اقتراب موعد نهاية المهلة التي أعطاها رئيس الجمهورية لإنهاء مشروع القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، أدخل الطبقة السياسية في معترك التعاطي مع الانتخابات التشريعية والمحلية المسبقة، التي تعتبر ثاني التزام سياسي في أجندة الرئاسة. وبينما ألمحت بعض الأحزاب إلى الانخراط في مسعى التشريعيات المسبقة، على غرار كل من حزب التجمع الوطني الديمقراطي، وجبهة التحرير الوطني، و"جيل جديد"، كما جاء على لسان رئيسه، جيلالي سفيان، الذي توقع استدعاء الهيئة الناخبة قبل انقضاء الشهر الجاري، دعت أحزاب أخرى، وفي مقدمتها حزب جبهة القوى الاشتراكية، إلى حوار سياسي يسبق تلك الانتخابات من أجل تهيئة الأجواء السياسية. وكان الرئيس تبون قد أمهل، في آخر ظهور إعلامي له منذ تعرضه لوعكة صحية، اللجنة المكلفة بصياغة مشروع القانون العضوي للانتخابات، أسبوعين تصادف نهاية الشهر الجاري، لإنهاء عملها، وهو القرار الذي أحدث حراكا بين بعض الفاعلين السياسيين، الذين يبحثون عن تموقع أفضل في المرحلة المقبلة. الأحزاب التي تعتبر نفسها هي المتضررة من التشريعيات والمحليات المسبقة، ممثلة في الأحزاب المحسوبة على السلطة (جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي)، استقبلت القرار باستنفار قواعدها، وذلك عبر الشروع في ترتيب بيتها الداخلي تحسبا لهذا الاستحقاق. "الحزب العتيد" عمد أمينه العام أبو الفضل بعجي، إلى إجراء حركة طالت بعض مسؤولي الهياكل القاعدية، مكنته من تنصيب بعض الموالين له بحثا عن التنسيق الغائب، وتفاديا لكل ما من شأنه أن يؤدي إلى القلاقل التي اعتاد الحزب التعرض لها عشية كل استحقاق انتخابي، قُدمت من قبل أنصاره، على أنها تطهير للحزب من المشبوهين بالتورط في قضايا فساد مالي وأخلاقي، تحسبا للموعد الانتخابي المرتقب، الذي سوف لن يكون كسابقيه. كما أن الحزب الغريم، "التجمع الديمقراطي" وعلى لسان أمينه العام، الطيب زيتوني، أكد استعداد "القوة السياسية" الثانية في البلاد لخوض غمار الاستحقاق المقبل باعتباره يساهم في "تجديد الطبقة السياسية"، وذلك بالرغم من أن الدعوة لانتخابات مسبقة، من شأنها أن تفقد الحزب الكثير من ثقله في المجلس المنتخبة الوطنية منها والمحلية، حاله حال "جبهة التحرير". وفي الوقت الذي غاب صوت بقية الأحزاب الأخرى وعلى رأسها تلك المحسوبة على التيار الإسلامي على صعيد التعاطي مع الانتخابات التشريعية المسبقة، يدعو حزب جبهة القوى الاشتراكية إلى حوار يسبق تلك الانتخابات، على الأقل من أجل مناقشة القانون العضوي المتعلق بالانتخابات، الذي أصر الرئيس تبون، على مراجعته قبل موعد الاستحقاق المقبل، تفاديا لتكرار الاتهامات التي طالت شرعية المجالس الوطنية والمحلية السابقة. وبينما تشير الكثير من التوقعات إلى أن موعد الانتخابات التشريعية المسبقة، ستجرى قبل انقضاء الرباعي الأول من العام الداخل، في حين أن الدعوة إلى حوار سياسي بين السلطة والأحزاب، من شأنه أن يزيد من عمر المجالس المنتخبة الحالية، التي يحرص الرئيس تبون على التخلص منها في أسرع وقت ممكن. ومع ذلك، يبقى عامل الزمن قابلا للتجاوز إذا توفرت الإرادة، لأن خسارة القليل من الوقت مقابل ربح مصداقية مؤسسة بحجم البرلمان يبقى أمرا محفزا.