- عيادات متخصصة ترمي بقاياها الممرضة مع النفايات المنزلية تشكل النفايات الطبية مشكلا كبيرا لازال التحكم فيه أمرا صعبا أعجز قطاعي الصحة و البيئة على مستوى ولاية وهران أمام عدم احترام بعض المؤسسات و العيادات الطبية الخاصة و مخابر التحاليل شروط الفرز و تعمد خلط مختلف مواد النشاطات العلاجية مع النفايات الأخرى، و أمام كل هذا تسجل وهران نقص كبير في المنشآت الخاصة بمعالجة هذه النفايات والمتمثلة في المحارق، إذ يتم الاعتماد على محرقة واحدة ووحيدة لمعاجلة الحجم الهائل من النفايات الطبية بالرغم من الارتفاع الكبير الذي تؤكده أرقام مديرية البيئة حيث قدرت الكميات المنتجة ب 7 آلاف طن سنة 2015 وتزايدت سنة 2018 إلى 7663 طن ليصل حسب تقديرات مديرية البيئة إلى 7907 طن خلال السنة الجارية، وتتجاوز الكمية 9669 طن في آفاق 2025. و تُطرح في ملف تسيير و معالجة النفايات الطبية بوهران العديد من المشاكل و العراقيل التي تصعب المهمة و تزيد من حجم الأخطار التي تهدد البيئة و الصحة على حد سواء، و أردنا من خلال هذا الاستطلاع التعرف على طرق تسيير و معالجة النفايات الناتجة عن المستشفيات و العيادات و مخابر التحاليل الطبية العمومية و الخاصة، و هل طريقة الحرق المعتمدة بالولاية آمنة و لا تشكل أي خطر آخر على البيئة و الصحة؟. و لكن و نحن بصدد البحث عن المعلومات الكافية لإثراء هذا العمل و التطرق إلى الموضوع من جميع الجوانب وجدنا أن المشكل الحقيقي الذي يواجه مهمة إزالة و معالجة نفايات النشاطات العلاجية هو غياب ثقافة الفرز داخل المؤسسات الصحية خاصة العيادات الخاصة بما فيها عيادات جراحة الأسنان و مخابر التحاليل الطبية و هذا ما أكدته جميع الهيئات التي تواصلنا معها على غرار مديريتي البيئة و الصحة و مؤسسة تسيير مراكز الردم و كذا منظمة حماية البيئة و حتى المؤسسة الخاصة التي تقوم بالمعالجة، لتأتي في الأخير عملية الحرق كحل وحيد للتخلص من هذه النفايات رخم الخطورة التي أشار إليها مختصون في حماية البيئة في ظل غياب أي استراتيجيات متطورة لإزالة النفايات الخاصة الخطيرة. تحتكم ولاية وهران على محرقة عمومية واحدة تابعة للمؤسسة الاستشفائية أول نوفمبر باسيطو متواجدة بمفرغة حاسي بونيف و تقوم بمعالجة النفايات الطبية الناتجة عن هذه المؤسسة فقط، كما يحتكم أيضا المركز الاستشفائي الجامعي الدكتور بن زرجب بسيدي البشير بلاطو سابقا على محرقة واحدة معطلة منذ سنوات ما تسبب في تراكم أطنان من النفايات الطبية بمكان معزول عن المصالح الطبية و المسمى جيمونتري حيث بقيت مكدسة منذ سنة 2008 و تم نقلها نهاية سنة 2017 من قبل مؤسسة خاصة تعاقدت معها المستشفى إلى ضواحي منطقة السانيا حيث تم فرزها و معالجتها بالات الحرق. في حين تبرم قرابة 100 مؤسسة استشفائية فقط و عيادة الخاصة و مخابر التحاليل الطبية اتفاقيات مع المحرقة الخاصة و الوحيدة المتواجدة بالمنطقة الصناعية بحاسي عامر تقوم يوميا بالمرور على المؤسسات الصحية المتعاقدة معها من أجل جمع النفايات يوميا مقابل 120 دينار للكيلوغرام الواحد، حسب ما ذكره السيد بوخاري رئيس مصلحة الوقاية بمديرية الصحة. و أكد من جهته صاحب المحرقة المتواجدة بالمنطقة الصناعية بحاسي عامر أن عملية حرق النفايات الطبية تتم وفق المعايير و لا تشكل أي خطر، مضيفا على أنها الوسيلة الوحيدة الموجودة حاليا للتخلص من بقاء بقايا النفايات السامة و الخطيرة لتتحلل في الطبيعة، و حسبه فان العملية تتم بوضع المواد الطبية تحت البخار في درجة حرارة عالية حتى تتحول إلى غبار يتم ردمه مباشرة بعد الحرق، و لم يعط صاحب المحرقة أرقاما دقيقة لكميات النفايات التي يقوم بنقلها بشاحناته الخاصة إلى المحرقة، و ذكر أن حجم الكميات المنتجة تختلف من مؤسسة إلى أخرى و الكميات الكبيرة من هذه النفايات تنتجها المستشفيات العمومية، إذ تتراوح الكميات يوميا بين 150 و 500 كلغ في اليوم و هي كميات قليلة مقارنة بالعمليات الاستشفائية و العلاجات اليومية المقدمة ما يؤكد أن أغلب هذه النفايات توجه إلى المفرغات العمومية و تخلط مع النفايات المنزلية، و هذا ما أكده السيد بحري بن يحي رئيس المنظمة الوطنية لحماية البيئة و التراث الوطني و تفعيل الطاقات المتجددة موضحا أن بعض أصحاب الشاحنات الناقلين للنفايات الطبية يتعمدون رميها في المفرغات والمساحات الشاغرة خارج الوسط العمراني و هو ما حدث بمنطقة عين الترك بعيدا عن الأعين. وطرح صاحب المحرقة بدوره مشكل خلط مختلف المواد الطبية المستعملة مع بعضها و مع نفايات أخرى كالزجاج و البلاستيك و الكرتون و هو ما يصعب عملية الحرق و يخلق نشاط إضافي للعمال، في حين تؤكد بعض العيادات الخاصة و أحد مخابر التحاليل الطبية التي توجهنا إليها بوسط المدينة أنه تم قبل سنوات تدعيم جميع مؤسسات قطاع الصحة بحاويات صغيرة الحجم بالألوان تحدد نوع المادة التي توضع فيها و هذا لتسهيل عمليات الفرز حسب نوع و خطورة كل مادة مستعملة. و تنقسم النفايات الطبية حسب منظمة الصحة العالمية إلى نفايات عامة ممثلة في مواد علاجية مستعملة كالقطن و الضمادات و الحقن و القفازات و أنابيب تحاليل الدم و تشكل 80 بالمائة من حجم النفايات، و تمثل المواد المعدية و التشريحية 15 بالمائة، تليها المستحضرات الصيدلانية ب3 بالمائة، و النفايات الطبية السامة التي تحتوي على جينات و جسيمات إشعاعية و معادن ثقيلة و مواد حادة تشكل 2 بالمائة من الحجم الإجمالي للنفايات الناتجة عن النشاطات العلاجية. تشن فرق من مديرية الصحة حملات مراقبة مفاجئة للعيادات الخاصة و كل المرافق الصحية بهدف مراقبة احترام مقاييس تسيير النفايات الطبية حسب ما ذكره السيد بوخاري رئيس مصلحة الوقاية بمديرية الصحة، موضحا أن المراقبة تتم بالليل و النهار و أسفرت عن الغلق المباشر لعيادة خاصة متواجدة على مستوى دائرة بئر الجير و هذا خلال السنة الماضية و لم تسجل أي تجاوزات أخرى إلى يومنا يضيف نفس المصدر. هذا و كشفت مديرة مؤسسة تسيير مراكز الردم السيدة دليلة شلالي أن هناك رقابة صارمة على مستوى مراكز الردم بحاسي بونيف فيما يخص مراقبة النفايات التي تصل عبر شاحنات مختلطة بالنفايات الطبية و في حالة وجود أي نوع من هذه النفايات مختلطة بالنفايات الأخرى يتم التحقيق في الأمر من خلال بعث تقرير مفصل إلى مصالح البلديات و يتم توجيه اعذار للمؤسسة الطبية المعنية و ذكرت المتحدثة أن الرقابة في مجال النفايات الخاصة و الخاصة الخطيرة هي الحل لمشكل تسييرها و الحد من الخطورة الكبيرة التي تهدد البيئة و سلامة الأفراد بسبب عدم احترام بعض العيادات شروط الفرز و هذا ما يشكل خطورة كبيرة و يجعل تسيير النفايات الخاصة الخطيرة بعيدا عن الأطر الصحيحة. و ذكرت السيدة شلالي أيضا أن المهمة القادمة المسطرة في برنامج اللجنة الولائية المكونة من مديرية البيئة و مراكز الردم لمراقبة النفايات و غيرها من الهيئات العمومية ستشمل المراكز الصحية و المؤسسات الاستشفائية التابعة للقطاع الخاص لمراقبة احترام مقاييس تسيير النفايات الطبية. داعية إلى ضرورة إعادة برمجة عملية تسيير و إزالة هذه المخلفات الطبية السامة و هذا من خلال توفير محرقة بكل دائرة. و من جهتها أكدت مصادر من مديرية البيئة أن عمليات تنظيم تسيير و إزالة النفايات الصحية في جميع القطاعات تعود إلى مسؤولية مدراء ومسيري كل المؤسسات الاستشفائية و ذلك من بداية إنتاجها إلى غاية معالجتها، و هم من يقومون بتحديد طرق و كيفية إزالتها بداية من الفرز و الجمع إلى التعبئة و النقل و إتلاف هذه النفايات، مؤكدة أن تسيير النفايات الصحية على مستوى ولاية هران يبقى بعيد جدا عن متطلبات حماية البيئة والتنظيم الداخلي للنفايات الاستشفائية الذي لا يزال ناقصا من حيث عمليات الفرز من المصدر و وسائل النقل والتحويل و كذا تهيئة الأرضية لجمع نفايات النشاطات العلاجية، مؤكدة أن تسيير النفايات الطبية تتطلب ميزانية هامة للاستثمار. و حسب ذات المصادر فان حجم النفايات الناتجة عن العلاجات الاستشفائية في تطور مستمر حيث تم معالجة 403971 طن من النفايات الطبية خلال 2017 حسب إحصائيات مديرية البيئة منها أكثر من 150 ألف طن على مستوى القطاع الخاص و أكثر من 550 ألف طن من النفايات من القطاع العام، علما أن القطاع العمومي يضم 27 مؤسسة صحية، إلى جانب 1272 عيادة خاصة منها 59 عيادة فقط ملتزمة باتفاقيات معالجة النفايات حسب إحصائيات مديرية البيئة لسنة 2017 منها عيادات جراحة الأسنان و مخابر التحاليل و مراكز الأشعة الطبية و مراكز تصفية الدم و مراكز إنتاج الأدوية. و من جهته أكد رئيس المنظمة الوطنية لحماية البيئة و التراث الوطني و تفعيل الطاقات المتجددة أن وهران غير متحكمة في تسيير ومعالجة النفايات الصحية التي تشكل خطرا كبيرا على البيئة و الإنسان و حتى التربة و الحيوان، مؤكدا أن بعض المؤسسات الاستشفائية لا تستعمل المحارق وتقوم بالرمي العشوائي للمخلفات الطبية التي تتسبب عند ملامستها بأمراض خطيرة كونها تحتوي على مواد كيميائية سامة و إشعاعات، وأضاف المتحدث أن عمليات الحرق بدورها تشكل خطر آخر أكثر ضررا حيث ينتج عن العملية غبار سام ينتشر في الجو و يلوث الهواء و بالتالي التسبب في كارثة صحية و بيئية خاصة أمام عدم احترام المعدات الخاصة و الآمنة للحرق والمتمثلة في وضع المواد الطبية كالقطن مثلا في شبكة و حرقها تحت درجة حرارة تصل إلى 260 درجة حتى تجف المواد وتتحول إلى غبار و تتلف و تموت كل الميكروبات و يتم بعدها ردمها بعد أن تتحول إلى غبار. و تأسف رئيس المنظمة الوطنية لحماية البيئة على وجود طريقة واحدة لمعالجة هذه النفايات الخطيرة والسامة و التي اعتبرها غير آمنة.