تحضر الشاعرة الكاتبة الجزائرية "هدى درويش" لإطلاق رواية جديدة لها "كوكينيا" في معرض الكتاب الدولي القادم، رغم إقرارها بأن المقروئية في الجزائر بالفرنسية أفضل حالا من العربية، كما تحكي عن تجربتها الإبداعية في هذه الدردشة القصيرة التي جمعتها ب"الشروق اليومي". كيف كانت بداياتك؟ كلما سألني أحدهم عن بداياتي، أقف كثيرا وأنا أتذكر "باولو كويلو" في كتابه "كالنهر الذي يجري"، الذي استطاع أن ينقل لنا فيه تفاصيل روحه وطفولته وأحلامه، ضياعه، خوفه وشتاته، كما أستحضر طيف جدائلي وأنا لأول مرة أقرأ كتاب الأجنحة المتكسرة في سن التاسعة، حين أهداني إياه والدي وهو عائد من سفر طويل، نسيت كيف حوّلني جبران بكلماته الدافئة عن سلمى كرامة وصفصاف بيروت وأحجار بشري، عن شوق أبي في دقائق معدودة. كيف استطعت التوفيق بين مهنتك كطبيبة والكتابة؟ في رأيي، لابد للطبيب من أن يكون شاعرا، شاعر بمعنى الشعور بوجع ذات إنسانية أخرى، بأبعادها في التعامل معها، في مواقف ضعف واحتياج، وبوح بالأسرار والوصول إلى الفرح معا، كل طبيب حقيقي يحمل في دواخله شاعرا، ويبقى الأمر في قدرته على التعبير بالأنامل، فتكون الكتابة احتياجا ومتنفسا ومهربا. لماذا اخترت الكتابة بهذا الاسم، هدى درويش؟ اعتقد أنها قصة غرام قبل أن تكون مسألة شغف بالكتابة أو مسألة التزام، فمحمود درويش الرجل كان يستهويني كثيرا كمراهقة، في صورة البطولة الرجالية وعمق التفكير، كان فتى الأحلام بالنسبة لي، وعشقته بعقلي وباقتناع كبير. ما هي آخر أعمالك؟ رواية عنوانها "كوكينيا"، قصة تدور أحداثها في حي الإبراهيمية المصري اليوناني بمدينة الإسكندرية بين فتاة جزائرية مقيمة في فرنسا وشاب يوناني من أصول مصرية، يعودان معا بضربة قدرية إلى نفس المكان، ليجمعهما الحب في إطار ما يسمى بعلاقة توأم الشعلة، وهي ربما المرة الأولى التي يتم فيها تناول هذا النوع من قصص الحب روائيا في عالمنا العربي. وماذا عن تجربتك في الشعر الغنائي؟ أحب التعامل مع الأصوات الملتزمة، لهذا ولد ارتباط روحي بيني وبين الأكاديمية الدكتورة "مارلين يونس"، التي التزمت الإنشاد الكنائسي لفترة طويلة، والتقينا في حبنا للشعر الوجودي وعاطفة الأنثى والوطن، ومنها نشأت أسرار بيروت التي اخترتها من نصوص عدة لي بتصرف من ديواني الوحيد "لأنك دائما تكون غيرك"، كما كانت لي تجربة مع الفرانكو جزائرية "لينا دران" في أغنيتها "في ليلة شتاء"، من كلماتي باللغة الفرنسية. كيف تنظرين إلى المقروئية في الجزائر؟ المقروئية في الجزائر تقلصت بشكل كبير وواضح في كل عشرية مقارنة بالعشرية التي قبلها، ومن المحزن أن نتحدث عن نسبة لا تتعدى السبعة في المائة لسنة 2010، وأعتبر أن مقروئية الأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية أفضل مقارنة بقرينه المكتوب باللغة العربية. وكيف تنظرين إلى الجوائز الأدبية؟ لا أحبها، ولم أترشح لها يوما ولن أترشح لها، لأنه منذ عشرات السنين فقدت الجوائز مصداقيتها، وحين نعود إلى تاريخها نجدها قد وضعت على أسس غير صحيحة منذ أن تم إطلاقها، فهي مجموعة من العلاقات العامة وتصفية للحسابات والتحزبات، ولا علاقة لها بجودة الإبداع أبدا. ما رأيك في موجة الكتّاب الشباب الجدد؟ لا أعتبر نفسي في ذلك المستوى الكافي حتى أطلق أحكامي على قلم كاتب مهما كان صغر سنه أو تجربته الكتابية، لكن الساحة مفتوحة بشكل تجاري غير لائق، فلا يمكننا أن نمنع أحدا عن الحلم إطلاقا، فقط على أي كاتب أن يسأل نفسه وهو يطلق عمله الأول: لماذا عليه أن يكون كاتبا، أم أنه يرتدي فقط رداء الكاتب كلما أتيحت له الفرصة؟ حدث طريف وقع لك خلال مسيرتك الأدبية؟ في مقهى أدبي صغير بالشمال الفرنسي مع العشرات من القراء، كنت أتحدث عن ديواني "لأنك دائما تكون غيرك"، الصادر بالجزائر ومصر سنة 2018، سألتني شابة كانت بهندام غريب وجنوني، مثل ستايل الهيب هوب، عن نظرتي إلى الرجل، فقمت بالدفاع عن الرجل كونه أبي وأخي وصديقي وزوجي، لكن تلك الفتاة كانت فرنسية ألمانية تنتمي إلى حركة "الفيمينيزم"، قامت بشتمي بمجرد أن تلفظت بشهادة منصفة في حق الرجل!