يحصد القاتل الصامت سنويا أرواح المئات من الجزائريين الذين يفقدون وعيهم في لحظات دفء تحولت فيها المدفأة أو سخان الماء من نعمة إلى نقمة قضت على دفاتر عائلية بأكملها، وقصد مجابهة هذا الخطر الزاحف على الجميع، أقرت وزارة التجارة منذ مدة إجراء جديدا يلزم تجار بيع هذين الجهازين بجهاز كاشف عن غاز أحادي أكسيد الكاربون دخل حيز التنفيذ في الفاتح نوفمبر، وسبقته حملات توعوية وإعلامية لفائدة تجار الجملة والتجزئة عبر عديد ولايات الوطن شاركت فيها الحماية المدنية وجمعية المرصصين وجمعيات حماية المستهلك إلى جانب وزارة التجارة ومصالح الأمن الوطني. وصرّح العدلي عز الدين، رئيس فرقة التفتيش على مستوى مديرية التجارة بالعاصمة، أنّه تم القيام بالعديد من الحملات التوعوية والتحسيسية عبر 13 مفتشية بالدوائر الإدارية لولاية الجزائر، وشملت العملية المنتجين والمستوردين والموزعين وتجار الجملة والتجزئة، وأعلموا جميعا بضرورة إرفاق كل جهاز بكاشف عن الغاز يراعي المواصفات والمقاييس العالمية. وأعقبت هذه الحملات عمليات مراقبة وتفتيش بعد دخول القرار الوزاري حيز التطبيق في أول نوفمبر الفارط، حيث وقفت الفرق على التزام شبه كامل بالإجراء ماعدا حالات قليلة أكدت ان مبيعاتها ضمن المخزون القديم، غير أن التعليمات وجهت لها لاقتناء كواشف وإرفاقها بالمبيعات، محذرين من عقوبات قد تطالهم في حال عدم الامتثال للقرار. ونصح المتحدث في الأخير المواطنين بأهمية الوقاية والتهوية اليومية للبيوت وترك منافذ خاصة في الليل لتفادي المآسي والحوادث القاتلة التي تعرفها البلاد في كل موسم شتاء. الكاشف مفيد لكن التهوية ووعي المواطن أساسيان ويؤكد عبد الله لقرع، رئيس الجمعية الوطنية للمرصصين الجزائريين، في تصريح للشروق، أن هذا الإجراء مفيد جدا في الحد من ظاهرة الاختناق بغاز أحادي أوكسيد الكاربون، غير انه لا يقضي عليها ويطلب ان يتبع بوعي كبير للمواطنين في الالتزام بوضعه فعلا في المنازل ومتابعة صلاحيته وصلاحية بطاريته إن كان يعمل بالبطارية. وتطرق المتحدث إلى تداول العديد من النماذج في هذا السياق والتي تتفاوت فعاليتها ودرجة حمايتها، مفضلا أن يقوم المنتج بإرفاق النموذج الأكثر أمنا لمنتجه تفاديا لأي تلاعبات قد تحدث أو أخطاء قد تقع. وتحدث عبد الله لقرع عن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق الأسر والمواطنين في التقيد بوضع الجهاز وفحصه من حين لآخر، خاصة في ظل السهو والاتكالية التي قد تجعل الكاشف مجرد ديكور، كما طرح المختص إشكالية أخرى تتعلق بانقطاعات الكهرباء أو انتهاء صلاحية البطارية للكاشف ما يعيق في هذه الحالات التنبه لوجود تسرب غازي. وكشف رئيس جمعية المرصّصين عن مشاركة جمعيته في خرجات تحسيسية لبعض تجار المدافئ بالحميز وغيرها من المناطق للتوعية بأهمية إرفاق الأجهزة بالكاشف عن الغاز وبأهمية انتقاء العلامات الجيدة والأكثر أمنا وسلامة. ويبقى السلوك أو الإجراء الأكثر فعالية وضمانا لحفظ الأرواح، حسب محدثنا، يكمن في توفير منافذ التهوية في المنازل مهما اعتمد من أجهزة كاشفة بالإضافة إلى مراقبة دورية من قبل مختصين مؤهلين للمدافئ والسخّانات. دول بلغت الجيل الثامن في تكنولوجيا سلامة المنازل وإلى ذلك، أفاد كمال عزوق، ممثل عن المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك للشروق أنّ أهمية كاشف الغاز تظهر جليا في مثل هذه الأيام الباردة التي يزيد فيها اللجوء إلى التدفئة بشكل كبير ما يعرض المواطن للاختناق والموت بهذا الغاز السام والقاتل. وأوضح عزوق، ان منظمته كانت السباقة في توجيه توصيات ومطالب للجهة المختصة لإجبارية استعمال هذا النوع من الكواشف عن غاز أحادي أوكسيد الكاربون، إلا أنها لم تؤخذ بعين الاعتبار إلا في المدة الأخيرة من قبل وزير التجارة كمال رزيق الذي أصدر تعليمة في هذا السياق دخلت حيز التنفيذ في الفاتح نوفمبر الفارط. وحذر ممثل المنظمة من وجود أجهزة غير مطابقة للمواصفات للكشف عن هذا الغاز القاتل، داعيا الجهات المختصة إلى فرض صرامة اكبر في المراقبة، كما تحدث عن الترويج لبعض أجهزة الكشف عن الحرائق على انها أجهزة كشف عن الغاز وهو ما يعد مغالطة كبيرة. وأضاف المتحدث ان الجهاز الذي نصحت به وزارة التجارة مطابق للمواصفات، غير انه يحتاج إلى بعض التطوير والروتوشات، كما أنّ وعي المستهلك يلعب دورا كبيرا في الأمر، لذا على الجميع التفطن لحماية أرواحهم وأرواح عائلاتهم. وركز ممثل منظمة حماية المستهلك على أن الجهاز مساعد فقط في الكشف عن الغاز ولا يجب بأي حال الاعتماد عليه وإهمال مسألة التهوية التي تبقى عنصرا اساسيا وضروريا لتجنب هذه الحوادث المأساوية، وهذا ما تتخوف منه المنظمة، حيث سجل نقص وعي كبير من قبل المواطنين. وتأسف عزوق لتخلف الجزائر في مجال تكنولوجيا السلامة في البيوت، حيث تتواجد العديد من الدول في الجيل الثامن، بينما لم نصل في بلادنا إلى المستوى الثالث، لافتا إلى اعتماد بعض أثرياء الجزائر نظام تأمين أوتوماتيكي من الحوادث، لكن ثمنها غال جدا، فهو جهاز مركزي يوقف تسرب الغاز ويقطعه بعد 5 ثوان، كما ان منه ما يفتح النوافذ ويوجه رسالة هاتفية في حينها نحو الرقم المراد لتنبيه المعنيين بوجود خطر.