عادت الفضائح لتطارد من جديد الشركة البترولية الجزائرية سوناطراك من وراء البحار بعد متابعة مديرها في لبنان و16 متهما من موظفي ومسؤولي المنشآت النفطية في قضية فساد وتلاعبات كبرى تخص شحنات " زيت الوقود المغشوش" التي تصدرها الشركة للبنان بناء على عقد واتفاقية مبرمة بين الدولتين منذ 2005، وتكلفتها تقدر بملايير الدولارات. أمرت النائبة العام للمحكمة الاستئنافية في جبل لبنان غادة عون، السبت، بإيداع 17 شخصا الحبس المؤقت من بينهم مدير شركة "سوناطراك" في لبنان وعدد من موظفي ومسؤولي المنشآت النفطية على ذمة التحقيق معهم في قضية "زيت للوقود (الفيول أويل) المغشوش" والتي كشفت عن حصول تلاعب كبير في عمليات الاستيراد ورشاوى تم تقديمها لعدد من كبار الموظفين. وحسب ما نقلته وسائل إعلام لبنانية، فالتحقيق انطلق في القضية بناء على الإخطار المقدم من قبل المحامي عضو المكتب السياسي في "التيار الوطني الحر" وديع عقل ورئيس لجنة مكافحة الفساد، والذي أفاد بأن هناك أموال مالية تدفع بالدولار من الخزينة العامة مقابل شراء" الفيول أويل" والمشتقات النفطية، حيث تبين أنه غير المطابق للموصفات، مع وجود شبهات في طريقة الاستيراد من الخارج ودفع رشاوى مقابل ذلك. وذكرت تقارير إعلامية إلى أن القضية ترجع تاريخ 16 مارس الفارط بعد وصول شحنة "فيول أويل" نوع من زيت الوقود الناتجة عن عملية التقطير المجزأ للنفط الخام، إلى مرفأي "الجية" و"الزوق" بلبنان قادمة من مرفأ مالطا، وخضعت الحمولة لأول اختبار للجودة من قبل شركة " Bureau veritas" وتبين أنها مطابقة للمواصفات، وعندما وصلت إلى بيروت في 16 مارس من الشهر الماضي، قامت وزارة الطاقة اللبنانية بتكليف شركة "yello tech" كمراقب لإجراء اختبار الجودة، في حين كلفت "سوناطراك" الجزائرية شركة "pst" للقيام بالمهمة نفسها عند وصول الشحنة إلى مرفأي الجية والزوق وتبين أنها أيضاً مطابقة للمواصفات، لكن بعد 10 أيام من ذلك حيث فتح مصرف لبنان اعتماد السداد ل"سوناطراك"، تم أخذ عينة لفحصها من قبل شركة "Bureau veritas" فرع دبي فتبين أنها غير مطابقة للمواصفات، وهو ما أحدث ضجة كبيرة قامت على إثرها وزارة الطاقة بمراسلة شركة "سوناطراك" والتي أكدت أن الشحنة المرسلة كانت مطابقة للمعايير، لتكلف شركة"pst " مجددا لإجراء فحص العينات، وتبين أنها غير مطابقة للمواصفات، والأرجح أن ذلك بسبب بقاء الحمولة من دون تفريغ لأيام، لتقوم شركة "سوناطراك" بإرسال باخرة "فيول" بديلة، حيث كلفت وزارة الطاقة شركتي " veritas " و "pst" لإعداد تقرير تقني يبين ما حصل للحمولة وجعلها غير مطابقة للمواصفات، في حين طلبت شركة "سوناطراك" من شركتين بريطانيتين هما Minton trehane & davies و Oil bulq & quality services" إجراء التحاليل وإعداد تقرير تقني. ونظرا للتحقيق المفتوح بمحكمة الاستئناف بجبل لبنان وللتمكن من إفراغ باخرة فيول من دون تكبيد الخزينة خسائر، لاسيما أن القسم الأكبر من الموظفين قد تم توقيفهم، سمحت القاضية عون لقسم محدد من الموظفين بالانتقال بمرافقة عناصر فرع المعلومات ، لإجراء الفحوص المخبرية على عينات الفيول في المختبرات وإرجاعهم للحبس المؤقت، وفي انتظار خروج النتائج المخبرية للشحنة فشركة سوناطراك ستتكبد خسائر كبيرة بسبب الصفقة خاصة أن الباخرة الأولى تم إرجاعها واستبدالها بثانية. جدير بالذكر أن فضيحة مثل هذه قد تعصف من جديد بصورة مجمع سوناطراك البترولي والذي لم يمر وقت طويل على خروجه من وحل الفضائح التي لحقت به طيلة عشرين سنة الماضية، ولا يزال يدفع ثمنها إلى يومنا هذا، وإلى أن تكشف التحقيقات في لبنان صحة الادعاءات والتقارير التي تخص "الفيول المغشوش" تبقى التساؤلات تحوم حول هذه القضية وتوقيت تفجيرها بالذات ومع انهيار أسعار البترول، وخاصة أن عدد من التقارير الإعلامية اللبنانية السابقة لقرار إيداع 17 متهما الحبس المؤقت، كانت قد أشارت لوجود شكوك حول الملف والذي انطلق على إثر تغريدة لوزيرة الطاقة السابقة ندى بستاني على حسابها على "تويتر"، جاء فيها بأن الفيول المستورد من شركة "سوناطراك" الجزائرية غير مطابق للمواصفات، ما تسبّب في خفض التغذية بالتيار الكهربائي، والتي حملت في طياتها عدة تساؤلات حول ما إذا كانت بداية لصياغة "الحجج المبررة" كي تغادر بواخر "كارادينيز" لبنان بعد تغير سعر الصرف وعقدها الموقع مع الدولة اللبنانية بالليرة اللبنانية، أم أنها تسعى عبر الضغط بالتوقف عن العمل لأسباب تقنية لتغيير "عملة" العقد أو طبيعته بسبب شح الدولار في السوق اللبناني، خاصة أن لبنان يعاني من ديون التكلفة التراكمية للكهرباء بقيمة 40 مليار دولار.