مثل ما هو الحال في البطولات الأوروبية. وكريم زياني ليس الأعلى دخلا بالنسبة للاعبين الجزائريين، بل حتى بالنسبة لبقية الأجانب، إذ لا يفوقه في أجرته الشهرية سوى المحترف الجديد بنادي السد راوول غونزاليس بلانكو نجم ريال مدريد السابق. ويحتل الظهير الأيسر بنادي السد نذير بلحاج المركز الثاني في قائمة اللاعبين الجزائريين الأكثر دخلا في البطولة القطرية، براتب شهري يصل إلى 150 ألف أورو ما يعادل بالعملة الجزائرية 2.2 مليار سنتيم، وهو مبلغ لم يكن يقبض ربعه في البطولة الإنجليزية، إضافة إلى الضرائب التي كان يدفعها. ويتواجد الماجيك مجيد بوڤرة قلب دفاع نادي لخويا في الصف الثالث براتب شهري لا يتعدى 90 ألف أورو ما قيمته مليار و300 مليون سنتيم شهريا، بينما زميله في نفس النادي مراد مغني يصل راتبه إلى 70 ألف أورو ما قيمته مليار سنتيم بالدينار الجزائري. وبالنسبة للاعبين الشباب فيتصدرهم لاعب نادي العربي بوعلام خوخي براتب شهري يقدر ب10 آلاف أورو شهريا يليه لاعب نادي لخويا كريم بوضياف براتب يتراوح بين 7 و10 آلاف أورو. وبعملية حسابية نجد أن اللاعبين الأربعة المذكورين أوّلا يتقاضون مجتمعين 8.2 مليار سنتيم، وهو مبلغ ضخم جدا بالنسبة لعدد قليل من اللاعبين، مما يعطي السبب الكافي لتوافد لاعبينا على البطولات الخليجية. . جبور "الملياردير" صاحب أعلى أجر في تاريخ الجزائر بقرابة 40 مليارا سنويا على خلاف السنوات الماضية، تعيش الكثير من الأندية الأوروبية بما فيها العريقة أزمة مالية خانقة، وهو ما يترجم هجرة الكثير من النجوم إلى الصين وقطر وروسيا وحتى إلى دول إفريقية ومنها الجزائر إلى درجة أن المدرب السويسري ألان غيغر قال عندما كان يشرف على نادي شبيبة القبائل أنه يعيش في نعمة كبرى، لأن ما يتقاضاه من أجر في الجزائر بالعملة الصعبة لا يُقتطع منه في الضرائب، كما يحصل في أوروبا، ولم يعد لاعبو الكرة في الفرق المنتمية للدرجة الثانية أثرياء، وبقي أمر الثراء مقتصرا على بعض الأندية الشهيرة التي لم تصبها عواصف الأزمة الاقتصادية، التي أضرت باللاعبين الجزائريين بدليل أن أكثر من أربعين لاعبا مغتربا شدّوا رحالهم إلى الجزائر قادمين من فرنسا وبلجيكا وحتى من اسكتلندا، حيث أجور بعض الأندية تسيل اللعاب. ويعتبر حاليا هداف البطولة اليونانية رفيق جبور ب11 هدفا هو أعلى اللاعبين أجرا في تاريخ الكرة الجزائرية، فبالرغم من أنه ينشط في اليونان التي تئن تحت وطأة أزمة اقتصادية خانقة، إلا أنه يتقاضى 3.1 مليون أورو سنويا وهو أعلى راتب في اليونان، ويفوق مقداره بالعملة الجزائرية الأربعين مليارا في السنة ناهيك عن المنح، ومنها منحة التهديف، وخاصة بلوغ الفريق التأهل لمنافسة أوروبا ليغ، ويسير عبدون على خطاه بعد تألقه في الفترة الأخيرة، والملاحظ أن النجم سفيان فيغولي مازال مرتبه دون كل لاعبي برشلونة وريال مدريد وحتى فالنسيا، حيث لا يزيد عن 900 ألف أورو سنويا أي قرابة 12 مليارا بالعملة الجزائرية، وهو ما جعل تجديده لناديه يعرف هذا التأخر، لأن اللاعب الذي بلغ سن 23، يدرك أن ناديه يعاني من أزمة مالية ولا يريد توريطه في عقد يضعه في أزمة أجر متدن جدا، بينما تعتبر وضعية مصباح في ميلان غريبة جدا، حيث أن مرتبه هو الأقل في ثاني أكبر فريق في أوروبا بعد ريال مدريد من حيث التتويجات الأوروبية، إذ لا يتعدى مرتبه السنوي 600 ألف أورو فقط، وهو ربع مرتب لاعب في العشرين في نفس النادي، وهو ستيفان الشعراوي. . غزال في الدرجة الثانية.. أجره أعلى من مصباح لاعب ثاني أكبر نادي أوروبي مرتب مصباح لا يقارن إطلاقا بمرتبات نجوم ميلان مثل ميكسيس وروبينيو وباتو التي تزيد عن أربعة ملايين أورو سنويا رغم أنهم يعانون جميعا من إصابات تجعلهم يغيبون على الدوام، والغريب أن لاعبا مثل عبد القادر غزال الذي ينشط في الدرجة الثانية في نادي باري الإيطالي ولا يلعب بسبب الإصابة يتقاضى أجرا أعلى من مصباح لاعب ميلان بأكثر من 700 ألف أورو في السنة، ويطلب المزيد، وهو نفس الطلب الذي تقدم به يبدة لناديه غرناطة الذي يعاني في البطولة الإسبانية، حيث طالب بمليون أورو سنويا، وكان يتقاضى مع نواديه الأوروبية السابقة التي لعب لها وهي بنفيكا البرتغالي وبورتسموث الإنجليزي ونابولي الايطالي 700 ألف أورو فقط. . بودبوز وقادير وغلام "فقراء" في عالم الاحتراف باستثناء باريس سان جرمان وليون ومرسيليا، فإن الفرق الفرنسية تقدم رواتب لا تختلف كثيرا عن رواتب الدوليين الجزائريين في الجزائر، وهو ما جعل منصوري يرفض عرضا من ناديه السابق لوريون ويقبل اللعب لشباب قسنطينة، وحتى مرتب غلام لا يزيد شهريا عن 600 مليون بالعملة الجزائرية، وهو نفس راتبي بودبوز وقادير الذي لولا طموحهما في تجربة مع مرسيليا لتواجدا في الجزائر. . عبد المالك سراي: أجور لاعبينا خيالية و"خطر" على أحلام الشباب وصف الخبير الاقتصادي الجزائري عبد المالك سراي أجور اللاعبين الجزائريين في البطولة الوطنية ب"الخيالية" و"المبالغ فيها" مقارنة بالمستوى المعيشي للشعب الجزائري، ومردود هؤلاء فوق أرضية الملاعب. وقال الدكتور سراي في تصريح ل"الشروق":"أجور اللاعبين خيالية ومبالغ فيها، إذا قارناها بالمستوى المعيشي للجزائريين والمحيط العام لهؤلاء اللاعبين.. إنهم يلعبون في محيط لا يسمح لهم بتطوير إمكاناتهم ولا حتى بلوغ مستوى يبرر الأموال التي يتحصلون عليها، الصورة انقلبت هنا لأنه كان من المفروض أن تكون الأندية، على اعتبار أنها شركات بفعل الاحتراف، هي المعنية بتوفير الظروف والمناخ المناسبين للاعبين لتطوير مستواهم، وليس الحرص فقط على توفير أجور خيالية.." قال سراي. إلى ذلك أشار الدكتور سراي إلى الخلل والمقاربة غير المتوازنة بين أجور اللاعبين والمحيط والمناخ المعيشي بالجزائر، "الأجور كبيرة وتغطيتها بالمداخيل غير ممكن..الشباب الجزائري الذي يشكل شريحة الأنصار فقير ولا يمكنه حتى دفع ثمن تذاكر المباريات، ومن هنا يكمن عدم التوازن بين مصاريف الأندية ومداخيلها..صراحة يجب إعادة النظر في هذه الأجور ودراستها بطريقة عقلانية، لأنها خطيرة على أحلام الشباب الجزائري.." أكد الخبير الاقتصادي، مضيفا:"الأمر خطير لهذه الدرجة لأنه حتى بعض الأندية في أوروبا لا تقدم أجورا مثل التي يتحصل عليها لاعبون حاليا في البطولة الجزائرية"، في حين وصف اختيار بعض لاعبينا للإحتراف بالخليج ب"الخطأ الكبير"، "لقد اختاروا الأموال بدل تطوير مستواهم" قال سراي. من جهة أخرى، دعا الدكتور سراي وزارة الشباب والرياضة إلى إعادة النظر في السياسة الرياضية، والعمل على تحقيق التوازن بين جميع الرياضات، لا التركيز على كرة القدم فقط، "على الوزارة تحقيق التوازن بين جميع الرياضات، صحيح أن كرة القدم هي الرياضة الأكثر شعبية، لكن الأموال التي خصصت لها حطمت الرياضات الأخرى..رفع العلم الجزائري في المحافل الدولية لا يقتصر على كرة القدم، بل هناك رياضات أخرى وخاصة الفردية شرفت الجزائر، أحيانا ما يسجله عداء مثلا لا يمكن لأحد عشر لاعبا تحقيقه، وما فعله مخلوفي في الأولمبياد والسباح التونسي الملولي لأكبر دليل على ذلك.." قال سراي.