بعد أن أصبح ترشح الرئيس بوتفليقة لعهدة خامسة مسألة وقت فقط، استنادا إلى التصريحات التي صدرت عن الوزير الأول الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، أحمد أويحيى، السبت، يتحول تلقائيا بقية المترشحين إلى مجرد أرانب في السباق نحو قصر المرادية، وغير مؤهلين للمنافسة، لعدّة اعتبارات وحقائق. هذا المعطى لا يعني بالضرورة أن بعض المترشحين، غير قادرين على تجميع قطاعات واسعة من الجزائريين، غير أن "مرشح الإجماع" الذي تصطف وراءه أحزاب من التحالف وخارجه، ومنظمات جماهيرية وجمعيات وتنظيمات نقابية وهياكل الباترونا ورجال الأعمال، تجعله مثلما كشفت تجارب سابقة، أنه في موقع قوة. الجديد الذي يميز استحقاق أفريل المقبل، هو كثرة المترشحين وتنوع خلفياتهم السياسية والإيديولوجية، فمن خلال استقراء الوجوه التي قررت خوض السباق، يمكن الوقوف على تمثيل واسع للعائلات السياسية التقليدية (الوطنية، الإسلامية والديمقراطية) التي تراجع حضورها في المشهد، بسبب حالة التشرذم التي عانت منها في السنوات الأخيرة. حمس تختار مقري وتغازل الإسلاميين فحركة مجتمع السلم، التي لم تشارك في استحقاق من هذا القبيل بمرشحها منذ ما يناهز الربع قرن، قررت هذه المرة دخول المعترك برئيسها، عبد الرزاق مقري، وهو معطى لم تشهده الانتخابات الأخيرة، التي غاب عنها الإسلاميون تمثيلا أو مساندة، الأمر الذي قد يساعد على "تحريك" وعاء هذا التيار الذي تآكل بشكل كبير، وتحول إلى تيار خامل بسبب يأس قطاعات واسعة منه، من تحقيق التغيير المنشود عبر صندوق الانتخابات. بلعيد.. الممكن والمستحيل وحتى عبد العزيز بلعيد الذي سبق له وأن شارك في انتخابات 2014، وحقق نتائج فاجأت الكثير، إلا أن حضوره يبقى كذلك شكليا، قد يعمل برأي مراقبين على تزيين المشهد بمتسابقين يضيفون المصداقية إلى الانتخابات، فالأوساط التي يراهن عليها حزب "جبهة المستقبل"، تبقى محدودة وقد لا تفيد مرشحها سوى في إمكانية توسيع قاعدته الحزبية للاستحقاقات المقبلة. بن فليس.. محاولة جديدة أما رئيس "حزب طلائع الحريات"، علي بن فليس، فتبقى مشاركته وجها من أوجه التحدي لا أكثر، وربما في ذلك مصلحة للطرفين، لبن فليس الذي لفظه النظام منذ أن قرر التمرد على آليات اشتغاله، وكذا بالنسبة للسلطة ذاتها، لأن سباقا يضم شخصية ارتمت في المعارضة بعد ما شاركت في السلطة، كما هو الحال بالنسبة لزعيم "طلائع الحريات"، يعكس مسحة ديمقراطية، حتى وإن كان للصندوق رأي آخر، مثلما أكدته التجارب السابقة. حنون.. في الإعادة إفادة وتتقاطع زعيمة حزب العمال، لويزة حنون، مع بن فليس، في عامل التحدي، ف"المرأة الحديدية" كما يحلو للبعض تسميتها، فقدت الكثير من حضورها في المشهد السياسي، منذ أن غيّرت موقعها عشية الانتخابات الرئاسية السابقة، في أعقاب التململ الذي حصل في قمة هرم صناعة القرار السياسي، وعواقب أمثال هؤلاء، عادة ما يكون وخيما من الناحية السياسية، والأمثلة على ذلك كثيرة. غديري.. جنرال سئم من التقاعد ويبقى اللواء المترشح، علي غديري، هو "الحصان الأسود" في الانتخابات الرئاسية المقبلة، فالرجل لم يسبق له أن خاض استحقاقا انتخابيا بهذا الحجم، كما أنه غير مدعوم من قبل حزب سياسي، لكنه يحظى بدعم من قبل بعض الأوساط المالية والإعلامية حسب ما يروجون إليه، فضلا عن بعض الضباط المتقاعدين، وأغلبهم مدرج في قائمة "المغضوب عليهم" أو "الخلاطين". غديري وقبل أن يقرر خوض السابق، قاد حملة إعلامية ميزتها رسائل مثيرة صنعت الكثير من الجدل، وهو الأمر الذي يكون قد لفت إليه الانتباه، إلا أن هذه التصريحات جلبت له متاعب مع المؤسسة العسكرية، جسدتها التصريحات والتلميحات التي صدرت على لسان نائب وزير الدفاع وقائد أركان الجيش، الفريق أحمد قايد صالح، وكذا مجلة الجيش، لسان حال المؤسسة العسكرية، وهو المعطى الذي يضعه في خصام مع مؤسسة لها كلمتها في مثل هذه المواعيد. المترشحون كُثر ومن الصعوبة بمكان التوقف عندهم هنا، والأكيد أن العشرات منهم سيتوقفون عند عقبة المجلس الدستوري، وقبله نصاب جمع التوقيعات، وسينجو القليل فقط.