تحوّلت عديد المصالح الاستشفائية في المدة الأخيرة إلى حلبة صراع بين الأطقم الصحية ومرافقي المرضى الذين ينتفضون ويتعاركون بسبب ما يقولون إنه سوء تكفل وتهاون في علاج المرضى، فيما يعتبره الأطباء تطاولا عليهم وجهلا بظروف العمل الصعبة ونقص الإمكانيات والوسائل. وقد دفعت زيادة حالات الاعتداء بأعلى هرم في السلطة ممثلا في رئاسة الجمهورية، إلى التدخل وإقرار عديد الإجراءات المعاقبة والمجرمة لهذا السلوك غير المبرر، وهي التفاتة أثنى عليها كثيرون من العاملين في القطاع الصحي. وثمّن إلياس مرابط رئيس النقابة الوطنية لمهنيي الصحة الإجراءات المتخذة في مجال حماية المهنيين، مبرزا أن اهتمام الرئيس بهذا الملف ترك الانطباع بأن أعلى سلطة في البلاد واعية بحجم وانعكاسات الظاهرة، مؤكدا أنها شكلت مطلبا أساسيا للنقابة منذ سنوات عديدة، حيث كان المطلب مرفوعا في 2012 رسميا وتم تناوله مع الوزارة الوصية التي تعاقب عليها عديد المسؤولين إلا أن المشكل لم يحل بل وتفاقم أكثر. وأوضح مرابط أن الضغط الكبير المسجل في المؤسسات الصحية زاد من حدة الاعتداءات، غير أن الحل –حسبه- ليس في الردع والتجريم فقط ولكنه يكمن بالأساس في تحسين ظروف العمل وتوفير ظروف لائقة للمهنيين لممارسة مهامهم على أكمل وجه بما يجنبهم التعرض إلى التعنيف اللفظي والجسدي الذي يطالهم يوميا، بالإضافة إلى توفير مراقبة عن طريق الكاميرات في أكثر الوحدات تعرضا للظاهرة هي الاستعجالات ومصالح الولادة. وأضاف مرابط أن المواطن لا يفهم النقص المسجل في مجال الإمكانيات المتوفرة في مختلف المؤسسات مؤكدا أن الرعاية الصحية مرتبطة بوسائل وهي مستويات مختلفة فمنها من تقتصر تدخلاتها العلاجية على مستوى معين لا يرقى إلى من هي أكثر تخصصا منها. وكشف رئيس النقابة أن تلك الاعتداءات ترتكب في غالب الأحيان من قبل أشخاص وشباب مدمنين وسكارى وبلطجية يتعاركون خارجا ويتبعون ضحاياهم نحو المستشفيات لإتمام مواجهاتهم الداميةّ، ما يتسبب في الاعتداءات ضد الأطقم العاملة وتخريب للممتلكات العمومية التي يحتاج إليها المواطنون. ورفض المتحدث الربط الدائم للاعتداءات بنقص الخدمات، موضحا أنّها سلوكيات سلبية ومرضية يتجرأ فيها المعتدون على أصحاب المآزر البيضاء دون غيرهم من الأسلاك الأخرى. وحسب دراسة قامت بها النقابة فإن ذروة الاعتداءات ضد المهنيين في الصحة تكون في فترات المناوبة المسائية حيث تسجل بين الخامسة مساء والعاشرة ليلا في فصل الشتاء وبين السادسة مساء والثانية صباحا صيفا. وتستقبل النقابة بحسب ممثلها عديد الحالات في هذا السياق لأتفه الأسباب وأبسطها ما يجعل الجميع في حالة اضطراب وقلق كبير خاصة في هذه الأوقات العصيبة التي يتحمل فيها المهنيون ضغط العمل ومخاطره الصحية وبُعدهم عن أهلهم لعدة شهور خوفا عليهم من العدوى، ومنهم من حُرم من رؤية أولاده وأبويه لفترة طويلة جدا..