تصر الولاياتالمتحدةالأمريكية في كل مرة على إدراج الجزائر في مقدمة الدول المعنية بالمساعدات الأمريكية، فيما يتعلق بمحاربة الظاهرة الإرهابية في إفريقيا، حيث أدرجت كتابة الدولة الأمريكية، الجزائر على رأس عدد من الدول الإفريقية المطلة على منطقة الساحل والصحراء الكبرى، وهي تشاد ومالي وموريتانيا والمملكة المغربية والنيجر والسنغال ونيجيريا وتونس، ودعتها إلى تعاون جاد لمحاربة ما أسمته ب"التطرف". وفي محاولة من واشنطن لربط مصير هذه الدول بمدى قبولها الطرح الأمريكي في محاربة الظاهرة، رهنت الإدارة الأمريكية استتباب الأمن والاستقرار في القارة الإفريقية، وفي هذه الدول على وجه الخصوص، بمدى تعاونها معها على هذا المستوى، في توجه يكرس الاعتقاد الذي ترسخ لدى المتتبعين بأن ما تريده واشنطن هو الدخول إلى هذه المنطقة تحت غطاء مطاردة عناصر الجماعات المسلحة وفلول تنظيم القاعدة، التي تقول إنها انتقلت خلال السنوات الأخيرة لتستوطن في منطقة الساحل الإفريقي، مستغلة اتساع المنطقة وغياب الدولة فيها. و في كلمة أمام اللجنة الفرعية بالغرفة المكلفة بمحاربة الإرهاب الدولي، على مستوى الكونغرس، أكدا ويليام بوب نائب مدير مكتب التنسيق لمكافحة الإرهاب بوزارة الخارجية الأمريكية والأميرال المساعد همليل طالنت، مدير العمليات بالقيادة الأمريكية بأوربا "أوكوم"، أن التعاون بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والدول الإفريقية المتضررة من الظاهرة الإرهابية، من بينها الجزائر هو وحده الكفيل بحماية أمن هذه الدول ومعها أمن الولاياتالمتحدةالأمريكية، وبالحد من تنامي الظاهرة وتوسعها في المنطقة. و|قال وليام بوب في معرض شرحه للدور الذي يقوم به الجيش الأمريكي فيما يتعلق بتقديم الدعم والمساندة والتدريب، من خلال البرامج التكوينية في محاربة الإرهاب في إطار مبادرة دول منطقة الساحل الإفريقي، "إن هذه البرامج تهدف إلى جمع الجيوش الإفريقية والمنظمات الأمنية المدنية، حول السبل التي من شأنها أن تؤدي إلى القضاء على الجماعات المسلحة في منطقة الساحل الإفريقي أو على الأقل تقليص من نشاطها . " وأوضح المسؤول الأمريكي أن الهدف من مبادرة دول منطقة الساحل الأفريقي والصحراء الكبرى، هو مساعدة حكومات وشعوب كل من الجزائر ومالي وموريتانيا والمملكة المغربية والنيجر والسنغال ونيجيريا وتونس، على مواجهة ما أسماها " التطرف الإسلامي". مشيرا في هذا السياق إلى شهادات قال إنها صادرة عن أئمة وشيوخ وقبائل في منطقة الساحل والصحراء الكبرى، تؤكد على قلقهم المتزايد من تنامي أعداد المتطرفين . وعلى هذا الأساس أضاف القيادي في الجيش الأمريكي الاميرال طالينت ، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى إلى تكوين "كفاءات محلية وذلك بتقوية الهياكل الجهوية، وتطوير استعمال الأسلحة والاتصالات وكذا الهياكل الصحية لمواجهة الإرهاب. ويكشف المسؤول الأمريكي في هذا السياق، عن حقيقة أهداف بلاده عندما يقول بأن الهدف مما تسعى إليه بلاده في المنطقة، هو "تدعيم الموقف الأمريكي في الحرب العالمية على الإرهاب في إفريقيا، من خلال مساعدة هذه القارة لتكون قادرة على امتلاك قوة كافية للدفاع عن نفسها". وتكشف هذه التصريحات عن استبدال واشنطن لمطلبها السابق، والمتمثل في إنشاء قاعدة للعمليات العسكرية في إفريقيا "أفريكوم"، بعدما فشلت في إقناع دول بعينها كانت تراهن عليها، وفي مقدمتها الجزائر، التي أعلنت رفضها المطلق على لسان وزير الخارجية السابق محمد بجاوي، ما أدى إلى حدوث زوبعة دبلوماسية بين البلدين، سرعان ما تم إخمادها في حينها. ولذلك تسعى اليوم واشنطن إلى البحث عن حلول بديلة للقوة العسكرية "أفريكوم" التي كان من المفروض أن تقوم بعمليات مطاردة فلول القاعدة في المنطقة، وذلك بتسليح وتطوير وتدريب جيوش الدول المعنية، ويتجلى هذا من خلال الطلب الذي تقدمت به وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون إلى الكونغرس لاعتماد ميزانية إضافية قدرها 500 مليون دولار لصرفها في برنامج أطلق عليه تسمية " التكوين والتسليح الشامل" الذي يهدف إلى تطوير قدرات الدول الحليفة لواشنطن في ميدان محاربة الإرهاب، على رأسها الجزائر. محمد مسلم:[email protected]