يحتفل الليبيون اليوم السبت بالذكرى الثامنة والثلاثين للثورة التي أوصلت قائدهم معمر القذافي إلى سدة الحكم . والقذافي هو أقدم قائد عربي في السلطة، ولكنه مع ذلك يستمر في قيادة شؤون بلاده بأسلوب وطريقة مختلفة ،حيث انفتح على الغرب سياسيا واقتصاديا ، وخصوصا على الولاياتالمتحدة التي كانت قد وصفته عام 1986 ب "الإرهابي الكبير" وشنت قواتها غارات على ليبيا استهدفت منزله الشخصي ،مما أدى إلى وفاة ابنته بالتبني . وتتزامن احتفالات هذا العام مع المساعي الجارية لنجل القذافي ،سيف الاسلام بتحقيق الانفتاح على المستويين الداخلي والخارجي . وفي هذا الإطار استقبلت طرابلس خلال الشهور الأخيرة بعض رؤساء الدول مثل نيكولا ساركوزي ،رئيس فرنسا وتوني بلير ،رئيس وزراء بريطانيا السابق وغيرهم ووقعت عقودا نفطية مع الاميركيين،كما أفرجت في جويلية الماضي على الطبيب الفلسطيني والممرضات البلغاريات المتهمين في قضية نقل فيروس الايدز إلى أطفال ليبيا ،وهي الخطوة التي زادت في تعزيز التقارب بين ليبيا والاتحاد الأوروبي .. وعلى الصعيد الداخلي يقود سيف الاسلام قطار الإصلاحات السياسية والاقتصادي ، وهي المساعي التي ما تزال تصطدم بعراقيل عديدة وسيما في المجال السياسي .وقد أكد سيف الاسلام في تصريحات صحفية مؤخرا أنه يتمسك بثوابت والده وأن هذا الأخير يعتبر خطا أحمرا لا يجب تجاوزه .كما نفى وجود أي نية لتوريثه الحكم مثلما تتناقل التقارير الإعلامية الدولية .. ولكن بخلاف المجال السياسي الذي ما يزال موصدا في وجه الأحزاب والمعارضة ، بدأت الجماهيرية الليبية تتجه نحو انفتاح إعلامي ،وقد حقق دعاة الإصلاح في هذا البلد بعض المكاسب في المجال الإعلامي ، حيث انطلقت مؤسسة إعلامية خرجت عن عباءة الدولة التي سيطرت على هذا القطاع على مدى أربعة عقود. وتزامنا مع احتفالات سبتمبر أعلن عن صدور صحيفتين جديدتين هما صحيفتا "ايويا" و"قورينا" " نسبة إلى اسمي طرابلس وبنغازي في اللغة الرومانية القديمة" وقد استبدلت الصحيفتان اللون الأخضر الذي يميز الصحف الرسمية بلون ازرق وطبعتا بإخراج مميز يجذب القارئ في محاولة لتثبت تميزها عن الصحف الرسمية. وبدأت "ايويا" في أعدادها الأولى بفتح ملفات لم تفتح من قبل ،حيث انتقدت أداء رئيس الوزراء، البغدادي المحمودي برسم ساخر يصور مدينة طرابلس تحتسي السم وتقول "بيدي لابيد البغدادي". إلا ان "قورينا" ذهبت إلى ابعد من ذلك وفتحت ملف الليبيين الذين غادروا البلاد "بسبب ظلم سياسي أو اقتصادي" كما قالت، داعية "الدولة الليبية إلى فتح المجال أمامهم وعدم إقصائهم للمشاركة الفعالة وبحرية في العملية السياسية". إلا ان العاملين في هذه المؤسسات يؤكدون ان العقيد معمر القذافي سيبقى خطا احمر لا يجوز تجاوزه .. وفي منتصف الشهر الحالي أعلن محمود البوسيفي المسؤول في "شركة الغد للخدمات الإعلامية" عن إنشاء مؤسسة إعلامية "مملوكة بالكامل للقطاع الأهلي" ،موضحا أنها شركة مساهمة تضم "الروابط الشبابية ورابطة الكتاب والأدباء والصحفيين وتعود لها ملكية قناة فضائية وإذاعة تحملان اسم الليبية".وقال أن "لدى الشركة مطبعة ضخمة لطباعة الكتب والصحف والمجلات وتعاقدت لتوزيع الصحف المحلية العربية والعالمية وخصصت 200 كشك لهذا الغرض تم توزيعهم على طرابلس وبنغازي. وأكد البوسيفي ان "نشاط الشركة الإعلامي لن يخضع لرقابة الأجهزة الإدارية للدولة وسيتناول قضايا تمس الشأن العام والخاص بحرية وبدون قيود". ويؤكد المراقبون ان إنشاء شركة "الغد" التي تريد ان تغير المشهد الإعلامي في ليبيا جاء نتيجة للمبادرات التي طرحها سيف الاسلام القذافي رئيس مؤسسة القذافي للتنمية ونجل الزعيم الليبي معمر القذافي بضرورة تحرير الإعلام والصحافة في البلاد. وكان سيف الاسلام وصف الإعلام الليبي بأنه "باهت" مؤكدا عدم وجود حرية صحافة في ليبيا وداعيا إلى استقلالية الإعلام "حتى يستطيع كشف الفساد وفضحه". وتصدر في ليبيا أربع صحف محلية مملوكة للدولة هي "الجماهيرية" و"الشمس" و"الفجر الجديد" و"الزحف الأخضر" التي تصدر عن حركة اللجان الثورية .. ويمنع القانون الليبي الأفراد من امتلاك وسائل إعلام خاصة. ليلى.ل