شهدت، أول أمس، قاعة الموقار بالعاصمة، العرض الأول لفيلم نادية شرابي »وراء المرآة« بحضور مكثف لأهل السينما والإعلاميين. الفيلم إخراج نادية شرابي وسيناريو سيدي علي مازيف وبطولة نخبة من الممثلين منهم رشيد فارس، كمال رويني ونسيمة شمس في أول وقوف لها أمام الكاميرا كممثلة. الفيلم استغرق إعداده أكثر من اربع سنوات نظرا للصعوبات المالية التي عرفتها المخرجة التي أعطت إشارة الانطلاق في تصوير العمل في 2003 واضطرت إلى التوقف أكثر من مرة وحتى إلى تحوير القصة التي كانت في البدء »ميمونة«. ورغم هذا المسار الطويل في الركض خلف البحث عن الإمكانات، نجحت المخرجة في شد جمهور قاعة الموقار طيلة مدة الفيلم إلى عمل جزائري بكل ما تحمل كلمة جزائري من خصوصيات ومآسي ومشاكل ولحظات الفكاهة أيضا. الفيلم يروي قصة »سلمى« التي تعرضت لاغتصاب من طرف زوج الأم وتطرد من البيت من طرف والدتها لتجوب الشوارع وتضطر إلى ترك طفلها في سيارة »كمال« الذي يقوم برعاية الطفل والبحث عن سلمى. وخلال هذه الرحلة يعكس لنا العمل مجموعة من الرسائل والظواهر التي يعيشها المجتمع الجزائري، مثل مأساة الأطفال اللقطاء والمشردين وفقر العائلات الجزائرية. القصة بسيطة جدا حيث ابتعدت السينما لأول مرة منذ العشرية السوداء عن أفلام الإرهاب والسياسة إلى معالجة بعض ما أفرزته الأزمة أو ما قد يتسبب في أزمات لاحقة من مشاكل المجتمع العميق في الجزائر. وقد نجح الممثل المحترف رشيد فارس في تقمص الدور وتجسيد شخصية الجزائري بكل ما يحمل من طيبة ونيف ورجلة أيضا قد تصل إلى حد التعصب والغضب والبكاء وقلّ ما يبكي الرجل الجزائري. من جهته كمال رويني وحجلة خلادي، رغم صغر الأدوار التي أوكلت إليهما، لكنها قدما دعما للشخصية الرئيسية في الفيلم »نسيمة شمس« الذي ظل أداءها غير مقنع وسطحيا في بعض اللقطات لا يعكس قصة امرأة جزائرية مجروحة ومصدومة. تقنيا كانت الموسيقى التصويرية جانبا من الاحتراف الذي قدم الدعم للحظات الصمت الطويلة التي تخللت الحوار وأداء الشخصيات وإن كانت المخرجة اعتمدت أكثر على اللقطات البعيدة والمكبرة عوض اللقطات الثابتة التي تساعد الشخصية على إقناع الجمهور والأكثر ملاءمة للحظات الصمت وتعبيرات ملامح الشخصية. مدير التصوير إسماعيل لخضر حامينة حاول في التوغل في عمق المدينة وجعلها احدى الشخصيات غير المرئية في تقديم أبعاد سيسو ثقافية للفيلم أبرز عدة قضايا فرعية أخرى تصلح لتكون فيلما مستقلا كمشكلة المشردين وقضايا المرأة لتي أعطتها نادية شرابي في فيلمها أبعادا ليست بالضرورة سياسية. الجميل في الفيلم الأول لنادية شرابي أنه يقول الأشياء البسيطة اليومية خارج السياسة والدعاية الاديولوجية التي طالما قتلت السينما الجزائرية، خاصة في السنوات الأخيرة. وقد استغلت المخرجة خبرتها في مجال علم الاجتماع والسيميولوجيا لإغناء فيلمها بالكثير من الرموز خاصة في استعمال الألوان وتوجيه الكاميرا. كما ساهم غنى تجارب الممثلين القادمين من مختلف الميادين، من المسرح والتلفزيون، في إثراء القصة والأداء. وقد اضطرت المخرجة الاستعانة بخبرات تقنية من فرنسا وسوريا لإنجاز فيلمها الذي ينتظر أن يعرض في عدة مدن من الوطن تمهيدا لعرضه في المهرجانات. زهية منصر:[email protected]