شغلت حوادث هلاك البراءة، وكان آخرها "هاجر وسراج"، حديث أهل ولاية بسكرة وأثارت أحزانهم بعد أن سقطا في حفر الصرف الصحي، وهو ما جعل مؤسسة التطهير بالمقاطعة الإدارية أولاد جلال تعلن حملتها الواسعة بهدف تنظيف شبكة التطهير وبخاصة منها المشاعب وبالوعات صرف مياه الأمطار بهدف إزالة الأتربة ومختلف الأوحال وبقايا النفايات المتجمعة بداخلها حماية للساكنة من خطر الفيضانات والتسرّبات، وأيضا حماية للبيئة ولشبكة التطهير من خطر الانسدادات التي قد تحدث في الشبكة أو خطر سرقة وتدهور وضعية المشاعب وأغطيتها. وتحوّلت البالوعات في بسكرة إلى خطر حقيقي قد يهدد سلامة الساكنة وبخاصة الأطفال بدليل تسجيل حالتي وفاة لطفل وطفلة بولاية منذ مطلع هذه السنة ويتعلق الأمر بالطفلة هاجر.ب، البالغة من العمر أربع سنوات والتي لقيت مصرعها إثر سقوطها داخل مشعب للصرف الصحي ببلدية فوغالة، والطفل سراج.ح، صاحب الثلاث سنوات والذي توفي هو الآخر منتصف الشهر الجاري، بعد سقوطه في حفرة للصرف الصحي ببلدية الدوسن. نخيل ينبت في قلب البالوعات "الشروق" رافقت مصالح التطهير التابعة لبلدية اولاد جلال في عملية تنظيف شبكة الصرف الصحي وإصلاح الأضرار التي تلحق بالمشاعب وأغطيتها تحديدا عبر الشوارع والأحياء، فتابعنا مشاهد غريبة وعجيبة تتسبب أحيانا في انسداد القنوات وأحيانا أخرى تؤدي إلى حدوث تسربات للمياه القذرة وما في ذلك من مخاطر على الساكنة والبيئة، فقد تفاجأنا بعديد الأشياء التي تمكن أعوان التطهير من إخراجها بعد تنظيف المشاعب ومن ذلك أواني مطبخ من طنجرة ومقلاة، وقطع غيار صغيرة للدراجات، ناهيك عن الأخشاب وبأحجام مختلفة وبقايا مواد البناء وبقايا الملابس من سراويل وأقمصة وقنادير، وأحيانا حتى أشجار بقايا من جذوع النخل أو نباتات وأشجار في طور النمو وبخاصة منها أشجار النخيل بسبب الرمي العشوائي لبقايا التمور داخل قنوات الصرف الصحي، وفي ظل تراكم الأتربة والأوحال فإن نواة التمر تتحول إلى شجيرة داخل المشاعب لتصبح سببا من أسباب انسداد القنوات. ومن خلال حديثنا مع بعض الأعوان حدثنا هؤلاء عن يومياتهم مع هكذا أشياء يستخرجونها يوميا أثناء تطهيرهم للمشاعب، فالأمر حسب هؤلاء لا يقتصر فقط على ما يرمى من المنازل بل الخطر الأكبر ناتج في الغالب عن بقايا مختلف الورشات ومنها ورشات مواد البناء والميكانيك والمطاعم، وهو ما يصعب من إخراج وإنقاذ الأطفال عند السقوط، حيث يصعب دخول رجال الحماية المدنية ويعرقل الرؤية أيضا. ففي ظل سوء إنجاز المشاعب المتدرجة التي تفصل بين المحلات والورشات والمشاعب الرئيسة يتعمّد البعض على الربط المباشر وفي ذلك خطر كبير جدا على الشبكة أولا وعلى المواطنين بشكل أكبر، كما تحدث السيد خرازي مدير ديوان التطهير على مستوى أولاد جلال عن خطر محاولة المواطنين تنظيف المشاعب بأنفسهم وهذا الأمر يراه السيد خرازي ممنوعا قانونا أولا وفيه خطر كبير جدا على سلامة المواطنين ثانيا. أين اختفت أغطية البالوعات؟ ما تابعته "الشروق" في هذه الحملة هو مشكلة اختفاء أغطية المشاعب التي أصبحت حديث العام والخاص على مستوى عموم بلديات ولاية بسكرة، حيث اختفت بعض هذه الأغطية وتدهورت وضعية أغطية أخرى كما أن تعمد وضع الأغطية البديلة أو وضع إشارات التحذير في المشاعب المتضررة من قبل بعض المواطنين في إجراء عفوي منهم، يزيد دوما من خطر هذه المشاعب وأحيانا يشوّه حتى المنظر العام للأحياء والشوارع والطرقات ويلجأ المواطنون وعن حسن نية منهم إلى وضع العجلات المطاطية والحجارة وأحيانا حتى البراميل أمام المشاعب أو بداخلها بهدف حماية الراجلين والمركبات، ولكن هذا الأمر قد تكون عواقبه وخيمة وتكون تبعاته عكسية. كما وقفنا على مشكلة نقص اليد العاملة فمثلا في اولاد جلال يوجد 12 عونا في مقابل شبكة صرف طولها يفوق 160 كلم. كما أن هذا العدد القليل من الأعوان، والإمكانيات القليلة المتوفرة تشرف على ثلاث بلديات كبيرة وشاسعة وهي أولاد جلال وسيدي خالد وسيد عقبة. ويقترح بعض المختصين حصر عملية المراقبة والمعاينة على مصالح التطهير عبر البلديات فيما تتكفل مصالح الموارد المائية والبناء والتجهيزات العمومية والأشغال العمومية والبلديات بالشق المادي من خلال المساهمة المشتركة في إنشاء صندوق محلي ذي ميزانية يخصص كلية لإنجاز عمليات الصيانة الخاصة بالمشاعب وتجديد أغطيتها المهترئة أو المسروقة، كما أن تفعيل الرقابة الأمنية وتشديد العقوبات على سارقي أغطية المشاعب بهدف بيعها للمعنيين بتجميع الحديد المسترجع، وهذا العمل الجماعي المشترك يمكنه، حسب المختصين، المساهمة الفعلية والفعالة في إزالة خطر مشاعب الصرف الصحي وبخاصة مشكلة أغطية هذه المشاعب ومن ثم حماية المارة والمركبات من خطرها وخاصة الأطفال، كما حدث مع هاجر وسراج اللذين وقعا في بالوعات من دون أغطية، وأيضا المساهمة في إزالة تلك المناظر المسيئة لمحيط الشوارع والأحياء، ودون ذلك ستبقى هذه المشكلة قائمة وخطرها قد يستفحل بدليل ما حدث مؤخرا ببلدية فوغالة، حيث سقطت طفلة صغيرة داخل مشعب للصرف الصحي وتوفيت في حادثة تؤكد خطورة ما آلت إليها وضعية المشاعب في عديد بلديات الولاية. فهل من دراسة ميدانية جادة وشاملة وبمشاركة الجميع أم أن الأمور ستظل على حالها؟