قادة بن عمار يحلّ علينا شهر رمضان المبارك هذا العام ونحن في أمسّ الحاجة إليه كجزائريين، بعدما كتب الله على البعض منّا قبل أيّام من حلوله أن يقدّموا أرواحهم البريئة ثمنا لخطيئة ارتكبتها (فئة باغية) ألغت عقلها ومسحت وعيها بحماقات طائشة ، كما ارتضت بفكرها الناقص تفسير الدين على هواها ورفضت اليد الممدودة إليها بشعار قرآني كريم نصّه الدعوة إلى الصلح والحوار بالتي هي أحسن، ولكن هيهات عندما يخضع الواحد منّا لصوت الباطل والمعصية ويقمع داخله نور الحق والهداية..لا فرق في ذلك بين الدين والسياسة، فالدين يفسده الهوى والسياسة تفسدها المصالح والمقاصد اللا مشروعة ! رمضان كم نحتاجك هذا العام، لتعيد القطار المنحرف إلى سكّته، ولنتأمل بعضنا البعض، بلا حواجز، ونحن نتشارك في عبادة الصوم، هذه الطاعة التي أصبحت الوحيدة التي تجمعنا كفرض ديني، بعدما تحولت الصلاة في زمننا إلى نفاق ومناسبات، وأصبح الحجّ سياحة و(تراباندو)، وتحولت الزكاة إلى مجرّد صندوق ! رمضان نحتاجك لنتذكر من نسيناه في زحام هذه الدنيا الفانية، من مشرد وفقير، ولقيط ومسكين، من اعتقدنا أن لهم وزارة تحميهم، لكن على العكس من ذلك تماما، فالوزارة أنتجت المزيد منهم، وأنكرت أكثرهم، وتحوّلت إلى مجرد موزع سنوي لقفة رمضان ، بل إنها لا تتوقف عن التبجح ليل نهار مصرّحة أن ثمن ما فيها من محتويات يصل إلى 3800 دج للقفة الواحدة، وكأن الجزائريين لا يستحقون في بلد البترول أكثر من ذلك، وكأنّ القفة هي حصة كل واحد منا في براميل الذهب الأسود الملتهبة أسعاره منذ سنوات !... رمضان نحتاجك بصدق، بعدما أوهمونا انّك لم تعد شهر الطاعات ونسوا أنّ فيك ليلة خير من ألف شهر، لقد حولوك إلى مجرد فصل سنوي لزيادة الوزن، وشهر طوارئ إضافي يحتاج إلى مخطط أمني مضاعف، فيما يحسبك الغافلون فرصة للنوم ومشاهدة التلفزيون والسهر إلى ساعات الفجر الأولى...هكذا رسمنا رمضان في عقولنا وبهذا الشكل أصبحنا نصومه. ولعل الشهر المبارك يأتي هذا العام ليذكّرنا كمسلمين وعرب بوحدتنا المفقودة، وتشتت رأينا الذي لامسناه مرة أخرى في خلافنا حول ثبوت رؤية الهلال من عدمه، وفي سعي الواحد منا لإلغاء وجود الآخر بالقوة، في العراق وفلسطين والجزائر وباكستان...اختلفنا حتى في مواعيد الآذان داخل الدولة الواحدة، وفي إتباع المذاهب الدينية، وفي الحلال والحرام وفتاوى الردة والإرضاع..اختلفنا حتى في لحية بن لادن، إن كانت حقيقية أو مزيفة !؟ رمضان نحتاجك بصدق أكثر من أي عام آخر، فهل سنكون في مستوى قدسيتك وطهارتك وحسناتك؟...لا أحد يعرف، وليست هنالك إجابة ماعدا التذكير بتهنئة بعضنا البعض في شهر مبارك كريم..فكل عام وأنتم بخير !