اختتمت أشغال الملتقى الوطني الثالث لدور الزوايا الرحمانية في الحفاظ على المرجعية الدينية و الشخصية الوطنية و الذي دام يومين كاملين بدار الثقافة بالوادي من تنظيم زاوية سيدي سالم ورعاية الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومشاركة وجوه فكرية ودينية بارزة من مختلف أنحاء الوطن وبعض الدول العربية الشقيقة . وبحسب الدكتور عبد المنعم القاسمي الحسني الناطق الرسمي للملتقى، خلال ندوته الصحفية على هامش الملتقى فإن تنظيم هذه الدورة الثالثة يأتي بعد النجاح الطيب الذي عرفته الملتقيات العلمية السابقة التي عقدتها الزاوية الرحمانية بالوادي مساهمة منها في مزيد الإثراء و البيان لدور الزوايا الرحمانية في المجتمع ماضيا وحاضرا وتطلعا للمستقبل.كما تزامن تنظيم الدورة مع مرور قرن كامل على وفاة الشيخ مصباح نجل سيدي سالم عليهما رضوان الله . و قد طالب الدكتور القاسمي الحسني في خضم حديثه عن الوضع الراهن، بإنشاء مجلس أعلى للطرق الصوفية يجمع نخبة مشايخ الطرق الصوفية الأصيلة لتوحيد الجهود بين مختلف الطرق الصوفية المنتشرة بالجزائر تثبيتاً للمرجعية الدينية...منتقدا عمل اللجنة الوطنية و اتحاد الزوايا التي ليس لها حضور في الواقع... و قد درس الملتقى وناقش أسس زوايا الطريقة الرحمانية التي تشكل حجر أساس ومنبر إشعاع في بناء المجتمع الجزائري وهذا لعراقتها ومحافظتها على الأصالة والتراث، والدور التربوي والروحي الذي قامت بتأديته عبر مراحل عسيرة مرت بها بلادنا، حيث بفضل نشاطها الهام عبر أجيال متعاقبة تميزت بحياة فكرية اتسمت بالمحافظة على الواقع الثقافي الذي يقوم على صيانة تراث الحضارة الإسلامية و عملت على تأصيله عن طريق أساليب التعليم و التربية المتوارثة...مما ترتب عليه اعتماد المجتمع كليا عليها لمواجهة الأزمات الاجتماعية و الاقتصادية التي كانت تحل به من حين لآخر و كانت تمثل له مركزاً لوحدة القبيلة، فك الخصومات ، الشفاعات، كفالة اليتامى، المساعدة في الشدة و المحافظة على عادات المجتمع... من توصيات الملتقى الوطني الثالث و قد تمخض الملتقى عن جملة من التوصيات صاغها مجموعة من الدكاترة برئاسة الدكتور عبد الرزاق قسوم كان أهمها أن يعقد الملتقى بصفة دورية مقدرة بسنتين كحد أقصى، و أن يعتني بطبع و نشر أعمال الملتقى بمختلف الوسائل السمعية و البصرية و المقروءة... - ضرورة إنشاء موقع الكتروني للتعريف بالزاوية و نشر أعمالها - إصدار نشرية دورية تعكس النشاط العلمي و التربوي للزاوية - تزويد مكتبة الزاوية بالوسائل العلمية الحديثة و إثرائها بالكتب التراثية و الأكاديمية - أن يكرم في أعقاب كل ملتقى شخصية متميزة في مجال البحث العلمي الخاص بالتصوف - إحداث جائزة دورية خاصة بالتراث الإسلامي يكرم بها أحد الباحثين في مجال التراث الإسلامي - أن يخصص كل ملتقى لمعالجة موضوع علمي خاص بميدان التصوف و الطرق و الزوايا - أن تعتني الزوايا بتوعية الناشئة بأصالتهم و انتمائهم الحضاري الإسلامي، و تحصينهم مما يمكن لمواجهة الغزو الثاقفي و الاجتماعي - العناية بالإنتاج العلمي لمشايخ الطريقة الرحمانية من حيث التحقيق و النشر - من حق الزوايا أن تحضى بالدعم المالي و المعنوي لتمكينها من أداء دورها الريادي في نشر العلم و الفهم الصحيح للدين... معلوم أن الطريقة الرحمانية تعتبر أكبر الطرق الصوفية بالجزائر من حيث عدد المريدين، و تنتشر في مختلف ربوع الوطن و حتى في تونس و ليبيا، و قد كان لها الدور البارز و الكبير كمنارات للعلم والدين، ومركز تجمع المجاهدين الذين فجروا عديد الثورات الشعبية من رحم الزوايا الرحمانية لمقاومة المستعمر الفرنسي الغاصب ...نذكر من أهمها زاوية أيت اسماعيل ببونوح و شيخها سيدي امحمد بن عبد الرحمن الجرجري الأزهري مؤسس الطريقة الرحمانية، زاوية الشيخ الحداد بصدوق، زاوية بن سحنون بتغراست، زاوية سيدي محمد بن عبد الرحمن بالحامة (بلكور -الجزائر)، زاوية الشيخ أبو القاسم البوجليلي، الزاوية الحملاوية بتلاغمة، زاوية الشيخ اعمارة بديار بالناظور، زاوية الشيخ علي بن عمر بطولقة، زاوية الشيخ محمد بن أبي القاسم بالهامل، زاوية الشيخ النعاس بدار الشيوخ، زاوية الشيخ سيدي سالم بوادي سوف، .زاوية الشيخ مصطفى بن محمد بن عزوز بنفطة (تونس)... شيخ زاوية سيدي سالم رفقة السلطات الولائية . جدير بالذكر أن الملتقى قد شارك فيه مجموعة من علماء ودكاترة وأساتذة جامعيين وكفاءات نوعية ومنهم : الشيخ الطاهر آيت علجت، الشيخ الدكتور محمد المأمون القاسمي الحسني، الدكتور عبد الرزاق قسوم، الدكتور محمد الشريف قاهر، الدكتور عمار جيدل، الدكتور علي رضا الحسني، الدكتور حميد خميسي، الدكتور محمد رشيد بوغزالة، الدكتور عبد المنعم القاسمي الحسني، الدكتور رشيد بوسعادة، الدكتور علي غنابزية، الدكتور علي الرزقي، بالإضافة الى علماء وباحثين ودارسين من تونس وسوريا ...و قد شهدت ليالي الملتقى سمراً حميمياً في رحاب زاوية سيدي سالم أضفى عليه الإنشاد المتعدّد الطبوع جوا من الروحانية التي تأخذك من عالمك السفلي وتنسيك أعباءه... الدكتور عمار جيدل أثناء إلقاء محاضرته . الشيخ المأمون القاسمي الحسني شيخ زاوية الهامل أثناء محاضرته . جانب من الحضور في الملتقى . جانب من إحدى جلسات الملتقى صورة أثناء مديح ديني بزاوية سيدي سالم . في الأخير لا يسعنا إلا أن ننوه بمثل هذه المبادرات التي تقف في وجه كل الحركات و التيارات الوافدة علينا من الغرب والشرق، و هي التي أفسدت علينا الرؤية، وحرمتنا من كثير من النظر السليم لماضينا المشرق المشرف الزاهر. وإن تهافت وانبهار البعض بما قدم من وراء البحار والحدود هو الذي أدى بنا إلى كل هذه النتائج والعواقب الكارثية الوخيمة، التي لا زلنا ندفع ثمنها الباهظ إلى اليوم...