جرّ امتحان شهادة التعليم المتوسط"البيام"، عددا من التلاميذ وبعض الشباب من أقاربهم وأصدقائهم، إلى المحاكم بتهمة تسريب مواضيع الامتحان ونشر ورقة الأسئلة، وهذا بعد فرض المتابعة القضائية ضد مرتكبي الغش بكل أنواعه، وتولي القضاء مهمة محاسبة هؤلاء، كحل ردعي لا بد منه في ظل تفشي ظاهرة الغش في الامتحانات المهمة خلال السنوات الماضية. وفي ما يتعلق بقانون مكافحة الغش ونزاهة الامتحانات والمسابقات وطبقا للمادة 253 مكرر 6، فإن كل من قام قبل أو أثناء الامتحانات والمسابقات بنشر أو تسريب مواضيع و، أو أجوبة الامتحانات النهائية للمتوسط والثانوي، يعاقب من سنة حبسا نافذة إلى 3سنوات نافذة وغرامة من 100الف دج إلى 300الف دج، وهي عقوبات استنكرها بعض الحقوقيون الذين يرونها وسيلة ردع جاءت على عجالة دون دراسات أكاديمية قبلية ولا بحث عن سبل التحكم في جرائم تتعلق بالرقمية. عموميات وقوانين عاجلة تردع الغشاشين ولا تقضي على الغش وفي هذا السياق، قال المحامي زكريا بن لحرش، ممثل للرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن قانون مكافحة الغش في "البيام" و"البكالوريا"، جاء سريعا واستعجاليا دون دراسات أكاديمية سابقة، وهو عبارة عن عموميات، ومواد قانونية لا تتماشى مع الواقع وما يحيطه من مشاكل ونقائص. وأكد أن هذا القانون يمكن أن يردع الغشاشين، ولكنه لا يتحكم في ظاهرة الغش التي باتت سلوكا شائعا في المسابقات والامتحانات خاصة، وخاصة في امتحاني شهادتي، "البيام" و"البكالوريا". وأشار الحقوقي، زكريا بن لحرش، إلى أن المشكل المطروح والمتعلق بمكافحة الغش في الامتحانات والمسابقات، هو عدم التحكم في التكنولوجيا والجريمة الالكترونية، واستعمال منصات التواصل الاجتماعي وحمايتها بأحسن شكل، موضحا أن "الفايسبوك" غير محمي في الجزائر ويمكن لأي شخص أن يستغل الفرصة ويكيد لشخص آخر من خلال نشر ورقات الامتحان سيما المتعلقة ب"البكالوريا" حيث يتعرض من تنشر هذه الورقة في حسابه الالكتروني الخاص أو صفحته الخاصة للعقوبة وحتى لو تبين فيما بعد انه بريء فإن إزعاجه وتوجيه له التهمة يعتبر عقاب في حد ذاته. إجراء يضاعف مخاوف التلاميذ في ظل عدوى كورونا وفي نفس السياق، أعاب المحامي عمار حمديني، على تشديد العقوبة ضد من يقوم بنشر أسئلة الامتحان أو أجوبتها أثناء الامتحان، وهذا حسبه يفتح باب المخاوف والقلق للتلاميذ خاصة الذين يجتازون شهادة البكالوريا، حيث يمكن أن يخرج بعضهم بعد ساعة من الامتحان ويقوم بنشر ورقة الأسئلة أو يقوم شخص آخر بنشرها باسمه في صفحة للفايسبوك، أو يفتح شخص قريب منه حسابه وينشرها، وغيرها من المكايد، حسب حمديني. وقال المختص، إن القانون سيجر عشرات التلاميذ وأهاليهم أو أصدقائهم إلى المحاكم، وهذا جهلا منهم، لاسيما في الشطر المتعلق بنشر ورقة الامتحان أثناء الامتحان، أي حتى بقاء ربع ساعة عن نهاية هذا الامتحان، وهو حسبه ظلم وإجحاف في حق البعض الذين يجهلون القانون واستعمال الرقمنة. وأشار المتحدث إلى أن التلاميذ في المتوسط هم مراهقون غير واعين بما يقومون به ولا يشعرون حتى بالمسؤولية بل لديهم حب المغامرة، وقد لا يدركون حجم القانون ولا العقوبة التي يتضمنها. ويرى أن قوانين مثل قانون مكافحة الغش في الامتحانات والمسابقات، تحتاج لدراسة معمقة وتحضير مسبق، وحلولا بعيدة المدى من خلالها يتم الحد من ظاهرة الغش. الفايسبوك غير محمي واحذروا من استغلال القانون للانتقام وفي الموضوع، قال خبير الرقمية الدكتور عثمان عبد اللوش، إن التحكم في التكنولوجيا والرقمية في الجزائر لا يزال بعيدا عن الواقع، وإن القوانين الجديدة ينبغي حسبه، أن تراعي هذه النقائص، حيث أكد أن "الفايسبوك" غير محمي بالمستوى الذي لا يجعل أحدا وخاصة الذي لديه خبرة في المعلوماتية، لا يخترق حساب شخص آخر، وإن الحبس عن نشر ورقة الامتحان قد يجدها البعض فرصة للانتقام أو إزعاج الغير، من خلال فتح صحة "فايسبوك" بهوية أحد التلاميذ أو أحد معارفه وأصدقائه، أو من اختراق صحة خاصة بشخص آخر ونشر ورقة الامتحان. وحسب عبد اللوش، فإن بعض المسؤولين، لا يتحكمون في المعلوماتية، ورغم ذلك يشاركون في سن قوانين لديها صلة بالتكنولوجيا والرقمية، ومكافحة الجريمة عن طريق هذه الوسائل.