عبد الناصر لم يعد يفصل زوجة عبد الله غول المحجبة عن دخول قصر الرئاسة التركية ،الذي أنجزه كمال أتاتورك منذ أزيد عن ثمانين سنة، إلا خطوة واحدة بعد أن صفع الشعب التركي جيشه ببرنيطة ديمقراطية باطنها طربوش عثماني ظن كمال أتاتورك بنحته لتمثال العلمانية نكاية في الخلافة الإسلامية أنه قضى نهائيا على الروح الشرقية لتركيا، خاصة عندما ضمن حراسة الجيش الحديدية لهذا التمثال المحنط.. الأتراك عادوا ثانية وصاحوا في وجه العالم بأن الإسلام المعتدل هو الحل لشعوب إسلامية ما عاد يقنعها الخطاب الاستئصالي النائم في أحضان الغرب الذي يخاف من الإسلام من دون سبب، فجاءت قنبلة الصندوق لتجعل حزب العدالة والتنمية الذي نجح في كل اختباراته منذ 2002 أقوى من أي وقت، لأن الحزب دخل تركيا وهي في آخر الذيل الأوربي وجعلها صين القارة العجوز، حتى أصبح شبه يقين أن الذين يرفضون دخول تركيا الاتحاد الأوربي إنما يخشون على اقتصاد بلدانهم وليس خوفا من سماحة الإسلام الذي مازال صوته الأعلى ونوره الأقوى في تركيا.. هكذا استفاد حزب العدالة والتنمية من ميزات العلمانية التي أسسها أتاتورك من دون ابتلاعها كاملة وطرق أبواب الاتحاد الأوربي وقد يلج إلى الداخل بأسماء إسلامية مثل رجب ومحمد وعبد الله وبلباس إسلامي لزوجات ساسة تركيا برغم عاصفة منع الحجاب التي هبت على فرنسا وبريطانيا وألمانيا وكانت قد هبت على تركيا منذ عشرات السنين عندما مُنعت حفيدات العثمانيين من ارتداء الحجاب كما ستفعل زوجة "رئيسهم القادم" في المؤسسات التعليمية والإدارية. الدرس التركي يصلح أن يعيد الساسة والشعوب العربية إلى مدارس السياسة لتعلم فنونها، فالشعب إذا أراد وصل والساسة إذا عملوا وصلوا، وليس بالضرورة لعق الأحذية الأوربية والأمريكية وإقامة تحالفات لمحاربة الذات هي التي توصل للحكم أو تثبت القائد في موقعه، فتركيا وضعت قدمها على الطريق الأوربي وستصل وعلى كتفيها وفي قلبها تراثها الإسلامي وتاريخها العثماني من دون نقصان. قديما قال كمال أتاتورك "تركيا علمانية وستبقى علمانية للأبد"... وحديثا قال الشعب التركي "تركيا إسلامية وستبقى إسلامية للأبد".