دخل الجزائريون رسميا في أجواء الانتخابات التشريعية المرتقبة في 12 جوان المقبل، بعد ما تجاوز عدد الأحزاب التي سحبت استمارات الترشح الأربعين حزبا، ووصول عدد القوائم الحرة إلى العشرات، في مشهد يوحي بأن البرلمان المقبل، سيكون ليس كسابقيه، وأن النواب الأحرار ستكون لهم الكلمة، لعدة اعتبارات. ويتوقع أن يصل عدد القوائم الحرة إلى المئات في الأيام القليلة المقبلة، مدفوعة بالتسهيلات غير المسبوقة التي حملها القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات، والتي لا تتطلب جمع أكثر من مائة (100) توقيع عن كل مقعد في الولاية التي تخوضها القائمة الحرة، مقابل 25 ألف توقيع في 58 ولاية، بالنسبة للأحزاب. وعلى الرغم من التسهيلات الكبيرة التي خصصت للقوائم غير الحزبية في قانون الانتخابات الجديد، إلا أن ذلك لم يحل دون تقدم الأحزاب التقليدية لخوض معترك المنافسة، على غرار كل من حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وحركة البناء وجبهة المستقبل وحركة مجتمع السلم وحركة النهضة، والكثير من الأحزاب الموصوفة بالصغيرة مثل حركة الإصلاح الوطني. ومع ذلك، فإن حصة الأحزاب التقليدية سوف تبقى أقل بكثير مما كانت عليه في الاستحقاقات السابقة، برأي مراقبين، وخاصة تلك التي كانت محسوبة على السلطة، التي يبدو أنها غيرت رهانها نحو الوجوه الشابة والجديدة، محاولة منها في تغيير مكونات الطبقة السياسية. ومن شأن مبادرة "نداء الوطن" التي أطلقها المستشار برئاسة الجمهورية لشؤون المجتمع المدني، نزيه برمضان، والتي دعا من خلالها منظمات المجتمع المدني والحركات الشبانية، إلى استغلال طبيعة الظرف السياسي الخاص، من أجل المساهمة في بناء مؤسسات الدولة وتجديد الطبقة السياسية، أن توسع من قاعدة الشباب الراغب في خوض المعترك السياسي، ولاسيما في ظل التحفيزات اللافتة، التي أقرت من أجل هذا التوجه. ومعلوم أن الرئيس عبد المجيد تبون، لم يتوقف منذ مدة، عن دعوة الشباب إلى حمل المشعل، وذلك من خلال الانخراط في العملية السياسية، والإقلاع عن سياسة الكرسي الشاغر، الذي فسح المجال أمام بروز فئات أضرت كثيرا بالممارسة السياسية وساهمت في إفساد العملية الانتخابية، وذلك عبر توظيفها للمال السياسي في شراء ذمم بعض السياسيين وحتى الناخبين. ويبقى الغائب الكبير عن الاستحقاق المقبل لحد الآن، هي الأحزاب المحسوبة على التيار الديمقراطي، وفي مقدمتهم حزب العمال الذي لم يسبق له أن قاطع استحقاقا انتخابيا منذ تسعينيات القرن الماضي، بعد قرار زعيمته، لويزة حنون، الأسبوع المنصرم، بعدم المشاركة، وهي التي كان حزبها، برأي الكثير من المتابعين، من المنتفعين سياسيا من المرحلة السابقة، بالنظر لموقعه القريب حينها من مصادر صناعة القرار. ولا يستبعد أن تتوسع قائمة الأحزاب المتحفظة المحسوبة على هذا التيار، لتشمل حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (الأرسيدي) وفق مصادر من داخل هذا الحزب، فيما لم يصدر بعد أي قرار عن حزب آخر تمثيلي ضمن هذا التيار، وهو حزب جبهة القوى الاشتراكية (الأفافاس)، وهي الأحزاب التي لا تعارض الاستحقاق المقبل فقط، وإنما لديها رؤية وتوجها خاصا لكيفية تدبير المرحلة المقبلة، منذ أن أطاح "الحراك الشعبي" بالرئيس السابق، عبد العزيز بوتفليقة.