أعفت التعديلات الجديدة للمادة 573 من قانون الإجراءات الجزائية التي تخص الامتياز القضائي للموظفين السامين في الدولة المستشار المحقق لدى المحكمة العليا من التحقيق في الجرائم التي يرتكبها أعضاء الحكومة أو الولاة أو القضاة، لتحيل المعنيين على المحاكم العادية بموجب قرار من الرئيس الأول للمحكمة العليا، فيما أبقت على المسار القانوني الأول الذي يتطلب إحالة الملف في البداية على النائب العام للمحكمة العليا. وحسب ما جاء في العدد 51 للجريدة الرسمية، فالتعديل ينص على أنه إذا كان أحد أعضاء الحكومة أو أحد قضاة المحكمة العليا أو مجلس الدولة أو محكمة التنازع أو أحد الولاة أو رئيس أحد المجالس القضائية أو إحدى المحاكم الإدارية أو النائب العام لدى مجلس قضائي أو محافظ الدولة لدى محكمة إدارية، قابلا للاتهام بارتكاب جناية أو جنحة أثناء مباشرة مهامه أو بمناسبتها، يحيل وكيل الجمهورية الذي يخطر بالقضية، الملف، بالطريق السلمي على النائب العام لدى المحكمة العليا الذي يخطر الرئيس الأول للمحكمة العليا الذي يعين محكمة أخرى لمباشرة إجراءات المتابعة والتحقيق والمحاكمة، واستثناء لا تطبق أحكام المادة أعلاه إذا أبدى وكيل الجمهورية لدى محكمة القطب الجزائي والاقتصادي والمالي التماساته للمطالبة بملف الإجراءات خلال مرحلة التحريات الأولية أو مرحلة المتابعة. والبارز من خلال التعديل أن إجراءات الامتياز القضائي لصالح موظفي الدولة لا تزال قائمة، خاصة أنها مكفولة بنص دستوري متبوع بالمادة 573 من قانون الإجراءات الجزائية، وفي السياق شرح المحامي نجيب بيطام في تصريح للشروق بأن المشرع الجزائري أخفق في صياغة وتعديل النص الذي لطالما أثار جدلا وسط الجزائريين لمخالفته روح الدستور والذي ينص على المساواة بين جميع المواطنين بغض النظر عن مناصبهم ووظائفهم، وأبدى الأستاذ تحفظا عليه قائلا إنه جد معقد ولا يحقق مبدأ التساوي أمام القانون والقضاء بين المواطن العادي والموظف أو المسؤول السامي، وتابع "كحقوقيين، طالبنا أن يكون الكل سواسية أمام القانون حتى في إجراءات المتابعة، لكن الملاحظ أنه احتفظ دائما بالامتياز الممنوح لهؤلاء"، وأردف "بل زاد النص من تعقيد الإجراءات والتي كان ينبغي اختزالها وإحالة الملف مباشرة على الجهة القضائية المختصة دون المرور على المحكمة العليا، ففي نهاية المطاف إذا كان الجرم المرتكب جناية أو جنحة سيحال على محكمة عادية، فلماذا يختارها الرئيس الأول للمحكمة العليا وكل هذا الدوران في الإجراءات"، مشيرا إلى أنه تم التخفيف على المستشارين المحققين وإضافة مهمة للرئيس الأول للمحكمة العليا، فيما لا يزال الامتياز القضائي معمولا به من خلال التمييز بين موظفي الدولة وباقي المواطنين. وأوضح المحامي بيطام بأن التعديل الجديد منح الصلاحيات لوكيل الجمهورية لدى محكمة القطب الاقتصادي والمالي فقط للمطالبة بملف الإجراءات خلال مرحلة التحريات إذا كان الجرم المنسوب لموظف الدولة يخص قضايا فساد كبرى وبهذا فلن يترتب على رئيس المحكمة العليا اختيار المحكمة التي يحال عليها الملف.