محتالون يستهدفون المسنين لسلب أموالهم    مستحضرات التجميل تهدد سلامة الغدة الدرقية    الشروع في إنجاز سكنات "عدل 3" قريبا    الرئيس تبون جعل السكن حقّا لكل مواطن    مجلس الأمن: مجموعة "أ3+" تؤكد على ضرورة احترام سيادة سوريا وتدعو إلى وقف شامل لإطلاق النار    الرابطة الأولى موبيليس - تسوية الرزنامة: شبيبة القبائل ينفرد مؤقتا بالصدارة وشباب بلوزداد يواصل سلسلة النتائج الايجابية    الوضع العالمي مؤسف.. والجزائر لا تريد زعامة ولا نفوذا في إفريقيا    تتويج مشروع إقامة 169 سكن ترقوي بتيبازة    افتتاح الملتقى الكشفي العربي السادس للأشبال بالجزائر العاصمة    عناية رئاسية لجعل المدرسة منهلا للعلوم والفكر المتوازن    شياخة: هذا ما قاله لي بيتكوفيتش واللعب مع محرز حلم تحقق    "الكاف" تواصل حقدها على كل ما هو جزائريٌّ    صيود يسجل رقما وطنيا جديدا في حوض 25 متر    رفع مذكرات إلى رئيس الجمهورية حول قضايا وطنية هامة    حملة "تخوين" شرسة ضد الحقوقي المغربي عزيز غالي    "حماس" تؤكد إمكانية التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار    "الوزيعة"عادة متجذّرة بين سكان قرى سكيكدة    لقاء السنطور الفارسي بالكمان القسنطيني.. سحر الموسيقى يجمع الثقافات    تأسيس اتحاد الكاتبات الإفريقيات    حكايات عن الأمير عبد القادر ولوحاتٌ بألوان الحياة    5 مصابين في حادث مرور    دبلوماسي صحراوي: "دمقرطة المغرب" أصبحت مرتبطة بتصفية الاستعمار من الصحراء الغربية    نجاح الانتخابات البلدية في ليبيا خطوة نحو استقرارها    الإطاحة بعصابة تروِّج المهلوسات والكوكايين    اليوم العالمي للغة العربية: افتتاح المعرض الوطني للخط العربي بالمتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط بالعاصمة    الجزائر تتسلم رئاسة الدورة الجديدة لمجلس وزراء الإسكان والتعمير العرب    سوناطراك: استلام مركب استخراج غاز البترول المسال بغرد الباقل خلال السداسي الأول من 2025    "اللغة العربية والتنمية" محور ملتقى دولي بالجزائر العاصمة    المالوف.. جسر نحو العالمية    مشروع جزائري يظفر بجائزة مجلس وزراء الاسكان والتعمير العرب لسنة 2024    المحكمة الدستورية تكرم الفائزين في المسابقة الوطنية لأحسن الأعمال المدرسية حول الدستور والمواطنة    هيئة وسيط الجمهورية ستباشر مطلع سنة 2025 عملية استطلاع آراء المواطنين لتقييم خدماتها    ربيقة يواصل سلسة اللقاءات الدورية مع الأسرة الثورية وفعاليات المجتمع المدني    ترشيح الجزائر للسفيرة حدادي لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي يهدف لخدمة الاتحاد بكل جد وإخلاص    آفاق واعدة لتطوير العاصمة    مولوجي: علينا العمل سويا لحماية أطفالنا    95 بالمائة من المغاربة ضد التطبيع    إلغاء عدّة رحلات مِن وإلى فرنسا    عطّاف يلتقي نظيره الإثيوبي    مولى: الرئيس كان صارماً    برنامج الأغذية العالمي يعلن أن مليوني شخص في غزة يعانون من جوع حاد    الاتحاد يسحق ميموزا    حرمان النساء من الميراث حتى "لا يذهب المال إلى الغريب" !    انطلاق فعاليات "المهرجان المحلي للموسيقى والأغنية الوهرانية" : وزير الثقافة يدعو إلى ضرورة التمسك بالثقافة والهوية والترويج لهما    تصفيات مونديال 2026 : بيتكوفيتش يشرع في التحضير لتربص مارس    اتفاقية تعاون بين كلية الصيدلة ونقابة المخابر    وفاة الفنان التشكيلي رزقي زرارتي    سوريا بين الاعتداءات الإسرائيلية والابتزاز الأمريكي    جزائريان بين أفضل الهدافين    خطيب المسجد الحرام: احذروا الاغترار بكرم الله وإمهاله    المولودية تنهزم    90 بالمائة من أطفال الجزائر مُلقّحون    الجوية الجزائرية تعلن عن تخفيضات    التوقيع على اتفاقيات مع مؤسّسات للتعليم العالي والبحث العلمي    باتنة : تنظيم يوم تحسيسي حول الداء المزمن    الصلاة تقي من المحرّمات وتحفظ الدماء والأعراض    كيف نحبب الصلاة إلى أبنائنا؟    أمنا عائشة رضي الله عنها..!؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا أحد من خرّيجي الزوايا تلطخت يداه بدماء الجزائريين
شيوخ زوايا ومختصون ودعاة في ندوة الشروق:
نشر في الشروق اليومي يوم 03 - 02 - 2013

أكد المشاركون في ندوة "الشروق" حول الزوايا والطرق الصوفية في الجزائر، على أهمية الدور الذي لعبته الزوايا في الحفاظ على هوية الجزائريين، حيث كانت الزوايا المنتشرة في كل ربوع الوطن، تدرّس القرآن وعلوم الدين باللغة العربية، متحدية القوانين التي أصدرها الاحتلال الفرنسي لمحاربة اللغة العربية.


وسادت نقاشات ساخنة في الندوة التي شارك فيها عدد من المختصين والناشطين وشيوخ الزوايا على رأسهم الشيخ مأمون القاسمي، شيخ زاوية الهامل في بوسعادة، وعضو لجنة الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى، والدكتور محمد بن بريكة، عضو الأكاديمية العالمية للتصوّف، والدكتور محمد همال والشيخ سي الحاج محند الطيّب، وهو عضو مؤسس في اتحاد الزوايا، والناشط السلفي الياس بن زايد، والأستاذ تهامي مجوري، من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
وقد حاول ضيوف "الشروق" استعراض أهم الانتقادات التي توجّه للصوفية، غير أنهم أكدوا أن الزوايا ساهمت بشكل فعّال في تجنيب الجزائر مآسي الإرهاب، بما قامت به من دور في تربية الناس على قيم التسامح، وفي هذا السياق سجّل الدكتور بن بريكة، أنه لا أحد من أبناء الزوايا انحرف باتجاه العنف وتلطّخت يداه بدماء الجزائريين، غير أن الناشط السلفي حاول التفريق بين نوعين من الزوايا، وهي الزوايا السنية والزوايا الطرقية التي قال إنها انغمست في البدع والانحرافات، كما رفض ممثل جمعية العلماء المسلمين، التسليم بما قاله الدكتور بن بريكة، بأن الزوايا خالية من الانحرافات وأنه يستحيل العثور على واحد يستعين بغير الله في الزوايا.
.
الزوايا تتعاطى السياسة دون أن تتلون بلون سياسي معين
"تتفاعل الزوايا مع القضايا الراهنية التي تمر بها الجزائر، خاصة الأحداث السياسية الكبرى"، بهذا يرد الدكتور محمد بن بريكة عضو الأكاديمية العالمية للتصوف، والشيخ مأمون القاسمي، شيخ زاوية الهامل والعضو في لجنة الإفتاء بالمجلس الإسلامي الأعلى، على سؤال "هل الزوايا تتعاطى السياسة".
يقول محمد بن بريكة، أن هنالك المئات من الطامحين في الانتخابات، خاصة في المحليات والتشريعيات، الذين يحاولون الظهور بمظهر مريدي الزوايا طمعا في أصوات المواطنين نظرا للقيمة الرفيعة التي تحتلها الزاوية لدى الجزائريين، كما ينفى أي صبغة أو لون للزوايا في المواعيد الانتخابية، ولكنها تكتفي حينها بالتوصية على الانتخابات لمن يراه المواطن صالحا.
أما شيخ زاوية الهامل مأمون القاسمي فيقول في نفس الإطار "الزوايا كلمتها جامعة وهي تؤلف وتوحد، كما أن ساحتها مفتوحة، ففي الزاوية يلتقي اليمين واليسار من السياسيين".
.
الشيخ المأمون القاسمي:
الزوايا لعبت دورا تربويا وجهاديا، والانحرافات صادرة عن الدخلاء
أكّد الشيخ المأمون القاسمي، رئيس الرابطة الرحمانية للزوايا الجزائرية، وعضو لجنة الإفتاء في المجلس الإسلامي الأعلى، أنّ هدف تأسيس الزوايا هو هداية النّاس بالقرآن وسنّة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم-، مشيرا إلى أنّ الزوايا ليست مجرّد هياكل أو مبان خالية من المعاني الروحية أو ذات أهداف بعيدة عن مقومات الرسالة، بل هي- حسبه- "كانت وما زالت قلاعا ربّانية ومعاقل إيمانية". وفيما يخص مرجعيات الزوايا، فقد أكّد بأنّ ما من زاوية في الغالب إلا وهي متّصلة بطريق من طرق الصوفية وهذا في جانب السلوك، أمّا في الجانب العلمي فترجع إلى رجال العلم ابتداء بالعهد الأوّل الإسلامي والمتمثّل في المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وفي منهج التزكية على طريق الجنيد السالك.
أمّا عن الانحرافات الموجودة في بعض الزّوايا فبيّن أنّ كل زاويةٍ تخرج عن المنهج السالف الذكر فإنّهم مجرّد "متطفلين" على هذا الميدان ولا يمثّلون حقيقة الزوايا، وهو- يكمل- شيء مشاهد في العقدين الأخيرين حين يستغل البعض الزوايا لتحقيق مآرب ذاتية أو مصالح دنيوية.
الشيخ القاسمي أشاد بالطرق الصوفية وخصوصا الطريقة الرحمانية والرابطة الرحمانية للزّوايا وهي كما يقول أوّل مؤسسة قامت بمهمة توحيد الزوايا بحيث جمعت بين الزوايا الرحمانية مع تعاونها مع باقي الزوايا في العالم الإسلامي.
وفي ما يخص التهم الموجّهة إلى الصوفية بأنّهم محل استغلال سياسي وأنّهم تخاذلوا عن الجهاد أيام الاستعمار الفرنسي فقد فنّد ذلك بجزمٍ مؤكدا أن الزوايا كانت إلى جانب دورها العلمي التربوي تلعب دورا جهاديا، بحيث تحرض الشباب على الالتحاق بصفوف المجاهدين، مع تذكيره بأن هناك وثائق فرنسية تبيّن ترصُّدَ الاحتلال لنشاطات الزوايا وتحركات شيوخها أولا بأول.
كما أبرز ما سمّاه "السماحة" الموجودة عند الصوفية ويظهر ذلك بجلاء حسبه في كثرة المنتمين إلى الأحزاب السياسية في الجزائر من مريدي الزوايا ولو كانت أحزابا علمانية كالتجمع الوطني الديمقراطي وغيرهم. ولم يهمل الشيخ القاسمي الحديث عمّا وصفه ب"فتنة التكفير والتبديع" التي انتشرت بشكل كبير عند بعض التيّارات وهو ما تقوم ضدّه الزوايا بالتحذير والتنفير.
.
الدكتور محمد بن بريكة:
الطرق الصوفية ازدهرت في عهد الرئيس بوتفليقة
"أكبر تجمّع للسلفية في التاريخ كان بأمريكا.. وابن باديس كان رحمانيا"
يؤكد عضو الأكاديمية الدولية للتصوف، محمد بن بريكة، أن الطرق الصوفية قد انتعشت في عهد الرئيس بوتفليقة، ويستدل في دفاعه عن سلاسة نهج الصوفية والطرقية، أنه لم تتلطّخ أيدي من انتسب إلى إحدى الطرق بدماء الجزائر في الأزمة الأمنية، ليرد على "مناوئي" منتسبي الزوايا، بالتأكيد أن أول زاوية في الإسلام بناها الرسول (صلى الله عليه وسلم) والمعروفة ب"الصفة".
قال الدكتور محمد بن بريكة، الأستاذ المحاضر في التصوّف والفلسفة الإسلاميّة، أنه من "المصارحة الكبيرة" أن الطرق قد انتعشت في عهد الرئيس بوتفليقة، لأسباب أجملها ضيف ندوة "الشروق" في ثلاثة، "تبين أن النهج الذي عرفته الجزائر -يقصد التيار التكفيري- قد أضر بالأرواح والممتلكات"، وشدد "لقد دخلت علينا فئات تقتل باسم الإفتاء وشعار السلفية، ومقابل ذلك أحس الجزائريون بفقدان أشياء كثيرة نتيجة لسيطرة ذلك التيار ومنها الإطعام والدعاء و قراءة القران"، والسبب الثاني الذي قدّمه بن بريكة أن الرئيس بوتفليقة، معروف عنه "نباته في بيئة تولي اهتمام للزوايا وأهل الشرف"، والسبب الثالث تزامن بداية حكم الرئيس بوتفليقة، مع أحداث11 سبتمبر، والتي حاولت بعدها الولايات المتحدة الأمريكية، التنصل من الحركة الوهابية بعد رعايتها لسنوات طويلة، ويكشف بن بريكة، أن أكبر ملتقى للحركة السلفية شهدته المعمورة كان عام 1998 في الولايات المتحدة الأمريكية.
وتوقف بن بريكة، مطولا على ما يصنّفه "فضائل" الزوايا والطرق الصوفية، ويربط تاريخ الزوايا بعهد الرسول (عليه الصلاة والسلام) "أول زاوية أسِّست في الإسلام هي الصفة بالمسجد الشرفي، ففيها كان يجتمع الفقراء ليذكروا الله ويتلقوا الهدايا والعطايا".
ويقدّم بن بريكة، جملة من أقوال كبار العلماء الذين أشادوا بالصوفية، ومن ذلك ابن تيمية الذي قال فيهم "هم قوم مجتهدون في طاعة الله"، ليضيف أن غاية الزوايا هي المحافظة على كتاب الله ومتون الفقه، أما عن تعدد الطرقية فيعتبره أمرا اعتياديا ومحمودا، ويؤكد"الطريق إلى الله بعدد أنفاس الخلق"، وللاستدلال على "نقاومة" الصوفية والطرقية، يذكر بن بريكة أن الشيخ عبد الحميد بن باديس، كان "رحمانيا" في بدايته وهو الذي كتب شرح الطريقة الرحمانية.
.
بن بريكة معلقا على كتاب خالد بن تونس:
"لقد اخطأ وتوليت الرد عليه"
أنكر الدكتور محمد بن بريكة، على شيخ الطريقة العلاوية خالد بن تونس الذي أصدر كتابا عنونه ب"الصوفية الإرث المشترك"، وضمنه صور الرسوم المتعلقة بالرسول -صلى الله عليه وسلم- والصحابة وبعض الرسل والملائكة.
وقال بن بريكة في تعليقه على ما قام بن خالد بن تونس "لقد كلفت بالرد عليه وهو ما قمت، كما أن الموقف الشرعي معروف"، ليؤكد دون تحفظ "نعم، لقد اخطأ في المسألة، وأنا أخالفه في بعض المسائل".
.
التهامي مجوري عضو بجمعية العلماء المسلمين:
الزوايا أصبيت ببعض البدع والخرافات وهذه وصية بن باديس في التعامل معهم
يؤكد عضو جمعية العلماء المسلمين، الأستاذ التهامي مجوري، أن الزوايا قد أصيبت ببعض البجع والخرافات، الأمر الذي دفع الجمعية للتحرك خلف بعض الخلافات والتي حرص على توصيفها بالشخصية بين رجالات الزوايا ورجالات جمعية العلماء المسلمين.
أوضح ممثل جمعية العلماء المسلمين في ندوة "الشروق" حول الزوايا، أن الجمعية لم تؤسس في تاريخها زوايا بل مدارس وفق مناهج معنية، وثمن الدور الذي قامت به الزوايا ومن ذلك حفظ اللغة العربية على ألسنة الجزائريين، فإنه توقف عند بعض العلل التي أصابت الزوايا وقال: "الزوايا أصابها ما أصاب المؤسسات الأخرى"، ويحدد العلل في"المذهبية وبعض البدع والخرافات، الأمر الذي دفع الجمعية للتحرك في نطاق شامل عام".
ويقلل الأستاذ التهامي مجوري، من مسألة الخلاف بين الزوايا وجمعية العلماء المسلمين، ويقول: "ما إن تذكر الجهتان إلا ويذكر الخلاف بينهما"، ويعتقد مجوري أن هذا الأمر سلبي فقط، وكشف مجوري، أن الشيخ عبد الحميد بن باديس قد بعث بتعليمة طلب من خلالها عدم إثارة أي خلاف بين الجمعة والزوايا في منطقة القبائل كون المنطقة كانت مستهدفة من الاستعمار الفرنسي، ويضيف: "الانشغال بالخلافات يذهب المسألة الجوهرية وهي الإسلام وتثبيثه، وفي سبيل ذلك على كل واحد أن يضيف لبنة".
.
الصوفية تلقت ضربة عنيفة على يد أنصار الدين بغاو
تشهد مالي تطوّرات خطيرة جدا، سواء ما تعلّق بسيطرة الإسلاميين السلفيين على مساحات كبيرة من البلاد رغم انتشار الصوفية فيها أو ما يخص الحرب الفرنسية على المسلمين هناك.
الدكتور محمد بن بريكة عضو الأكاديمية العالمية للتّصوف تحدّث عمّا وصفه ب"الجريمة الكبرى " في حق التراث الإسلامي والمتمثّل في حرق المكتبة التاريخية ل"غاو"، والتي تشتمل الآلاف من المخطوطات العلمية والتأريخية ناسباًَ ذلك العمل إلى "أنصار الدين"، وهو ما يدق حسبه ناقوس الخطر من جهات مشبوهة تحاول استغلال هذه الجماعات لطمس الوثائق التي تثبت العلاقات التاريخية بين الجزائر ومالي، خصوصا وأنّ الإسلام دخل مالي حسب المتحدّث من الجزائر.
كما ندّد بهدم الآثار التاريخية في مالي كالأضرحة، وذكر الدكتور محمد بن بريكة أنّ الخارجية البريطانية استدعته مرّة لحضور ندوة للدعوة إلى ما سمّوه "سماحة الدين" في الساحل.
وفي جوابه عن غيّاب الموقف الصوفي الواضح من الحرب في شمال مالي قال الشيخ سي الحاج محند الطّيب العضو المؤسس في الإتّحاد الوطني للزوايا بأنّه لا يصح المقارنة بين زوايا الجزائر غير المبلورة ضمن اتّحاد يجمعها والصوفية في غير الجزائر، وهو ما يجعل أي طرف غير قادر على إعطاء موقف باسم الزوايا لأنّ ذلك قد يرفض من الآخرين.
يذكر أنّ المتدخّلين اجتنبوا الحديث عن الموقف الشرعي من التدخّل الفرنسي في شمال مالي والتعاون معها في ذلك.
.
حقيقة العلاقة بين جمعية العلماء المسلمين والصوفية
الجمعية سعت لاجتثاث الانحراف من الزوايا
أشاد الشيخ سي الحاج محنّد الطيّب بالدّور الفعّال والإيجابي الذي قامت به جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في محاربة الانحرافات التي انتشرت في بعض الزوايا، مبيّنا أنّ الأخيرة عرفت خللا وانحرافا عن الدور المرسوم لها إلى أن جاءت الجمعية لاجتثاث تلك الأخطاء، متقاطعا في ذلك مع عضو جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التهامي المجوري الذي أكّد على وجود انحرافات في الزوايا ولا بد من السعي لإصلاحها.
من جهته، هاجم الناشط السلفي إلياس بن زايد، الصوفية الطرقية، متّهما إيّاها بلعب دور في إفساد عقائد المسلمين، وأنّ الشيخ ابن باديس تحدّث عن نوعين للتحرر لابد للأمّة منهما فواحد من الاستعمار الفرنسي وآخر من الانحراف الصوفي. ليذكّر بخطورة هذه الطرق على المسلمين وأنّها مثل باقي الفرق التي وصفها بالضالة كالرافضة والخوارج والأشاعرة.
في حين هوّن الدكتور محمد بن بريكة من الانحرافات المنسوبة للطرق الصوفية، مؤكّدا أنه وطيلة حياته لم يجد صوفيا واحدا يأتي للأضرحة من أجل دعاء الحوائج من غير الله، بل وجد كما يقول من يأتي للدعاء للأولياء الصالحين، واصفا من يسوقون هذه الاتّهامات بأنّهم بعض الشباب الجهلة المنتسبين للسلفيةو وهو ما لا يعترف بها لهم، وأنّ هذا المصطلح حسبه يشمل الأمّة جمعاء وليس طائفة بعينها، كمّا اتّهم الوهابية بأنّهم صنيعة المخابرات البريطانية.
بن بريكة علق على دعوة مؤسسة راند الأمريكية للنظام هناك لدعم الطرق الصوفية من أجل ضرب "الإسلام السياسي" وإغراق العالم في الروحانيات، واصفا ذلك بأنّه يصب في مصلحتهم، وكلٌ له الحق حسبه في البحث عن مصالحه، إلا أنّه يجب علينا - أي الصوفية - أن ننتبه لذلك ونحافظ على أنفسنا، واصفا الأنظمة الغربية الساعية لدعم الصوفية بأنّ لها نظرة في دعم المتسامحين.
.
الدكتور محمد همال:
الصوفية دُرست بقلم منتقد لا محايد
قال الدكتور محمّد همّال، الأستاذ المحاضر بكلية الشريعة في الخروبة، بأنّ الزوايا هي الإطار الذي تنشط فيه الصوفية وأصل تسميتها حسبه يعود لنشاطها في جهة معزولة عن النّاس، أمّا عن النهج الدعوي التي ينتهجه المتصوفة فهو عموما - يكمل المتحدّث - لا يخرج عن الرسالة المحمدية، فرسالتها كما يقول هي رسالة الإسلام. وأنّ العامل المشترك بين جميع الزوايا هو الشيخ العارف، وفيما يخص ما ينتشر عند بعض الصوفية من انحرافات عملية أو عقدية فهي راجعة حسبه إلى "دخلاء" على الصوفية هم من شوّهوها.
همّال تحدّث عن الاستقطاب الموجود في الساحة الدعوية، خصوصا بين التيّار السلفي والصوفي، ليقسم التيّارات الفكرية إلى تجديدي يمثله أئمّة حاربوا الشرك ودعوا إلى التوحيد، وذكر منهم الشيخ محمد بن عبد الوهّاب الذي أثّرت دعوته كما يقول في العديد من المفكرين والجماعات التي جاءت من بعد كجمعية العلماء المسلمين الجزائريين ورشيد رضا والأفغاني ومحمد عبده وغيرهم؛ و تيّار فكري محافظ نسبه إلى الحركة الصوفية التي لم تنصف حسبه، منبّها إلى أنّ الأقلام والكتابات التي درستها في الغالب كانت بخلفيات منتقد وليس بوصف محايد.
وفي إجابته عن الإشكال الذي يطرح عن انتساب الصوفية للمذهب المالكي المتشدّد في مسألة سد الذرائع وما يناقضه حسب المخالفين عند الصوفية من تشييد أضرحة يأتيها من يصرف عندها العبادة لغير الله، فقال بأنّ الذرائع في الشريعة لا تنظُر إلى الحالات الفردية وإنّما تتعلق بالأمور العامّة، وعليه فلا تأثير لبعض المخالفات المشاهدة في الحكم الشرعي للمسألة وهو حسبه الجواز، مستدلاّ بنص قرأه من كتاب "تحذير الساجد من اتّخاذ القبور مساجد" للشيخ الألباني والذي يوضّح جواز ذلك بشروط، ولم يغفل الشيخ الحديث عن أنّ بعض المسائل ينظر إليها البعض على أنّها بدعة أو شرك، وهي في الحقيقة كما يقول مسائل خلافية، وذكر من ذلك التوسّل والتبرّك.
كما ردّ على ما ساقه النّاشط السلفي إلياس بن زايد عن الأشاعرة بأنّهم مرجئة، وأنّ الإيمان عندهم مجرّد القول، موضّحا بأن هذا التعريف مغلوط ولا تصح نسبته للأشاعرة، بل هم يعرفون الإيمان بمجرّد التصديق. وهو ما اعترف به ابن زايد بعد ذلك.
.
الناشط السلفي ابن زايد :
خلافنا مع الصوفية هو خلاف في الأصول
أوضح النّاشط والباحث الإسلامي السلفي، إلياس بن زايد أن "الإسلام لا ينكر على العالم اتخاذ مكان لتعليم التلاميذ" و أنّ "الزوايا الجزائرية أصيلة" إلا أنّه يجب التفريق بين ما سمّاه "الزوايا السنّية" و"الزوايا الطرقية" الصوفية؛ فالأولى- يكمل المتحدّث- كان أعلامها يعلّمون النّاس التوحيد الخالص، ومن أمثلتها المدارس القرآنية التي أسسّها العلامة ابن باديس والإبراهيمي والطيّب العقبي ومبارك الميلي صاحب رسالة "الشرك ومظاهره". ليوضح أنّ الجمعية اختلفت مع بعض الطرق الصوفية التي تنحى منحى البدع والخرافات بل والشركيّات، وأنّها ما أسّست إلا من أجل محاربة هذه الانحرافات. وأنّ كلام الإبراهيمي وعلماء الجمعية واضح في ذلك بل وكثير.
كما استنكر المتحدّث انتساب الصوفية إلى مذهب المالكية في الوقت الذي يقولون بأنّهم أشاعرة، وهي- حسبه- فرقة إرجائية. فضلا عمّا عندهم- أي الصوفية- من شركيات وبدع. مؤكّدا بأنّ الأئمة الأعلام لا يصح الأخذ عنهم فقط في المعاملات والعبادات ومخالفتهم في العقائد التي وصفها ب"الصافية".
كما رفض النّاشط إعطاء حكم عام إقصائي ضد كل المتصوّفة مؤكّدا بأن الصوفية بمعنى الزهد ليست مقصودة من حديثه وإنما يريد الصوفية الطرقية التي تخالف أفعال بعض المنتسيبن إليها السنة المطهّرة. ليكمل بتفنيد ادعاء البعض بأنّ الخلاف بين الصوفية والسلفية هو خلاف في فروع المسائل بل هو كما يقول: "خلاف في الأصول".
مذكّرا بأنّ أهم أقطاب الصوفية وهو الشيخ عبد القادر الجيلاني كان عابدا زاهدا، ثمّ غلا النّاس فيه. ابن زايد دافع وبحماسة عن صحّة "المنهج السلفي" وأنّه حفظ للأمّة توحيدها ودينها وأنّه يمثّل السنة البيّنة الغراء التي يجب اتّباعها بعيدا عن التعصب للأشخاص، وهو ما يخالف حسبه نهج الأئمة الأعلام كمالك والشافعي وغيرهم.
وفي سياق آخر، نوّه الباحث بأنّ الأجهزة الأمنية تعرف حجم الجهود التي قام بها من سمّاهم بالسلفيين الأقحاح كالألباني وابن باز وابن عثيمين والوادعي وغيرهم لكبح فتنة العشرية السوداء.
.
الشيخ سي الحاج محند الطيب:
لولا الزوايا لمَ نطق الجزائريون حرفا عربيا
رد ّالعضو المؤسس في الاتحاد الوطني للزوايا سي حاج محند الطيب على منتقدي الزوايا ودورهم في خدمة الإسلام واللغة العربية، واستدل في رده على مقولة لأحد الغربيين "يجب أن نؤسس مدارس علمية بدل المدارس التقليدية، لأن المدارس العملية تزلزل الإيمان"، ومقابل ذلك أقر ببعض "العجز والكسل" اللذين أصاب بعض المتخرجين من الزوايا.
ورفض سي حاج محند الطيب، وهو أول جزائري يترجم معاني القرأن إلى الأمازيغية الطرح المتداول منذ القدم ومفاده وجود عداء بين الزوايا وجمعية العلماء المسلمين، وقال في ندوة الشروق واقع الزوايا في الجزائر، "العداوة بين الزوايا والجمعية غير موجودة، حركة الزوايا هي من كانت تلبي حاجيات الأمة"، ويضيف على ما سبق"ابن باديس لا يمكن اتهامه بأنه عادى الزوايا...هو أخذ التركة والوارث وطورهما".
وبنبرة حازمة رد على بعض القراءات التي ترى أن للزوايا دورا سلبيا في الثورة التحريرية"لو انحرفنا لما وجدنا كلمة عربية اليوم، هي حافظت على الإرث في وجه المستعمر".
وعن تعاطي الاتحاد الوطني للزوايا الذي أسس عام 2003 ، مع النوازل التي مرت بها الأمة ومنها العشرية السوداء، ذكر سي حاج محند الطيب "الاتحاد الوطني للزوايا لعب دورا حاسما في إرساء ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، حيث عقد الاتحاد 11 ملتقا وطنيا، و20 ملتقا ولائيا ألقيت فيهم محاضرات تصب في هذا الخصوص".
وذكر المتحدث أنهم يسعون إلى تحفيظ كتاب الله لكل الجزائريين، ولذلك سيتم إنشاء دار "للقرأن والإطعام"، على مستوى 1541، وهذا الهدف قد تم قطع أشواط كبيرة منه ببسكرة وميلة، كما أثمرت الجهود بحسب محند الطيب إلى إصدار قانون طالب القرأن.
.
الشيخ أحمد حماني كشف الحادثة في كتابه البدعة والسنة
تفاصيل محاولة اغتيال ابن باديس من قبل الطرقيين
رغم مرور أزيد عن 87 عاما عن محاولة اغتيال الشيخ عبد الحميد بن باديس في شارع "الروتيار" بقسنطينة، بينما كان عائدا من صلاة المغرب نحو بيته بحي القصبة، إلا أن الكثير من الغموض مازال يكتنف هاته الحادثة التي مازالت تفاصيلها في أرشيف البوليس الفرنسي، الذي حقق في القضية عبر مفتش الشرطة الفرنسي في ذلك الوقت السيد أودوانو الذي أمر بعد القبض على الجاني بتحويله إلى محكمة الجنايات، واكتفى بالقول أن الفاعل يقطن ببرج بوعريريج وتم تدريبه وإرساله من طرف صوفية وطرقيي الزاوية العلوية بمدينة مستغانم، لقتل الشيخ الذي أعلن الحرب على الطرقيين في كل كتاباته وخطبه، وأغلق الكثير من الزوايا التي كانت منتشرة في قسنطينة.
الشيخ أحمد حماني، أحد تلامذة بن باديس، أرّخ للحادثة في كتابه البدعة والسنة، مستندا إلى رواية العربي التبسي التي نشرها في مجلة الشهاب وأيضا إلى جريدة لاديباش دو كونستنتين، وعاد إليها بالتفصيل العلامة الراحل أمين العمودي، وهو ما جعل جميعة العلماء المسلمين تحارب الطرقية وترى أن الزوايا هي التي فتحت للطرقيين الأبواب، رغم أن الزاوية العلوية أكدت أن الشيخ ابن باديس في آخر سنواته عندما زار مدينة مستغانم حطّ رحاله بالزاوية العلوية، وقبِل اعتذار شيخها، وأقام صلحا مع هاته الزاوية التي مازالت تنشط لحد الآن.
وكان الشيخ ابن باديس في كل مقالاته يرفض زيارات قبور الأولياء الصالحين، ويرفض البدع التي تقام أمام الأضرحة، خاصة الزردات، ووجّه سهامه لشيخ الزاوية في عشرينيات القرن الماضي أحمد بن عليوة، الذي كان يقول أنه ينتسب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكتبت الشهاب عن الثقافة الضحلة لهذا الشيخ، وقالت أنه يمتلك قصرا في حي سانت أوجين بالعاصمة فيه هاتف وحمام فاخر على الساحل العاصمي.
وما جعل علماء الجمعية يثورون ضد الزوايا والصوفية، هو اعتقاد بعض مريدي الزاوية العلوية بأن شيخهم الذي يدعّي الصوفية، يتصرف في الكون ويعلم الغيب، وبإمكانه أن يمنح الخير والشر لمن أراد، بل وقالوا أنه يجتمع بالرسول صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي يريد، ليحدث ما لم يكن في الحسبان في جانفي عام 1926 عندما صلى ابن باديس العشاء وقدّم درسا، وعاد في حدود التاسعة ليلا مشيا على الأقدام إلى بيته، وفي ممرّ، يدعى مايو، انهال عليه شخص بعصا أصابت رأسه، ثم حاول أن يزرع خنجرا "بوسعاديا" في صدره، ولكن أهل المنطقة قبضوا عليه، ونجا الشيخ الذي كان حينها في سن ال37 من موت مؤكد، وتم تسليم الجاني للشرطة، حيث اعترف بكونه مبعوثا من الزاوية العلوية، وحاول قتل محارب الطرقية والصوفية.
.
أصداء من الندوة
- حضر الشيخ سي منحد الطيب مرتديا برنوسا، أهدته له "الشروق" بعد الإنجاز غير المسبوق الذي قام به خدمة لكتاب الله، حيث كان أول جزائري يترجم معاني القرآن إلى الأمازيغية، وقال: "يعز علي تكريم "الشروق"، ويعز علي البرنوس، ويعز علي أن أحضر من دونه".
- اتصلت "الشروق" بعدد من الدعاة والائمة للحضور وإثراء الندوة، كما هو الحال مع محمد الحاج عيسى الذي قال إنه لا يحبذ الظهور الإعلامي، أما عز الدين رمضاني فقال: اتصلوا بي بعد ربع ساعة لأنني سأستخير، لكنه أطفأ هاتفه النقال. أما عبد الغني تويمات وأبو عبد البر عبد الحميد العربي فظل هاتفاهما يرنان دون مجيب.
- لم تمنع بعد زاوية الهامل عن العاصمة- حوالي 250 كم- الشيخ مأمون القاسمي من حضور الندوة، فقد شد الرحال على الرابعة صباحا من بيته خصيصا إلى العاصمة لحضور الندوة.
- سجلت وزارة الشؤون الدينية غيابها عن الندوة، رغم الدعوة التي تلقتها، حيث أكد عدة فلاحي، المستشار الإعلامي بالوزارة، أنه سيكون حاضرا، لكن اعتذر آخر لحظة، وكلف أحد الإطارات بالحضور ولكن لا أثر للمعني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.