انتقد الأستاذ محمد أوس، نقابي سابق وأستاذ مكوِّن، وباحث في مجال البيداغوجيا وشؤون التربية والتعليم، ما اعتبره سقوطا لنقابات القطاع، هذه الأيام، في الفخ، بانجرارها وراء العنوان الرئيسي الذي ضيقت عليها هذه الأخيرة من حدوده، عندما أشركتها في النقاش والاستشارة عن كيفية إنهاء السنة الدراسية ومراجعة رزنامة الامتحانات الرسمية، ضمن حيز زمني ضيق ومحدود، بسبب جائحة كورونا، فيما أغفلت ما كان يجب أن يكون في صلب النقاش، بالتفكير في مخارج آمنة لإنقاذ التحصيل العلمي بالدرجة الأولى، بدلا من نجدة شكلية للموسم الدراسي الحالي. ويرى الأستاذ أوس أن الحديث عن مقترحات قد توصَد بعدها أبواب الاجتهاد بقرار نهائي حول مصير السنة المدرسية، أمر سابق لأوانه، في ظل غياب أي معطيات واضحة عن عمر هذا الوباء، وعمر أزمة القطاع في كنفه، معيبا في هذا السياق تفكير كافة الأطراف المعنية بتناول هذا الملف والمحمولة على الفصل فيه، بالسعي إلى غلقه، رغم أن البرنامج الدراسي لم يكتمل. وهو ما يوحي – حسبه – إلى التخلص من عبء هذا الملف العالق وفقط، مشيرا في الموضوع إلى أن الجائحة كانت من أول تداعياتها على القطاع أنها أوقفت التدريس وليس الامتحانات، ليتساءل: "كيف يعقل أن يتركز التفكير والحديث اليوم عن مقترحات حول البدء بعملية التقويم السنوي الذي يحدد معايير الانتقال إلى القسم الأعلى بغرض إنهاء الموسم الدراسي بفصلين دراسيين فقط، بالنسبة للتلاميذ غير المعنيين هذا العام بالامتحانات النهائية، وباللجوء إلى نظام الإنقاذ مع مرشحي السانكيام والبيام، في حين أن الحكمة تستوجب التريث وإرجاء موعد هذا التقويم وكذا تاريخ إجراء البكالوريا إلى حين التفرغ مما تبقى من البرنامج الدراسي ليشمل دروس وكفاءات الفصل الثالث، الذي يعول على استدراكه من خلال ذات المقترحات في شكل مختصر قبيل الدخول المدرسي الجديد بقليل. ودعا المتحدث الوصاية لأخذ تداعيات الفراغ الدراسي الذي أحدثته هذه الجائحة لدى التلاميذ، على مدار حوالي 6 أسابيع دراسية لحد الآن بعين الحسبان، في تحديد مصير التلاميذ ومستقبل القطاع، إن كانت تحرص بصدق وأمانة على ضمان جودة التعليم في جميع الظروف العادية وغير العادية، وبما يتوفر لديها من حلول متاحة وإمكانات، حيث يرى ذات المتحدث إلى جانب آخرين تدور آراؤهم في نفس الفلك، أن الذهاب مباشرة إلى التقويم باحتساب معدلات الفصلين المدروسين بدلا من التفكير أولا في استكمال التحصيل العلمي، وتحديث آليات المراجعة في هذا الظرف الاستثنائي إلى أجل تحدده فقط المعطيات اللاحقة، يعد بمثابة سياسة "بريكولاج"، وخطأ جسيم يغتال أولا مبدأ تكافؤ الفرص، وبخاصة يقلص من حظوظ التلاميذ المحددة بثلاثة امتحانات فصلية لتلافي الرسوب، وآخر للاستدراك بالنسبة لضعاف المستوى. وأشار المتحدث إلى نماذج عن دول أوروبية وعربية، ترقى فيها قراراتها إلى مستوى الحكمة والتبصر، منها الجارة تونس التي قررت رأب الصدع في قطاع التعليم لديها، بفتح المجال أولا للدراسة بنظام الأفواج، ووفق إجراءات وقائية، ومن تم الحديث عن الامتحانات وإنهاء الموسم الدراسي بأقل الخسائر، بدلا من طمأنة أفراد الجماعة التربوية والأولياء، باستبعاد شبح السنة الدراسية البيضاء بأخرى قد لا يكون سوادها من مداد السيالة، وإنما من حلكة الجهل في اتخاذ القرار الذي يحمي مصيرهم إلى أبعد مدى.