لا تزال مدينة أوجين في ولاية أوريغن الأمريكية على وقع منع رجل الأعمال الجزائري الأصل، الألماني الجنسية عبد القادر لعرج، من دخول الولاياتالمتحدة من مطار بورتلاند في ذات الولاية، وإهانته و منعه من الاتصال بعائلته التي فصل عنها عند نقطة المراقبة بالمطار. فلقد تحرك حاكم الولاية ورئيس بلدية أوجين و عدد من السيناتورات للاحتجاج على الفضيحة، ومطالبة السلطات الأمريكية بالاعتذار. في وقت رفع محاميه السيد تيلمن هاش، قضية على الجمارك و حرس الحدود وبعث برسائل إلى رؤساء الولاياتالمتحدة، ألمانيا و الجزائر، و كل السلطات التي لها علاقة في أمريكا إضافة إلى سفيري الجزائر في كل من برلين و واشنطن، وهي الخطوات التي كانت مفاجئة لإدارة مطار بورتلاند، وبالأخص أنها كانت تعتقد أن "المعتدى عليه"... مجرد جزائري، وإذا بها في مواجهة حملة إعلامية و قضائية صنعت بطاقات سياسية أشهرها الجمهوريون في وجه "البوشية" الحاكمة .. ويشهرها عبد القادر لعرج في وجه اليمين في كل الغرب،دفاعا عن سمعة بلده، شعبا وحكومة، مصرا على أن ليس كل عربي و مسلم مشبوه بالضرورة... وهذا مضمون رسالته التي يمرره عبر "الشروق اليومي" ووسائل الإعلام الغربية التي لا تزال تتصل به منذ الحادثة... السيد عبد القادر لعرج، رجل الأعمال الجزائري، زار بيته العائلي بتيارت هذه الأيام و كانت ل "الشروق اليومي" الفرصة للقائه و الإنصات إلى مأساته في مطار بورتلاند، و حكاية تعرفه على زوجته وإسلامها و استثماراته في الجزائر.. لقد تكلم الرجل و هو تحت صدمة أنه أحس في لحظة من عمره أنه سيكون في ضيافة "غوانتينامو"..فقد أكثر عليه الحراس الوعود الكاذبة و تجاهل مطالبه، ناهيك عن الغموض في قضيته وهو ما جعله يعتقد أن مصيره كمصير من زج بهم في السجون دون محاكمة ولا تهم!! عربي مسلم.. مشبوه ولا داعي لأن يثبت العكس!! في المنطق و في قوانين العالم "المتهم بريء حتى تثبت إدانته" و في مطار بورتلاند أصبح البريء متهما بتهمة لا أساس لها و لا تفاصيل، ملامحه العربية و اسمه الإسلامي هما الشبهتان اللتان لا يمكنه التخلص منهما حتى ولو كان يحمل جواز سفر ألماني ومعه زوجته وابنيه الأمريكان!! والأهم أنه حين تتهمك أمريكا لا معنى لأن تثبت أنك بريء فأنت محل شبهة و أخف الضررين أن ترحل، لأنه كما قال محامي عبد القادر، فقد كان من الممكن أن يبقى في السجن و يقدم ملفه إلى العدالة، ولا أحد يدري متى سيحاكم!! ما يحز في نفس عبد القادر وزوجته و أصهاره وعدد كبير من سكان مدينة "أوجين" أن عبد القادر عومل معاملة المجرمين دونما سبب، ومنع من رؤية عائلته و التكلم معها هاتفيا طيلة مدة الاحتجاز، وسؤاله عن زواجه من الأمريكية في ألمانيا، وعن ماضيه في الجزائر عن إخوته، عن والديه، و عن أخواته المتزوجات و حتى أزواجهن، وأسئلة تافهة أخرى، والغريب أنه كانت تعاد نفس الأسئلة من حين إلى آخر...لقد عومل بوقاحة إلى درجة تقييد يديه وإدخاله زنزانة ضيقة لا تليق بضيف ناهيك عن رجل أعمال له علاقات مع شركات أمريكية. لعل المثير في الأمر، و ما يشكل فضيحة للسلطة الحاكمة في البيت الأبيض، أن مصالح الجمارك الأمريكية وحرس الحدود بعد أن منعت الرجل من الدخول إلى أراضيها وفصلته عن زوجته و ابنيه، رفضت حتى أن يسلم المال الذي كان لديه لعائلته ويستلم مفاتيح بيته من زوجته طالما سيعود إلى ألمانيا، ولو لا ممثل لوفتانزا، شركة الطيران الألمانية الذي احتفظ بالأشياء و سلمها للعائلة لاحقا لرجع كما جاء. أطول يوم في حياة عبد القادر ! كان الثالث عشر جوان 2007 أطول يوم في حياة عبد القادر لعرج، فزيادة على فارق الزمن بين توقيت ألمانيا و ولاية أوريغن الذي فرض عليه إعادة العقارب ب 9 ساعات إلى الوراء بمجرد دخوله أمريكا، فقد كان الوضع المتوتر الذي وجد نفسه فيه و الغموض الذي صاحب توقيفه سببا في الإحساس بطول الوقت زاده أثرا إبقاء حراس زنزاته للمصابيح مشتعلة طيلة الوقت إلى درجة أن عبد القادر صلى العشاء قبل أن يفاجأ بأن وقت المغرب لم يحل بعد... فيما لم يتمكن من الحصول إلا على غفوة قصيرة طيلة اليوم، لا يدري كيف حدثت حيث أنه بعد كل تلك الهموم زاده هم مجموعة من الرجال المحتجزين بدوا أنهم مكسيكيين قضوا ساعاتهم في الزنزانة وهم يصرخون ويبكون!!! رغم يقين عبد القادر أن بشرته واسمه كانا مصدر كل الهم، فالحجة التي أراد محتجزوه أن يقدموها للاستهلاك الإعلامي هي أنهم كانوا غير متيقنين أنه سيغادر أمريكا، كما أن مسئولا في المطار قال أن هناك إجراءات عامة للوافدين المشكوك في رحيلهم بعد الدخول، وهي الحجة التي كانت أهون من بيت العنكبوت، كما يقول عبد القادر، فهو ألماني الجنسية و مستقر عائليا و مهنيا، وله علاقات اقتصادية و استثمارات في شركته اجتهد أن يتخلص منها لأيام تحت إلحاح أصهاره لزيارتهم، فقد كان من عادته أن يرسل زوجته و ابنيه فقط لانشغالاته ، وعليه فلا حاجة له بالبقاء في أمريكا أصلا... الموقف اللا إنساني الأخطر في كل ما عايشه أنه لما أحس بالألم في أحد معصميه بسبب ضيق الأغلال و هو مقاد نحو السجن، طلب من أحد الشرطيين أن يرخي الغل الضيق حتى لا يتألم، وإذا به يفاجأ بأحدهما ينصح الآخر بعدم فعل ذلك ... لأن "الجزائريون خطيرون"!! لما وصل "المحتجز" كان يعتقد أن الأمريكان سيكونون عند وعدهم الذي قطعوه في المطار بالسماح له بالتكلم إلى عائلته، لكن هيهات لقد قالوا له أن ذلك ممنوع، إلا إذا اتصلوا به سيحولون له المكالمة، في وقت قالوا نفس الكلام للعائلة التي كانت تتحرق عند بوابة المطار مع والدي زوجته و معارفهم بلا أدنى معلومة عنه ولا مبرر لاحتجازه... عبد القادر يتذكر زنزانته جيدا، لقد كانت بعرض 1.60 مترا، مما جعله في وضعية غير طبيعية نظرا لقلمته (1.82 مترا)، فيما كان سريره من الاسمنت الذي يغطيه ما يشبه البطانية المصنوعة بمادة بدت له أنها نوع ما من البلاستيك... عن الطعام قال أن حراسه قدموا له وجبة رديئة عافها بل خطر في باله فجأة أنه من الممكن أن يتخلصوا منه بالتسميم، حتى أنه تناسى الماء الذي طلبه دون أن يلبى طلبه...و انتظر إلى أن أفرج عنه في حدود الحادية عشر من اليوم التالي وإركابه أول رحلة نحو فرانكفورت... زواج في أسبوع واحد! طريقة المعاملة الفضة و انقلاب رحلة الأعمال والاستجمام إلى كابوس حقيقي، جعل عبد القادر يتنقل بين الغوص في رعب ما ينتظره و نعيم العيش في كنف عائلته التي فرقوه عنها، تذكر إصرار أصهاره عليه للزيارة و محبتهم له إلى درجة عرضهم عليه للإقامة الدائمة في أمريكا و تمليكه كل أرزاقهم، تذكر أنهم سيموتون من الندم، فقد يعتقدون أنهم هم الذين ورطوه بإصرارهم عليه بالزيارة.. تذكر ابنيه وزوجته و شركته "لعرج الدولية المتحدة "و كل شيء جميل في حياته.. عبد القادر هاجر إلى ألمانيا في 1992 ، و استقر هناك مشتغلا في مكتب دراسات بعد أن أكمل دراساته الجامعية، تزوج في البداية امرأة ألمانية طلقها، قبل أن يتعرف على زوجته الحالية بطريقة غريبة، فقد جاءت " آن كامبل" إلى فريبوغ، على الحدود مع فرنسا و سويسرا، تحضيرا لشهادة الماجستير في جامعتها... كانت فتاة اسبانية تشتغل في توزيع البريد في حيه ولما جاءت لتسليمه رسالة لاحظت أن اسمه عربي، فسألته ما إذا كان مسلما و يستطيع مساعدة صديقتها الأمريكية في انجاز بحث حول معاملة المرأة في الإسلام، فوعدها بتقديم المساعدة و في اليوم التالي حضرت الأمريكية بنفسها لاستلام الكتب التي أحضرها مع بحث كان قد أنجزه حول الطلاق في الإسلام، قدمه لزوجته السابقة لما قررا الانفصال... الفتاة لما عادت تريد شرح بعض الأمور الغامضة في أحد الكتب وجهها إلى زوجة صديقه المسلمة الألمانية في جواره فتعارفتا و تبادلتا الحديث عن الإسلام، ولم يكد أسبوع تم الزواج منها بواسطة زوجة صديقه، وعقد قرانه في مسجد حيه دون أن يصدر أوراق الزواج الرسمية إلى غاية 2007، وخلال تلك الفترة كانت أم زوجته و أختها قد اعتنقتا الإسلام. مشاريع للاستثمار ونية للاستقرار رغم راحة البال في ألمانيا و إمكانيات الاستثمار في أكثر من بلد بما فيها السعودية و الإمارات ، فضل عبد القادر لعرج نقل شركته "لعرج انترناشيونل ليمتد" إلى الجزائر، وبالضبط إلى مدينته تيارت، هو يريد أن يستثمر في الطاقة الشمسية، حيث له من الإمكانيات ما يجهز من بيت واحد إلى مدينة كاملة، كما له أفكار حول تصفية المياه دون ضرورة بناء محطات كبيرة تستغرق وقتا و مساحة، والأهم من ذلك أنه على يقين بأن مجالات واسعة للاستثمار تنتظره، و من ذلك مكتب استشارات اقتصادية يريد به أن يفتح مجال التبادل الجزائري مع أوربا بمستوى ما يحدث مع الصين و تركيا، والفرق أن رهانه نوعية ألمانية بسعر آسيوي!! وهو على يقين بما يقول فمكتبه سيكون أداة وصل بين المستورد الجزائري و المصدر الألماني، و بذلك يجنب الاثنين ما ينتج عن اختلاف النظم البنكية بين البلدين، وما يضيع من وقت و مال. أما عن زوجته، فرغم قدرتها على التدريس في الجامعة إلا أنها تفكر في إقامة مدرسة لتعليم الانجليزية للبنات فقط، ولديها نية لاستجلاب مخابر لغة و وسائل تقنية عالية، إلى المسكن العائلي الذي ينتظر أن يكون جاهزا خلال أسابيع، أي في شهر سبتمبر وهو موعد العودة النهائية للجزائر، وهي العودة التي يتفاءل بها خيرا لابنيه عبد الحكيم، 5 سنوات وسمير يونس 18 شهرا، اللذان بات لزاما عليه أن يجعلهما في وسط إسلامي عربي، مع توفير حياة أفضل ماديا لهما مثل ما كان في ألمانيا، حيث في مخطط البيت الجديد قاعة رياضة ومسبح صغير و حديقة، كما هي فرصة لتعلم العربية بشكل أفضل. إلتقاه في تيارت: سليمان بودالية