كشفت المعاينة الميدانية التي باشرتها الثلاثاء، اللجنة المختلطة، المشكلة من ممثلي مصالح أكثر من 7 هيئات مدنية وأمنية بوهران، وبأمر من الوالي، عن قنبلة موقوتة وزنها 1200 قنطار من الأدوية الفاسدة، التي لا تزال تنام بلا أمن ولا سلام، نافثة سمومها من حين لآخر على أرض فلاحية تقع ببلدية بن فريحة، حسب المفتشية الإقليمية للتجارة لبئر الجير. يأتي تحرك مسؤولي القطاعات المعنية – ويتعلق الأمر بمديريات التجارة، الصحة، البيئة، الصناعة، الفلاحة – وغيرها، إلى جانب مصالح الدرك الوطني، على خلفية التحقيقات التي باشرتها هذه الأخيرة منذ مدة، والتي أفضت نتائجها إلى الكشف عن فضيحة من العيار الثقيل، بطلها متعامل خاص ينشط في مجال الصناعة الصيدلانية، ويمتلك مخابر له مختصة في إنتاج الأدوية الجنيسة ومستحضرات طبية وصيدلانية، يقع مقرها بالمنطقة الصناعية في السانيا، حيث اتضح أن هذا الأخير يخفي منذ سنوات كميات هائلة ومتراكمة من منتجاته التي تجاوزت مدد صلاحيتها للاستهلاك والاستعمال بشتى أشكالهما في هيكل مهجور، بعد أن قام بنقلها خلسة من مخابره إليها لحاجة في نفسه. وقد عمد المتعامل إلى هذه الفعلة، بدلا من اتخاذه التدابير الوقائية المطلوبة، بالعمل على إتلافها في أقرب وقت وفق ما تقتضيه الشروط والمعايير الموصى بها والمنصوص عليها في القوانين المنظمة لهذا النوع من النشاطات الحساسة، بل وتشير المعطيات المتوفرة لدينا، إلى ضبط أطنان من الأدوية الفاسدة ملقاة مباشرة في العراء، بما يشكل خطرا عموميا جسيما، وينذر بالتسبب في كوارث صحية وبيئية قد تكون قاتلة ومدمرة، لاسيما وأن على محيطها مراع تقتات منها مواشي المربين والرعاة النشطين على حدود المزرعة، وكذلك أطفالا كثيرا ما يجرهم تطفلهم الصبياني إلى التنقيب وسط تلك النفايات الصيدلانية المثيرة للفضول للنبش فيها، وربما تسوقهم أقدارهم بعد الانجذاب إليها لتجريبها. وفي ذات السياق، وطبقا لنتائج المراقبة التي قام بها مفتشو التجارة لوحدها، فإن التقارير والمحاضر المسجلة في هذا الإطار، تتحدث عن اكتشاف حصص من الأدوية منتهية الصلاحية منذ سنة 2008، فيما يعود تاريخ فساد أخرى إلى سنة 2015، كما يوضح ذات المصدر أن تلك الكميات الهائلة المقدر وزنها الإجمالي – من خلال احتساب مجموع الأوزان المحددة على صناديق وعلب التعبئة – ب120 طن، تترامى بشكل مكدس وعشوائي داخل هيكل مفتوح من كل جانب لمزرعة مهملة ومهجورة بمنطقة بن فريحة، كما تم التفطن على محيطها إلى تواجد آثار حرق، في شكل رماد ومخالفات مواد متفحمة، وهو ما فكك لغز لجنة المعاينة بخصوص الدوافع التي أدت بصاحب مخابر صناعة الأدوية لنقل منتجاته السامة إلى تلك المزرعة المهجورة والكائنة في منطقة نائية، حيث توضح مفتشية التجارة لبئر الجير اهتدى لحيلة التخلص من تلك الأطنان عن طريق حرقها على مراحل بدلا من تحميل مؤسسته تكلفة الإتلاف الصحي على مستوى المحرقة المخصصة لها، والمقدرة قيمتها ب10 ملايير سنتيم في المجموع. وفي المقابل، تضيف مفتشية التجارة لبئر الجير أن جل المصالح المكونة للجنة المعاينة اقترحت إخضاع تلك المواد السامة للإتلاف الفوري، فيما قررت إمهاله مدة أسبوع واحد ابتداء من الثلاثاء ليتخلص منها بالطرق الصحية المعروفة، على أن تجدد تدخلها بعد انقضاء تلك المدة مباشرة في إطار متابعة مدى تنفيذه للأمر، لتتخذ على ضوء ذلك باقي الإجراءات الردعية اللازمة، فيما أكدت أن ملفه سيحال وفق المخالفات المرصودة بعين المكان على العدالة لمتابعته قضائيا، مشيرة إلى مدى خطورة تلك المواد التي يسهل جدا الوصول إليها وحتى العبث بها وتكبد عواقب مفتوحة على كل الاحتمالات، لاسيما في حال وصلت إليها أيادي العصابات المختصة في البزنسة بالأدوية في السوق السوداء، أو تلك التي تستعين بمركبات دوائية لتضخيم شحنات المخدرات وخلطها بالخام منها للحصول على منتجات هلوسة وانشاء هجينة إلى غير ذلك من الاحتمالات الأكثر ورودا في هكذا حالة – حسب ذات المفتشية دائما -.