اصطفاف إسلامي جزائري تونسي يعزل إسلاميي المغرب في المنطقة المغاربية، وذلك بالرغم من أن إسلاميي البلدان الثلاثة يغرفون من منظومة تيار واحد هو التيار المعتدل (الإخواني)، والسبب تطبيع المخزن مع الكيان الصهيوني. فبعد تصريحات راشد الغنوشي، رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة الإسلامية، والتي دعا من خلالها إلى إحياء مشروع اتحاد المغرب العربي بالانطلاق من الجزائر وتونس وليبيا، مستثنيا المغرب وموريتانيا، جاء الدور على زعيم أكبر حزب إسلامي في الجزائر مؤيدا للمبادرة. ولحد الآن لم يصدر أي موقف عن الإسلاميين في كل من موريتانيا وليبيا، باعتبارهما معنيين بهذه المبادرة، لكن ما حدث يعتبر شرخا بين أبناء التيار الإسلامي في المنطقة المغاربية، قد يصعب رأبه في المستقبل القريب، بالنظر للتصريحات التي صدرت عن القيادي في الطبعة المغربية لهذا التيار، والتي اتهم فيها رئيس البرلمان التونسي بمجاملة السلطات الجزائرية، من خلال مبادرته. تصريحات مقري جاءت بعد أقل من أسبوع من تصريحات الغنوشي، ومتناغمة مع طرح الرجل الأول في حركة النهضة التونسية، ما يؤشر على وجود اصطفاف إسلامي جزائري تونسي، ينسجم مع الموقف الرسمي للبلدين، في الكثير من القضايا التي تهم البلدين ولا سيما تلك المتعلقة بالمنطقة المغاربية. وكان مقري قد هاجم سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الحاكم في المغرب مباشرة بعد توقيع الرباط على اتفاق التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكتب في منشور على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك حينها، جاء فيه "أكبر من يناله هذا الخزي والعار هو رئيس الحكومة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، باعتبار خيانته لمبادئه وخطه السابق المعادي للتطبيع بأي شكل من الأشكال وفق ما كان يصرح به هو نفسه". ومعلوم أن أحزاب التيارات الإسلامية ذات الخلفية المذهبية المشتركة، عادة ما تتضامن فيما بينها عندما يتعرض أي منها لأمر ما، غير أن قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني، تكون قد شقت صف الإسلاميين في المنطقة المغاربية، وهي من الحالات النادرة، والسبب وقوف أبناء التيار في المغرب إلى جانب موقف بلاده في قضية تعتبر مبدئية بالنسبة للإسلاميين المعتدلين، الذين يعتبرون القضية الفلسطينية قضية الأمتين العربية والإسلامية المركزية. وتؤكد مقاربة الإسلاميين في كل من الجزائر وتونس، أن المغرب أصبحت عقبة في طريق بناء الوحدة المغاربية، سواء بسبب سياساته التوسعية والعدوانية ضد دول الجوار، أو التطبيع مع الصهاينة، فالكثير من سياسيي المغرب لا يزالون يتحدثون من حين لآخر عما يسمونه الأراضي الترابية للمغرب التاريخي، المتواجدة، كما يزعمون، في كل من الجزائروموريتانيا والصحراء الغربية، وهذه من الاعتبارات التي تنسف الثقة بين المغرب ودول الجوار، ولعل هذه من الأسباب التي جعلت المغرب تعيش في عزلة غير مسبوقة. وتعيش مؤسسات الاتحاد المغاربي حالة من الانسداد بعد أزيد من ثلاثة عقود من ميلاده، راجع للموقف المغربي المتصلب، والذي يصر على ربط حل قضية الصحراء الغربية، بإعادة بعث الحياة في هذه الهيئة الإقليمية.