شهد اليوم الأول من إعادة فتح المنتزهات والحدائق وأماكن التسلية في العديد من الولايات، فرحة عارمة وسط الجزائريين الذين سرعان ما التحقوا بها منذ الساعات الأولى من الفتح، مصطحبين أبناءهم تزامنا مع اقتراب نهاية العطلة الشتوية التي صادفت هذه الأيام أجواء ربيعية ميزها ارتفاع درجات الحرارة، ما زاد من إقبال العائلات على هذه الأماكن، التي شهدت أمس حركية كبيرة وأمواجا بشرية على مداخل العديد من المتنزهات على غرار حديقة التجارب ومتنزه الصابلات في العاصمة، أين تم تطبيق بروتوكول صحي صارم تجنبا للعدوى بالوباء.. وفي جولة استطلاعية قادت "الشروق"، الأربعاء، إلى بعض المنتزهات المتواجدة في قلب العاصمة والبداية كانت من حديقة التجارب، أين وقفنا على الإقبال الكبير عليها من قبل العائلات، التي عبرت عن فرحتها وبهجتها بإعادة فتحها خاصة في هذا التوقيت بالذات، حيث أكدت السيدة عائشة التي كانت رفقة زوجها و4 من أولادها، وقدمت من ولاية برج بوعريرج، أنها كانت في مأزق مع أولادها الذين أخذوا عطلتهم الشتوية الخميس المنصرم، ولم يجدوا مكانا يقصدونه قصد التنزه واللعب، وبعد قرار الفتح قررت ألا تضيع أي يوم عليها فجاءت في يوم الافتتاح حتى تستمتع رفقت عائلتها بجمال الطبيعة والمناظر الخلابة التي تزخر بها حديقة التجارب بالحامة، خاصة أن الطقس يشهد ارتفاعا في درجات الحرارة.. مسنون يزاحمون الأطفال في المتنزهات من جهتها، السيدة حليمة التي تجاوزت 60 سنة، كانت رفقت بناتها المتزوجات وأحفادها، أكدت لنا، أنها سعدت أكثر من الأطفال بإعادة فتح منتزهات العاصمة، باعتبارها مسنة وتحتاج إلى رياضة المشي بشكل يومي كما طلب منها الأطباء، لأنها تعاني من بعض الأمراض وآلام المفاصل وغيرها، وكانت يوميا قبل انتشار فيروس كورونا تتجه إما للصابلات أم إلى غابة بوشاوي أو حديقة الحامة من أجل المشي، وبعد غلقها اضطرت إلى القعود في المنزل، لأن الخروج والمشي في الأسواق كما ذكرت يشكل خطرا على صحتها ومن الممكن أن تنتقل عدوى الفيروس لها بسرعة بالأخص وأنها تعاني من مرض السكري، وهو ما جعلها تلتزم بالقعود في البيت، وبعد إعادة فتح المنتزهات في فترة الصيف وكذا الخريف تنفست الصعداء قليلا، ولم تسعد بالفتح كما أكدت، حتى تم إصدار قرار آخر يقضي بإعادة الغلق يوم 9 نوفمبر الفارط، بسبب ارتفاع حالات الإصابة بالفيروس، ومنذ ذلك الحين وهي في المنزل، الأمر الذي ضاعف من آلام المفاصل التي تعاني منها، وعبرت عن فرحتها وسعادتها بقرار الغلق، كما دعت المواطنين إلى أخذ الحيطة والحذر والالتزام بالوعي وعدم الاستهتار حتى لا ترتفع حالات الإصابة مجددا وبالتالي كي لا يتم إعادة غلق المنتزهات مرة أخرى.. إجراءات صحية صارمة والتنزه بالمناوبة وكانت للشروق جولة استطلاعية في حديقة الحامة بداية من حديقة الحيوانات التي كانت تشهد إقبالا كبيرا من قبل المواطنين، وكان أعوان الأمن وعمال الحديقة يترددون عليها بشكل مستمر ويحرصون على تطبيق الإجراءات الوقائية بين العائلات، والأمر نفسه كان في الفضاء الخارجي للحديقة، وللاستفسار أكثر عن التدابير الوقائية التي تم وضعها للعائلات انتقلنا إلى مكتب المدير العام للحديقة عبد الكريم بولحية، الذي صرّح للشروق أنه وعلى ضوء تعليمات والي العاصمة، وضعت حديقة التجارب الحامة بوروتكولا صحيا في خدمة الزوار المتوافدين عليها، يتمثل في تكثيف عمليات التعقيم ومراقبة وجوب ارتداء الأقنعة الواقية، بالإضافة إلى احترام مسافة التباعد الجسدي، وأضاف بولحية أنّ عملية التعقيم تتم كل صباح قبل فتح أبوابها أمام الزوار في حدود الساعة العاشرة، ومساء بعد مغادرتهم، كما أن هناك شاحنات كبيرة وكذا تم تخصيص بعض العمال الذين يحملون معقمات في أيديهم، حيث يقومون بالتجول بين الفترة والأخرى بين أرجاء الحديقة ويقومون بتعقيمها، مؤكدا أن المؤسسة سطرت برنامجا وقائيا يشمل أيضا تنظيم الزوار خاصة عند باب الدخول، مع استخدام مادة خاصة للتعقيم وهي عبارة عن مادة مطهرة، وكذا تحديد عدد الزوار والحرص على الدخول بنظام الأفواج، حيث تم تحديد 3 آلاف زائر في نفس الوقت داخل الحديقة، إذ أن الحديقة تحتوي على مساحة قدرها 32 هكتارا أي بنسبة زائر في كل 100 متر مربع، وبعدها يتم غلق الشبابيك إلى غاية خروج عدد معين من الحديقة، ليتم عقب ذلك فتح الشبابيك مرّة ثانية واستقبال الزوار، وذلك لتجنب الاكتظاظ، بالإضافة إلى تعليق ملصقات إرشادية في كل مكان. وشدد محدثنا أن الإدارة ستحرص على عدم حدوث اكتظاظ أمام نقاط بيع التذاكر أو داخل الحديقة خاصة فيما يتعلق بالجزء المخصص للحيوانات بحكم مساحته الصغيرة التي لا تتعدى 1 هكتار وعدد الأقفاص المتقاربة بداخله حيث سيلجأ العمال إلى إدخال الزوار وفق مجموعات تسمح بترك المسافة اللازمة بين الأفراد، كما ذكر بولحية، أنه تم تحديد مسار معين خاص بحديقة الحيوانات في اتجاه واحد يسمح للزائرين أن يشاهدوا جميع الأقفاص الخاصة بالحيوانات، في حين أن الخروج يكون من جهة أخرى، وهنا أيضا يتم تحديد عدد الزوار والعمل بنظام التفويج، مع العمل على تعقيمها بين الفترة والأخرى.. علما أنه تمت تهيئتها خلال فترة الغلق التي دامت لأزيد من شهرين ونصف، كما أن هناك حيوانات جديدة تم إدراجها فيها. وبعد جولتنا التي دامت لأكثر من ساعتين في حديقة الحامة، اتجهنا إلى منتزه الصابلات، الذي كان هو الآخر يعج بالزوار والعائلات، حيث عرف إقبالا كبيرا، ولاحظنا عند المدخل الرئيسي إجراءات وقائية مشددة، انطلاقا من فرض ارتداء الأقنعة الواقية، وكذا إجبارية التعقيم عند الباب، مع احترام مسافة التباعد الجسدي، وهي نفس الإجراءات التي كانت في الداخل، إلا أن هناك بعض التجمعات من طرف العائلات لكن حسب ما لاحظناه فقد كان أعوان الأمن يسارعون إلى إبعادهم عن بعضهم البعض وذلك لتفادي انتشار الفيروس فيما بينهم. عائلات كانت تتنزه على حواف الطرقات السريعة والغابات المهجورة وقبل إعلان السلطات فتح أماكن التنزه والراحة والشواطئ في العديد من الولايات، كابدت العائلات حيرة كبيرة في البحث عن مكان للتنزه، خاصة مع العطلة الشتوية التي شهدت أجواء ربيعية بامتياز، وهو ما جعل الكثير من الأسر تختار أماكن كانت مهجورة سابقا، لتتفاجأ عشية أمس الأول، بقرار السلطات فتح فضاءات التسلية يومين قبل انتهاء العطلة الشتوية، حيث لقي القرار ترحيبا كبيرا من طرف المواطنين. وبسبب الإغلاق السابق، تحوّلت بعض الأماكن والتي لم تتعود العائلات على زيارتها، إلى أماكن مفضلة للنزهات، وأهمها الغابات، ومنها ما كانت مهجورة لا يقصدها أحد، بسبب كثافة أشجارها والخوف مما تضمه من حيوانات أو لصوص، لكنها صارت مكانا للنزهة والسياحة وإقامة جلسات الشواء بعيدا عن التجمعات البشرية، كما تحولت السدود وحواف الطرق السريعة والبحيرات وحواف الوديان، إلى أماكن راحة في ظل الكورونا. وهو ما شاهدناه عبر كثير من الغابات بالعاصمة وبومرداس والبليدة وتيبازة، أين اكتشفت العائلات أماكن راحة جديدة، فيما كانت الغالبية العظمى، تفضل الجلوس على حواف الطرق السريعة، وهو ما شاهدناه على طول الطريق الرابط بين الجزائر العاصمة وتيبازة، حيث تنتشر العائلات في أي مكان يحتوي على خضرة وأعشاب وأشجار، مبتعدين بذلك عن أماكن الخطر بالغابات والسدود. رغم أن الطرق السريعة لا تقل خطورة عنهما، فبإمكان أي طفل مغافلة والديه والتوجه نحو طريق السيارات. وبدورهم وجد الأشخاص من رجال ونساء المتعودين على القيام برياضة الركض والمشي سابقا صعوبة في إيجاد مكان مناسب يمارسون فيه هوايتهم، خاصة النساء المتعودات على الجري في أماكن آمنة ومحروسة، على غرار غابة بوشاوي أو الصابلات بالجزائر العاصمة، أو بقاعات الرياضة، حيث فتحت جميع هذه الأماكن أمس وتنفس الجزائريون الصعداء.. ترحيب برفع توقيت الحجر إلى العاشرة ليلا.. ولأنّ جميع هذه الأماكن كانت مغلقة، اختار الرياضيون ممارسة هواية الجري على الطرق السريعة، وقد شاهدنا بأم أعيننا سيدتين تركضان في الطرق السريع على مرأى من أصحاب السيارات المستغربين الظاهرة، ويبدو أن هذه الظاهرة قد تتحول إلى عادة مستقبلا، وحتى مع فتح فضاءات التسلية، فقد يفضل كثيرون الجري بعيدا عن التجمعات البشرية، خوفا من عدوى الكورونا. ومن جهة أخرى، سارع مواطنون وبمجرد إعلان رفع الغلق عن قاعات الرياضة، إلى الحجز والتسجيل، للبدء في حصصهم الرياضية، خاصة النساء منهن، واللواتي صرن يعانين من "السمنة" والكسل، على حد تعبيرهن، بعدما انقطعن عن ممارسة الرياضة بالقاعات المغلقة منذ أشهر، وخاصة من كن يتبعن نظاما معينا لإنقاص الوزن، لكن الحجر الصحي وعدم التحرك أرجعهن إلى نقطة الصفر. كما رحبت العائلات بقرار تمديد الحجر الصحي إلى العاشرة ليلا بدل الثامنة، وهو ما يسمح لهم بقضاء حوائجهم ليلا، والبقاء ساعات إضافية خارجا، بدل المسارعة للدخول قبل الثامنة ليلا مثلما كان عليه الحجر سابقا، وما نتج عنه من تسجيل حوادث مرورية، بسب السرعة المفرطة، فكثيرا ما اضطر رجال الأمن لسحب وثائق السيارة لمواطنين، بسبب مخالفة توقيت الحجر المنزلي.